ليبيا تطلب من مصر تسليم الناطق باسم آخر حكومة للقذافي

حكومة الثني تحذر من القيام بأعمال انتقامية.. والجيش يواصل عملياته العسكرية في بنغازي

TT

طلبت الحكومة الليبية رسميا من السلطات المصرية، أمس، تسليمها موسى إبراهيم، الناطق الرسمي السابق بآخر حكومة في عهد العقيد الراحل معمر القذافي. وقال عمر السنكي، وزير الداخلية في الحكومة التي يترأسها عبد الله الثني، في رسالة وجهها إلى نظيره المصري اللواء محمد إبراهيم وتداولها نشطاء ليبيون على مواقع التواصل الاجتماعي: «نأمل التفضل بتسليم المذكور الموجود حاليا في القاهرة»، مشيرا إلى أن الشرطة الدولية (الإنتربول) سبق وأن أصدرت مذكرة اعتقال بحق موسى عام 2012.

وكان مجلس النواب الذي يعتبر أعلى سلطة تشريعية ودستورية في ليبيا قد انتقد في بيان رسمي ظهور موسى إبراهيم وهو يتولى بيان ما يسمى الحركة الشعبية الليبية التي تضم موالين لنظام القذافي من القاهرة.

وسبق لليبيا أن طلبت من مصر تسليم العشرات من أتباع القذافي الذين لجأوا إليها بعد انهيار نظام حكمه عام 2011؛ لكن السلطات المصرية سلمت اثنين فقط أحدهما سفير ليبيا السابق لدى القاهرة، بينما امتنعت عن الاستجابة للطلب الليبي فيما يخص الباقين من دون أي تفسير. وحمل اللواء عبد السلام العبيدي، رئيس هيئة أركان الجيش الليبي السابق، أنصار النظام السابق مسؤولية عدم استقرار البلاد. واعتبر العبيدي في تصريح لوكالة أنباء الشرق، أن «أنصار النظام السابق مسؤولون مسؤولية كاملة عما يحدث من عدم استقرار بالبلاد»، مرجعا استمرار الاغتيالات بمدينة بنغازي منذ عام تقريبا، لعدم وجود أجهزة جنائية للكشف عن الجناة.

وبعدما لفت إلى أن الأجهزة الأمنية لم تحدد أي شخص شارك في هذه الأعمال الإرهابية، مما أدى إلى تزايد حدة الاغتيالات لعدم وجود العقاب. وتساءل: مَنْ صاحب المصلحة في هذه الاغتيالات؟ لافتا إلى أن من يقوم بهذه الاغتيالات هم مجرمون محترفون للجريمة. وتابع: «إن هناك مجموعات من المتطرفين بالبلاد، ولكن لم نحدد أماكنهم بالضبط حتى الآن ولا نريد خلط الأمور بعضها ببعض وأن نطلق على كل ملتحٍ لفظ إرهابي».

إلى ذلك، حثت الحكومة الانتقالية سكان مدينة بنغازي في شرق البلاد على ضبط النفس وعدم القيام بأي أعمال انتقامية خلال المواجهات التي يخوضها الجيش الليبي بدعم السكان المحليين ضد الجماعات الإرهابية في المدينة.

ودعت الحكومة سكان بنغازي إلى الامتثال للتعليمات الصادرة من رئاسة أركان الجيش والاحتكام للعقل، لافتة إلى أن المدينة تحتاج الآن إلى ضبط النفس والامتناع عن أي ممارسات تجلب الفوضى أو تخريب وسرقة الممتلكات العامة أو الخاصة أو الانتقام من أي مشتبه به يتم اعتقاله.

ولفتت الحكومة إلى أن عمليات الجيش الليبي مستمرة لتحرير المدينة مما سمته بؤر وأوكار الإرهاب الذي أرعب أهل بنغازي وعاث فيها قتلا وخطفا وتدميرا.

وقال الجيش الليبي إنه أحكم قبضته على كل المنطقة الشرقية في المدينة، وإنه يتم حاليا تمشيط المناطق التي كانت خاضعة لهيمنة الجماعات المتطرفة خاصة تنظيم أنصار الشريعة ومجلس شورى ثوار بنغازي. وواصل سلاح الجو الليبي شن غاراته على مواقع لهذه الميليشيات التي باتت تتحصن في منطقتي الصابري والليثي بالجزء الغربي من المدينة التي تشهد اشتباكات متقطعة بين قوات الجيش المدعوم بالسكان المحليين والمئات من المقاتلين المتطرفين ومعظمهم من الأجانب.

إلى ذلك، كشفت أمس منظمة العفو الدولية النقاب عن أنها تمتلك صورا التقطتها الأقمار الصناعية تشير إلى أن الفصائل المسلحة المتناحرة في ليبيا ارتكبت جرائم حرب عبر قصف مناطق سكنية مكتظة بالسكان في غرب البلاد.

وقالت المنظمة مستشهدة بصور الأقمار الاصطناعية التي نشرتها على موقعها الإلكتروني، إن المقاتلين من الجانبين أطلقوا صواريخ وقذائف مدفعية بشكل عشوائي على مستشفيات وأحياء سكنية في طرابلس ومنطقة ورشفانة في غرب البلاد.

