مؤسس «الجماعة الليبية المقاتلة» بلحاج يحصل على حق مقاضاة بريطانيا

محاميته: خطوة إلى الأمام.. ولندن ستطعن في الحكم

عبد الحكيم بلحاج
TT

حصل مؤسس «الجماعة الليبية المقاتلة» على حق التقاضي ورفع دعوى على بريطانيا بسبب أضرار لحقت به جراء تعذيب على مدى سنوات قال إنه تعرض له على يد رجال نظام معمر القذافي بعدما سلمه جواسيس بريطانيون وأميركيون إلى ليبيا بطريقة غير قانونية. وقد يمهد حكم محكمة الاستئناف في لندن أمس الطريق أمام مقاضاة الحكومة البريطانية في حالات مماثلة للتعذيب أو تسليم سجناء.

ويقول عبد الحكيم بلحاج وهو قائد سابق لمقاتلي المعارضة ومؤسس «للجماعة الليبي المقاتلة» الذين ساعدوا في الإطاحة بالقذافي عام 2011 ويرأس الآن حزب الوطن الليبي إن ضباطا في وكالة المخابرات المركزية الأميركية خطفوه هو وزوجته الحامل فاطمة من تايلاند عام 2004 ثم نقلوهما إلى طرابلس بمساعدة مسؤولين أمنيين بريطانيين.

وقالت محامية بلحاج، سابنا مالك، عقب صدور الحكم: «إنها خطوة إلى الأمام ودالة جدا بالنسبة للقضايا التي يتوجب عرضها في نهاية المطاف على المحاكم البريطانية وقد أعطي سترو، والحكومة البريطانية، فرصة لاستئناف الحكم في المحكمة العليا».

وقالت وزارة الخارجية البريطانية إنها تدرس موضوع طلب استئناف. ولن تعرض القضية مرة أخرى في المحكمة إلا بعد تقديم طلب استئناف. وكانت بريطانيا والولايات المتحدة تحرصان في ذلك الوقت على إقامة علاقات مع القذافي بعد تعهده بنبذ رعاية الإرهاب وإنهاء برامج التسلح الكيماوي والنووي في ليبيا. وفي 2004 التقى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك توني بلير بالزعيم الليبي السابق في إطار ما وصف بأنه «اتفاق في الصحراء» لإعادة ليبيا إلى صف المجتمع الدولي بعد سلسلة من الهجمات في الخارج مثل تفجير الطائرة الأميركية فوق بلدة لوكيربي عام 1988.

وفي 2011 بدأ بلحاج مسعى قضائيا ضد جاك سترو وزير الخارجية البريطاني الأسبق وجهازي ام.اي 5 وام.اي 6 للمخابرات وضد رئيس سابق للمخابرات وإدارات حكومية ذات صلة لكن قاضيا في المحكمة العليا حكم العام الماضي بأن المحاكم الإنجليزية غير مختصة بنظر القضية.

وكان السبب في ذلك هو أن مزاعم خطف بلحاج وتسليمه تشمل دولا أخرى أهمها الولايات المتحدة وهناك حصانة للدول تحول دون محاكمتها أمام محاكم أجنبية. كما يمنع حظر الدعاوى التي تضع تصرفات الدول الأخرى في موضع مساءلة ذلك أيضا.

وألغى 3 قضاة في محكمة استئناف لندن هذا الحكم أمس مما يمهد الطريق أمام سعي بلحاج وزوجته للحصول على تعويضات عن الأضرار لكن المحكمة سمحت للحكومة بإحالة القضية إلى المحكمة العليا البريطانية.

وقال القضاة في حكمهم: «المزاعم في هذه القضية - ورغم كونها مجرد مزاعم - فإنها تعد انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. الحقيقة الواضحة هو أنه ما لم تتمكن المحاكم الإنجليزية من ممارسة اختصاصها في هذه القضية فإن هذه المزاعم الخطيرة للغاية ضد السلطة التنفيذية لن تخضع أبدا للتحقيق القضائي».

غير أن قضاة محكمة الاستئناف قالوا الخميس إن حصانة الدولة لا تمنع المضي في الإجراءات، وحكمت المحكمة بأن «هناك مصلحة عامة قوية في أن تحقق المحاكم البريطانية في تلك الادعاءات الخطيرة وكان بلحاج سجن 6 سنوات عقب عودته إلى ليبيا. وسجنت زوجته، ولكن أطلق سراحها بعد ولادتها طفلا».

ونفي جاك سترو، الذي كان وزير الداخلية في حكومة العمال وقتها، علمه بموضوع التسليم، أو سماحه بحدوثه.

ويقول بلحاج إنه احتجز أصلا في الصين قبل أن ينقل إلى ماليزيا ومنها إلى «موقع أسود» تابع لوكالة المخابرات المركزية الأميركية في تايلاند. وكان ضباط تابعون لوكالة المخابرات المركزية الأميركية تسلموا بلحاج بعدما تلقوا معلومة من جهاز ام.اي 6 البريطاني ونقل بلحاج جوا عبر جزيرة دييغو غارسيا البريطانية بالمحيط الهندي إلى طرابلس.

ولأنه كان خصما قديما للقذافي وضع بلحاج في السجن وتعرض للتعذيب إلى أن أطلق سراحه عام 2010 كما تعرضت زوجته لإساءة المعاملة أثناء حبسها لمدة 4 أشهر. وبعد سقوط القذافي عثر على وثائق تشير إلى أن مسؤولين بريطانيين كانوا على اتصال بقائد المخابرات الليبية السابق موسى كوسا فيما يتعلق ببلحاج.

وقال بلحاج في بيان «الجزء الخاص بنا في الاتفاق في الصحراء وهو الخطف والسجن السري لوكالة المخابرات المركزية الأميركية وغرفة التعذيب في طرابلس.. يبدو مؤلما وحديثا وكأنه حدث أمس فقط. لم نحلم قط بأن بريطانيا ستتآمر في شيء كهذا إلى أن رأينا الدليل بأعيننا».

وواجهت وكالة المخابرات الداخلية البريطانية ام.اي 5 وذراعها الخارجية ام.اي 6 اتهامات لسنوات بالتورط في إساءة معاملة أشخاص يشتبه بأنهم متشددون على يد السلطات الأميركية في أغلب الأحيان.

ونفى وزراء بريطانيون مرارا أي علم بإرسال أي شخص للتعذيب في الخارج وصدرت تحذيرات من أن الكشف عن معلومات مخابرات سرية أمام المحاكم قد يضر بالعلاقات مع واشنطن.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية إنها تبحث تفاصيل الحكم الصادر أمس وستطعن ضده لكنه لم يقدم مزيدا من التفاصيل.لكن مدافعين عن حقوق الإنسان قالوا إن الحكم مهم.

من جهتها, قالت كوري كريدر مديرة منظمة ريبريف: «تخشى الحكومة كثيرا نظر المحكمة لهذه القضية التي عطلتها لسنوات بتقديم عدد من الفزاعات مثل القول إن الولايات المتحدة ستغضب إذا أعطي بلحاج وزوجته فرصة أمام المحكمة في بريطانيا».