رئيس لجنة الشؤون الخارجية الإيراني: نتفاوض من «موقع قوة» مع الدول «الست»

علاء الدين بروجردي: «داعش» تسونامي المنطقة والعالم.. و«التحالف» ليس الحل الأمثل

TT

تقدم إيران رواية مختلفة عما جرى في الجولة الأخيرة من المفاوضات النووية في فيينا مع مجموعة «5+1»، الدول الخمس دائمة العضوية إضافة إلى ألمانيا، خصوصا لجهة ما أنجز من ملفات وحظوظ التوصل إلى اتفاق نهائي قبل 24 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. كذلك يبين الجانب الإيراني ما يقبل به وما يرفضه ويعتبره «خطوطا حمراء» لا يمكن التساهل في شأنها. وبموازاة ذلك، تدور داخل الأروقة الإيرانية معركة حامية بين أصحاب الخط «المعتدل» والمتشددين الذين يتهمون الطرف الأول بعقد اتفاق ضمني مع الولايات المتحدة الأميركية يتخلون فيه عن حقوق إيران النووية الثابتة.

هذه الرواية وردت على لسان رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي الذي قام بزيارة رسمية لباريس بدعوة من نظيرته في مجلس النواب الفرنسي أليزابيث غيغو. وفي لقاء معه نظمته الأكاديمية الدبلوماسية الدولية في العاصمة الفرنسية، اعتبر بروجردي أن «حظوظ النجاح في التوصل إلى اتفاق نهائي (مع الستة) ليست ضعيفة رغم أن دولا لا ترغب بذلك». وأضاف بروجردي أن الجانبين المتفاوضين «يتقدمان نحو الاتفاق بجدية ورصانة». كذلك أكد المسؤول الإيراني أن المفاوضين «يحققان تقدما ويقتربان من الاتفاق» بشأن الموضوع الشائك المتمثل في عدد الطاردات المركزية المستخدمة في تخصيب اليورانيوم التي سيتاح لإيران الاحتفاظ بها. أما النقطة الثالثة التي رواها بروجردي فتقول إن الستة «قبلوا أن نحافظ على كل منشآتنا النووية، لكن مع الحد من إمكاناتها»، بينما طهران تربط التخصيب وكمياته بـ«الحاجات» المترتبة على برنامجها النووي ومن غير استبعاد بناء مفاعلات جديدة ستحتاج بدورها لمزيد من اليورانيوم المخصب. وخلاصة المسؤول الإيراني أن بلاده «تتفاوض من موقع قوة» مع «الستة» وأنها تمتلك المعرفة والمهارات بخصوص كامل الدورة النووية.

في المقابل، فإن إيران مصرة بشكل لا رجعة عنه على أن ترفع كل العقوبات المفروضة عليها إن من مجلس الأمن أو من الولايات المتحدة الأميركية أو أوروبا «فور التوقيع على اتفاق» الذي يفترض فيه أن يتضمن شقين: الأول، خاص بالإجراءات والتدابير المتعلقة بالبرنامج النووي، فيما يفترض بالشق الآخر أن ينص على رفع العقوبات فورا.

والحال أن الجانب الغربي يقدم عرضا مختلفا عما جاء على لسان بروجردي؛ إذ لا يبدي التفاؤل نفسه لجهة التوصل إلى اتفاق نهائي، لا بل إن مصادر فرنسية رفيعة المستوى تعتبر أن هناك «شكوكا» لجهة إنجاز الاتفاق لأن إيران «لم تتخذ بعد القرار السياسي» الذي وحده يفتح الطريق لإنجازه. كذلك تعتبر هذه المصادر أن الهوة كبيرة جدا بين ما تريد إيران الإبقاء عليه من طاردات وكميات اليورانيوم المخصب، وما تقبل به «الستة»، خصوصا الغربيين. أما ما يقوله بروجردي عن «قبول» الستة ببقاء برنامج إيران على ما هو عليه، فإنه مختلف عما يؤكده هؤلاء لجهة إصرارهم على الحد من حجم وإمكانات هذا البرنامج. وأخيرا، لا يقبل الغربيون أبدا رفعا فوريا للعقوبات ويريدون رفعا تدريجيا ربما يكون مربوطا بمدى التزام إيران بشروط الاتفاق.

وفي مداخلته أمام مجموعة مرموقة من الدبلوماسيين والاختصاصيين والإعلاميين، عرض بروجردي بعض ملامح السياسة الإيرانية في المنطقة الأمر الذي عكس حجم الاختلاف في وجهات النظر بين مواقف إيران ومواقف الدول الغربية وكثير من الدول العربية.. فإيران مثلا التي لا تنتمي إلى التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، لها رؤية مختلفة. فبروجردي يرى في تنظيم داعش «تسونامي للمنطقة والعالم»، لكنه يجزم بأن إقامة التحالف وتحركه على الأرض «ليس أفضل الحلول» لأن العمل العسكري «من قبل دول خارجة عن المنطقة سيقوي (داعش)». ولذا، كان من الأفضل، برأيه، أن يوفر السلاح للعراق والعراقيين «وعندها (داعش) سيدحر». وبرر بروجردي بقاء إيران خارج التحالف بأن دولا (لم يسمها) «كانت تدعم (داعش) وهي الآن جزء منه». لكن هذا الوضع لا يمنع طهران من وضع «كل خبراتها في محاربة الإرهاب» للمساعدة على دحر «داعش».

من جانب آخر، دافع بروجردي بشدة عن النظام السوري، وشدد على أن تدخل بلاده في سوريا «جاء بناء على طلب الرئيس الأسد»، وكذلك الأمر في العراق. ونفى المسؤول الإيراني أن يكون بشار مسؤولا عن قيام «داعش»، مؤكدا أن «الجهاديين» هم من أخرج السجناء وليس النظام، منبها إلى أن «أخطر الحلول هو دعم الإرهابيين من أجل إسقاط نظام سياسي (النظام السوري)». كذلك نفى نفيا مطلقا أن يكون لإيران أي دور في اليمن، مضيفا أن «أي اتهام لإيران لا أساس له من الصحة». ولم يفت بروجردي أن ينبه إسرائيل إلى «ارتكاب الخطأ العظيم» إذا هي قامت بمهاجمة إيران «لأن من هزم إسرائيل، (في إشارة إلى حزب الله، وحماس)، هم حلفاؤنا».

أما بخصوص السعودية، فقد قال بروجردي إنها «بلد مهم في المنطقة، والتعاون معه يؤمن الاستقرار.. وإيران جاهزة لذلك».