السلطة الفلسطينية تشن حملة غير مسبوقة لملاحقة المجرمين في الضفة الغربية

تهدف إلى إنهاء حالات الانفلات الذي أصبح يهدد أمن الفلسطينيين واستقرارهم

TT

قررت السلطة الفلسطينية توسيع نطاق نفوذها الأمني، ولو مؤقتا، في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، التي تضم عددا مهما من الخارجين عن القانون، يعيشون في مناطق تعرف باسم «إتش 2»، وتخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية وفق اتفاق الخليل الشهير.

وحذرت السلطة الفلسطينية المواطنين غير المطلوبين للعدالة، والقاطنين في نفس المناطق الجنوبية، من التعاون مع «الخارجين عن القانون»، وطالبتهم بأخذ الحيطة والحذر أثناء تنفيذ السلطات الأمنية «عمليات نوعية» قريبة، لكنها لم تحدد وقتها.

وتأتي هذه الحملة بعد تنفيذ واحدة ناجحة في مناطق قريبة من القدس وداخل قرى نائية في شمال الضفة.

وتعد هذه الحملات جديدة من نوعها، إذ بقي العمل لسنوات مقتصرا على شن غارات قصيرة لساعة أو ساعتين ضد بؤر «المطلوبين للعدالة»، نجح بعضها، بينما فشلت أخرى بسبب طبيعة هذه المناطق وتسليح المطلوبين، وتدخل الجيش الإسرائيلي أحيانا أخرى. لكن الأجهزة الأمنية لجأت هذه المرة إلى الحملات الموسعة والمستمرة لوقت غير قصير.

وحول طبيعة هذه الحملات قالت الأجهزة الأمنية الفلسطينية في بيان «إيمانا منا بالدور الطبيعي للأجهزة في حفظ الأمن والأمان للمواطن الفلسطيني، وصون كرامته وممتلكاته وعرضه، وبناء على قيام بعض الخارجين عن القانون بتجاوز كل الأعراف والعادات والتقاليد الموجودة في هذه المدينة منذ سنين، وقيامهم بعمليات سطو مسلح، وإطلاق النار وتجارة السلاح وترويع المواطنين، وتسريب عقارات وأراض للإسرائيليين، وممارستهم لتجارة المخدرات والإساءة لأعراض المواطنين، وأيضا استجابة لنداءات الغالبية من شرفاء هذه المنطقة نعلن أن المنطقة الجنوبية ومناطق أخرى من مدينة الخليل ستكون خلال الأيام والأسابيع القادمة مسرحا لعمليات نوعية للأجهزة الأمنية ضد ثلة من الخارجين عن القانون والفارين من العدالة».

ودعت الأجهزة الأمنية أهالي الخليل إلى أخذ الحيطة والحذر خلال أوقات عمل قوات الأمن، وعدم الوجود في أماكن عملها حرصا على سلامتهم. كما طالبت سكان المنطقة بالابتعاد عن سطوح المنازل والنوافذ والأزقة حتى لا يكونوا عرضة للإصابة، وطالبت بعدم السماح لأي شخص من «الخارجين عن القانون باعتلاء سطوح المنازل، وعدم إيواء المطلوبين والفارين من العدالة حتى لا يكونوا عرضة للمساءلة القانونية».

كما عرضت الأجهزة الأمنية على الخارجين عن القانون «تسليم أنفسهم قبل فوات الأوان»، ووعدتهم بمحاكمة عادلة حسب القانون، مؤكدة أن ما تقوم به من إجراءات على الأرض هو لمصلحة المواطن أولا وأخيرا، وحتى ينعم سكان المنطقة الجنوبية بالراحة والأمان مثل باقي مناطق المحافظة.

وتضم المنطقة الجنوبية مساحات واسعة من البلدات والسكان، وتعد بالنسبة للكثيرين وكرا للهاربين من القانون، وللمجرمين الذين ينفذون عمليات في مناطق أخرى ويفرون إلى مخابئهم. ويشير أهالي الخليل إلى أن بعض هذه البلدات التي تخضع بطبيعة الحال للسيطرة الإسرائيلية، على أنها تمثل «دولة مستقلة»، في إشارة إلى «مناعة» هذه البلدات أمام السلطة. وطالما أساء العجز الذي أبدته السلطة في مواجهة هؤلاء المجرمين إلى صورة الأمن الذي يرفع شعار قانون واحد وسلاح واحد. كما أنه ليس سرا أن بعض هؤلاء الهاربين ينتمون إلى عائلات كبيرة لها وزنها، وتعتبر عائلات الخليل الأقوى في الضفة الغربية، وما زالت تحتكم إلى القانون العشائري.

لكن أي من هؤلاء العائلات لم تساند أبناءها الهاربين، خصوصا وأن السلطة الفلسطينية نجحت إلى حد كبير في الحد من ظواهر السرقات والسطو المسلح، واعتقلت مطلوبين للقضاء وتجار مخدرات، ونهت ما كان يعرف بالخاوات في المناطق التي تحكمها في الخليل.

وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إنه «دون ضرب المجرمين في العمق واعتقالهم، فإن فرض القانون سيظل ناقصا»، وأوضحت أن كثيرا من المجرمين يتخذون من وجود الجيش الإسرائيلي حماية لهم، حيث يفرون إلى بؤر معروفة للسلطة، لكن ملاحقتهم تصبح غير ممكنة كل الوقت لأن العمل في مناطق تخضع للسيطرة الإسرائيلية يحتاج إلى تنسيق أمني. وأقرت المصادر ذاتها بأن عدد الهاربين من القانون تزايد مع السنوات على الرغم من الهجمات المحدودة التي شنتها السلطة، مؤكدة أن السلطة عازمة على إنهاء أي مظهر من مظاهر الانفلات في كل المناطق، حتى تلك التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية.