السودان وليبيا يتجاوزان «سحابة الصيف» في العلاقات.. والبشير يعرض «بناء» الجيش

وزير الدولة السوداني: قوات مشتركة لحفظ الحدود

TT

اتفقت دولتا ليبيا والسودان على عقد مؤتمر دول الجوار الليبي في الخرطوم، الشهر المقبل، لبحث تفاصيل الحوار بين الفصائل الليبية المتقاتلة، للوصول إلى حل سلمي للنزاع في الدولة النفطية التي تواجه عدم استقرار منذ سقوط حكم العقيد الراحل معمر القذافي.

وقال رئيس الوزراء الليبي، عبد الله الثني، إن «المؤتمر سيعقد الشهر المقبل في الخرطوم ويضع حجر الأساس للحوار بين الفصائل الليبية»، وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس السوداني عمر البشير بمطار الخرطوم في ختام زيارة للسودان، استمرت 3 أيام، امتنع الثني عن تقديم المزيد من التفاصيل بشأن الحوار الليبي، مكتفيا بالقول إنه مستعد للحوار مع الخصوم شريطة أن «تقدم جميع الأطراف تنازلات»، وقال الثني: «نفتح باب الحوار مع إخوتنا شريطة أن تكون هناك تنازلات من كل الأطراف»، ولكنه لم يقدم تفسيرا للتنازلات التي يعنيها لبدء التفاوض، وأضاف: «سنضع خطة للحوار في مؤتمر الخرطوم الشهر المقبل، ولا نريد كشف تفاصيلها حتى تنضج الفكرة التي تتطلب تنازلات متبادلة».

وأوضح رئيس الوزراء الليبي في مؤتمره الصحافي أن زيارته للسودان وضعت حجر الأساس لعلاقات متينة بين البلدين، وأن الطرفين تجاوزا - ما أسماه - «سحابة الصيف التي حاول البعض أن يعكر بها علاقات البلدين التاريخية»، وأثنى على ما وصفه بـ«دعم السودان لثورة 17 فبراير (شباط) الليبية التي أطاحت بالقذافي».

ووعد الثني بالعمل مع السودان لعودة الاستقرار إلى بلاده، استنادا إلى أن تدهور الوضع الأمني في ليبيا يؤثر على دول الجوار قاطبة، خصوصا السودان.

من جانبه قال الرئيس البشير إنه تحاور مع ضيفه بصراحة بشأن المعلومات التي تتناقلها وسائل الإعلام، واتفق معه على تنشيط العلاقات الثنائية ودور السودان في مساعدة ليبيا وصولا للسلام والتوافق في ليبيا.

واعتبر البشير أن زيارة رئيس الوزراء أعادت العلاقات بين البلدين «إلى وضعها الطبيعي»، مضيفا أن السودان «مهتم بتحقيق السلام في ليبيا»، وأكد أن الخرطوم «تتولى تدريب مئات من ضباط الجيش الليبي في معاهد وكليات الجيش السوداني، لأنها تدرك أهمية بناء جيش وطني قوي»، وجدد البشير تعهد حكومته بالعمل على إنهاء معاناة الشعب الليبي المستمرة قبل وبعد سقوط حكم القذافي، وأكد على أهمية بناء جيش ليبي قوي، وقال: «القذافي أهمل الجيش وكل مؤسسات الدولة، ونحن سنساعد في بناء هذا الجيش، عبر اتفاقيات التعاون العسكري بيننا».

واتهمت الحكومة الليبية المؤقتة أكثر من مرة الخرطوم بدعم الميليشيات الإسلامية، في الوقت الذي نفت فيه الحكومة السودانية بشدة تلك الاتهامات، وقالت إنها من أكثر دول الإقليم تضررا من حكم القذافي؛ مما يجعل منها داعما للاستقرار في ليبيا.

يذكر أن الملف الليبي كان قد شغل وقتا مقدرا من وقت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والسوداني عمر البشير، أثناء زيارة الأخير للعاصمة المصرية، وقال الرئيس السيسي إنهما اتفقا على تعزيز وحدة واستقرار ليبيا ودعم مؤسساتها الشرعية.