وأضافت المنظمة في بيانها، أن «الميليشيات الخارجة عن القانون والمجموعات المسلحة من كل أطراف الصراع في غرب ليبيا ترتكب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان من ضمنها جرائم حرب».

وقالت المنظمة التي مقرها لندن «المجموعات المسلحة ربما قتلت دون محاكمة وعذبت أو أساءت معاملة معتقلين لديها كما أنها تستهدف المدنيين على أساس أصولهم أو ولاءاتهم السياسية».

وذكرت المنظمة أن انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان ارتكبت خلال عملية «فجر ليبيا» التي تقودها كتائب مصراتة والتي سيطرت على طرابلس وخصومها الرئيسيين من الزنتان وورشفانة.

وأوضحت المنظمة في ثاني تقرير من نوعه تصدره خلال شهرين، أن هجمات صاروخية مكثفة أصابت مستشفى ووحدة العناية المركزية فيها بأضرار في منطقة ورشفانة. وانزلقت ليبيا إلى هاوية الفوضى بعد أن سيطرت جماعة مسلحة من مدينة مصراتة في غرب البلاد على العاصمة طرابلس في أغسطس (آب) الماضي، بعد معارك شرسة مع فصائل مسلحة من مدينة الزنتان كانت تسيطر على مطار المدينة منذ الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي عام 2011. ويسود نوع من الهدوء معظم مناطق طرابلس حاليا غير أن القتال مستمر بين الفصائل في غرب المدينة، فضلا عن مدينة بنغازي في شرق البلاد التي تشهد مواجهة منفصلة بين القوات الموالية للحكومة والفصائل الإسلامية.

وقال عبد الله الثني رئيس الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، إنه مستعد لبدء محادثات سلام مع خصومه في طرابلس إذا قدم جميع الأطراف تنازلات لهذا الغرض.

من جهة أخرى، حصل عبد الحكيم بلحاج أحد قادة الجماعة الإسلامية المقاتلة سابقا في ليبيا، على حق التقاضي ورفع دعوى على بريطانيا، بسبب أضرار لحقت به جراء تعذيب على مدى سنوات، قال إنه تعرض له على يد رجال نظام معمر القذافي بعدما سلمه جواسيس بريطانيون وأميركيون إلى ليبيا بطريقة غير قانونية.

وقد يمهد حكم محكمة الاستئناف في لندن الطريق أمام مقاضاة الحكومة البريطانية في حالات مماثلة للتعذيب أو تسليم سجناء. ويزعم بلحاج وهو قائد سابق لمقاتلي المعارضة الذين ساعدوا في الإطاحة بالقذافي عام 2011 ويرأس الآن حزب الوطن الليبي، أن ضباطا في وكالة المخابرات المركزية الأميركية خطفوه هو وزوجته الحامل فاطمة من تايلاند عام 2004 ثم نقلوهما إلى طرابلس بمساعدة مسؤولين أمنيين بريطانيين. وقال القضاة في حكمهم: «المزاعم في هذه القضية - ورغم كونها مجرد مزاعم - فإنها تعد انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان». ولفتوا إلى أن «الحقيقة الواضحة هو أنه ما لم تتمكن المحاكم الإنجليزية من ممارسة اختصاصها في هذه القضية فإن هذه المزاعم الخطيرة للغاية ضد السلطة التنفيذية لن تخضع أبدا للتحقيق القضائي».

وقال بلحاج في بيان: «الجزء الخاص بنا في الاتفاق في الصحراء وهو الخطف والسجن السري لوكالة المخابرات المركزية الأميركية وغرفة التعذيب في طرابلس.. يبدو مؤلما وحديثا وكأنه حدث بالأمس فقط».

وتابع: «لم نحلم قط بأن بريطانيا ستتآمر في شيء كهذا إلى أن رأينا الدليل بأعيننا».

وواجهت وكالة المخابرات الداخلية البريطانية (إم آي 5) وذراعها الخارجية (إم آي 6) اتهامات لسنوات بالتورط في إساءة معاملة أشخاص يشتبه بأنهم متشددون على يد السلطات الأميركية في أغلب الأحيان.

ونفى وزراء بريطانيون مرارا أي علم بإرسال أي شخص للتعذيب في الخارج وصدرت تحذيرات من أن الكشف عن معلومات مخابرات سرية أمام المحاكم قد يضر بالعلاقات مع واشنطن.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية، إنها تبحث تفاصيل الحكم الصادر وستطعن ضده، لكنه لم يقدم مزيدا من التفاصيل، لكنّ مدافعين عن حقوق الإنسان قالوا إن الحكم مهم.

وقالت كوري كريدر مديرة منظمة ريبريف: «تخشى الحكومة كثيرا نظر المحكمة لهذه القضية التي عطلتها لسنوات بتقديم عدد من الفزاعات مثل القول مثلا، إن الولايات المتحدة ستغضب إذا أعطي السيد بلحاج وزوجته فرصة أمام المحكمة في بريطانيا».