الشغور الرئاسي في لبنان يدخل يومه الـ159 وتأجيل جلسة الانتخاب إلى 19 نوفمبر

مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط»: «حزب الله» أبلغ مراجعيه أنه خلف عون بملف الرئاسة * مستشار رئيس حزب الكتائب لـ«الشرق الأوسط»: الجميل سمع من المسؤولين السعوديين الحرص على النموذج اللبناني والحضور المسيحي فيه

TT

بينما يدخل اليوم الشغور في سدة الرئاسة اللبنانية يومه الـ159 بغياب أي معطيات تؤشر إلى حلول مرتقبة للأزمة، انكبّت الجهود السياسية على محاولة تمرير مشروع تمديد ولاية المجلس النيابي على أن يحظى بغطاء سياسي وطائفي لا يهدد ميثاقيته.

وأعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري أنّه سيدعو الأسبوع المقبلة لجلسة نيابية لإقرار مشروع التمديد للبرلمان لسنتين و7 أشهر، الذي سبق أن تقدم به النائب نقولا فتوش في أغسطس (آب) الماضي. وحسم نواب تيار «المستقبل» ونواب بري كما نواب «الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي يتزعمه النائب وليد جنبلاط، ونواب تيار «المردة» الذي يترأسه النائب سليمان فرنجية، أمرهم لجهة التصويت مع تمديد جديد للمجلس خوفا من الفراغ على مستوى البرلمان وتماشيا مع تحذيرات وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي كرر أكثر من مرة أن الظروف الأمنية التي يمر بها لبنان لا تسمح بإجراء الانتخابات النيابية. فيما قرر نواب عون ونواب حزب «الكتائب» الذي يتزعمه رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل التصويت ضد التمديد احتراما لمبدأ تداول السلطة. ولا يزال موقفا «القوات» و«حزب الله» غير نهائيين في هذا المجال.

وعكس تأجيل بري أمس الجلسة الـ14 لانتخاب رئيس للجمهورية حتى 19 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حجم التعقيدات التي تحول دون التوافق على رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس السابق ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في 25 مايو (أيار) الماضي.

واقتصر عدد النواب الذي حضروا إلى البرلمان للمشاركة بالعملية الانتخابية على 52 نائبا معظمهم من قوى 14 آذار، فيما النصاب القانوني يحتاج إلى حضور 86 نائبا.

وأشار بري خلال لقائه عددا من النواب إلى أنه بعد التمديد سيعمد إلى العمل من أجل التركيز على عدد من الأولويات، وفي مقدمتها إحياء اللجنة المكلفة درس قانون الانتخابات النيابية، مؤكدا أن «انتخاب رئيس الجمهورية يبقى في صدارة الأولويات».

وكان رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» الزعيم المسيحي ميشال عون استبق موعد جلسة انتخاب الرئيس بإعلان موقف واضح وصريح بعد لقاء جمعه ببري أول من أمس، لافتا إلى أنّه متوافق معه على أن «ظروف الانتخابات الرئاسية حاليا غير مواتية».

وأكّدت مصادر مطلعة على أجواء «حزب الله» أن الحزب «لا يتعاطى بالملف الرئاسي، وهو يُبلغ كل من يقرع بابه للتباحث بالرئاسة أن الملف بعهدة العماد عون». وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «(حزب الله) لم يغيّر موقفه هذا، وليس بوارد التراجع عنه رغم تلقيه أكثر من تمنٍّ للضغط على عون لتقديم بعض التنازلات»، وأضافت أنّه يختصر موقفه بالقول لسائليه: «نحن نسير خلف عون بملف الرئاسة».

وحمّل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في مؤتمر صحافي عقده بعد إرجاء جلسة انتخاب الرئيس، «حزب الله» وتكتل عون، مسؤولية الاستمرار بشغور سدة الرئاسة. واعتبر أنّه «أيا كان الأمر يجب أن يكون عندنا رئيس للجمهورية، والفرصة متاحة لكي نتفاهم مع عون على رئيس سيكون الأقوى، ولكنهم لا يقبلون بهذا الموضوع».

وكانت لافتة الزيارة التي قام بها النائب عن حزب «الكتائب» سامي الجميل برفقة مستشار رئيس الحزب الوزير السابق سليم الصايغ، يوم أمس لعون في دارته في منطقة الرابية شرق بيروت، ووصفِه اللقاء بـ«الممتاز»، متسائلا: «إذا لم نلتق في هذه الظروف، فمتى سنلتقي؟». وقال الجميل ممازحا ردا على أسئلة الصحافيين: «حاولنا إقناع العماد عون بالنزول معنا إلى جلسة نيابية لانتخاب رئيس للجمهورية فلم يقتنع، ربما في المرة المقبلة».

وكشف الصايغ عن «تصور متكامل» يحمله الجميل للزعماء المسيحيين لا يرتقي ليكون «مبادرة» ولكنّه يبحث بحلول للأزمة الرئاسية ويسعى لبناء شبكة أمان للمسائل الطارئة محليا، وأبرزها ملف النازحين السوريين وخطر الإرهاب. وأوضح الصايغ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن حركة الجميل هدفها خلق ديناميكية معينة لتحقيق اختراق بجدار الأزمة، لأنّه «إذا لم نجد حلولا لأزماتنا فلا أحد سيحلها لنا، لا بل قد تفرض حلول جاهزة في وقت معين لا يمكن رفضها».

وكان النائب الجميل زار المملكة العربية السعودية قبل نحو أسبوع، حيث سمع، وبحسب الصايغ، «حرص المسؤولين السعوديين الشديد على الحفاظ على النموذج اللبناني والحضور المسيحي فيه».

وبحث رئيس حزب «الكتائب» أمين الجميل مع السفير السعودي علي عواض عسيري «وضع المؤسسات الدستورية من انتخاب رئيس إلى وضع مجلس النواب والجهود المبذولة لتفادي الفراغ»، وأكّد بيان صدر عن «الكتائب» بعد اللقاء أن «وجهات النظر كانت متطابقة، فالمملكة حريصة على استقرار لبنان والسلام فيه، وعلى تضافر جهود كل القيادات اللبنانية لمواكبة هذه المرحلة الدقيقة والصعبة على صعيد المنطقة ككل».

بدوره، جدّد عسيري التأكيد على حرص المملكة على «التواصل مع القيادات السياسية وتبادل الآراء لمعالجة هذه الأمور بحكمة وروية».