بينما قالت جامعة الدول العربية، الأسبوع الماضي، إن «العاصمة السودانية الخرطوم ستستضيف اجتماع مجموعة دول الجوار الليبي الأسابيع القادمة»، ونفت خروج السودان من المجموعة.

وأوصى الاجتماع الوزاري الرابع لمبادرة دول الجوار الليبي الذي عقد في القاهرة أغسطس (آب) الماضي، بعقد الاجتماع الخامس في الخرطوم، وتتبنى دول الجوار الليبي: «الجزائر، تونس، السودان، تشاد، النيجر»، بالإضافة إلى الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، مبادرة لحفظ وحدة ليبيا وسيادتها على أراضيها، وتدعو لعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ولحث الأطراف الليبية على الحوار الشامل، ونبذ العنف ودعم العملية السلمية.

ومن جهته، أكد الدكتور عبيد الله محمد عبيد الله، وزير الدولة بوزارة الخارجية السودانية، أن «المباحثات التي أجراها البشير مع الثني، تجاوزت حالة الفتور بين البلدين التي صاحبت الفترة الماضية، إلى مرحلة جديدة من العلاقات الاستراتيجية الحميمية».

وقال عبيد الله في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن «الرئيس الليبي اطمأن تماما على موقف القيادة السياسية في السودان ودورها الإيجابي»، وأضاف الوزير السوداني، أن «الطرفين اتفقا على ضرورة التنسيق الكامل في كل المحاور الأمنية والسياسية فيما يخص المواقف الإقليمية والدولية، وضرورة التنسيق التام لتعزيز دعم السودان لشعب ليبيا بصورة فاعلة، موضحا أنه تم الاتفاق على رؤية مشتركة، وأن الموقف السوداني فيما يخص الجانب الأمني تحديدا هو التعاون التام مع دول الجوار الليبي وعلى رأسها مصر، وأن هناك تنسيقا بين الخرطوم والقاهرة لمساعدة ليبيا، وهو ما سيدعمه المؤتمر المزمع إقامته قريبا.

وقال عبيد الله: «منذ وقت مبكر ونحن ننادي بإقامة هذا المؤتمر، في محاولة لتجنب التدخل الأجنبي قدر الإمكان، وذلك لحصر معالجة الأزمة الليبية في إطار الجوار الليبي، بحيث يكون في المنطقة بعيدا عن التدخلات الأجنبية ذات الأجندة الخارجية».

وفيما يتعلق بتصريحات ليبية حول تدريب ضباط سودانيين لمسلحين، أكد الوزير السوداني أن هذه المعلومة غير صحيحة، وأنه اتضح بما لا يدع مجالا للشك عدم دقتها، مشيرا إلى أن «رئيس الوزراء الليبي سيشهد تخريج بعض الضابط العسكريين الليبيين الذين تلقوا التدريب في السودان، وسيستمر مستقبلا هذا التعاون»، وقال عبيد الله: «اطمأنت الحكومة والقيادة السياسية الليبية الآن على أن هؤلاء الطلاب العسكريين جاءوا بطريقة رسمية من ليبيا، وتلقوا دراستهم وتدريبهم في السودان، وتم تخريجهم على أيدي القيادة الليبية نفسها، وهم امتداد للجيش الليبي، وليس لجهة أخرى»، وأضاف الوزير السوداني: «هناك قوة مشتركة بين الطرفين موجودة على الحدود منذ فترة طويلة، تتلقى الدعم الفني والمعونات من الطرفين، وقائد هذه القوة ليبي، وأي حديث عن أن هناك قوة سودانية تقوم بتدريب مسلحين في ليبيا، عار من الصحة، ولا يستند إلى أي دليل خارج الإطار العسكري الليبي».

وقال عبيد الله: «إن هذه الزيارة من الأهمية بمكان، لأنها وضعت العلاقات الثنائية بين البلدين في مسارها الصحيح، وكانت هناك مباحثات بين الرئيس البشير والثني اتسمت بالشفافية والوضوح الشديدين، وتناولت المجالات المختلفة، وعلى رأسها القضايا الأمنية، في ظل اتهام ليبي بأن طائرة سودانية نقلت أسلحة إلى مسلحين هناك».