ردود دولية متباينة إزاء تراجع «إيبولا» في أحد مواطنه بأفريقيا

كوريا الشمالية تفرض الحجر الصحي على زوارها «أيا كان البلد الذي قدموا منه»

TT

أثار الإعلان عن تراجع عدد الإصابات الجديدة بفيروس إيبولا في ليبيريا، إحدى الدول الأكثر معاناة من الوباء، ردود فعل دولية متباينة أمس، إلا أن السلطات الصحية والمنظمات غير الحكومية المشاركة في مكافحة الفيروس بغرب أفريقيا أجمعت على ضرورة مواصلة الجهود المكثفة والتعبئة الدولية.

فقد أعلن البنك الدولي أمس عن صرف 100 مليون دولار إضافية بهدف تسريع نشر مئات العاملين الصحيين الأجانب في غرب أفريقيا، وتمويل إنشاء مركز تنسيق للأمم المتحدة في غانا. وأكد وكيل وزارة الصحة في ليبيريا تولبرت نينسوا أن الفيروس ينتشر على شكل «موجات»، وأن تدني الإصابات لا يمكن أن يكون دائما إلا إذا شهدنا حالة مماثلة في سيراليون وغينيا المجاورتين.

ولا يزال الشعور بالقلق قائما في العالم، ويدور جدل في الولايات المتحدة بشأن الحجر الصحي المفروض على المعالجين العائدين بعد المشاركة في مكافحة إيبولا. كما حذر أحد مكتشفي الفيروس الطبيب بيتر بيو من المخاطر المطروحة على الصين التي تنفذ مشاريع عدة ويوجد عدد كبير من مواطنيها في غرب أفريقيا. وقال بروس إيلوراد مسؤول منظمة الصحة العالمية في جنيف أول من أمس إنه صدم لإساءة تفسير النبأ المتعلق بتراجع الإصابات الجديدة في ليبيريا ومن القول إن المرض تحت السيطرة.

وسجلت ليبيريا وحدها نصف الإصابات بإيبولا، أي 6535 إصابة أدت 2413 منها إلى الوفاة، وفق منظمة الصحة العالمية. وبلغ إجمالي الإصابات نحو 13700 إصابة حتى 27 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بينها 4922 وفاة على الأقل.

وحذرت منظمة «أطباء بلا حدود» التي تبذل جهودا حثيثة لمكافحة إيبولا في غرب أفريقيا أمس من أن تراجع الإصابات الجديدة في ليبيريا، قد يكون خادعا، أو عابرا. وقال رئيس بعثة «أطباء بلاد حدود» في ليبيريا فاضل تزيرا في رسالة نشرت مقتطفات منها وكالة الصحافة الفرنسية: «من المبكر جدا استخلاص نتائج بشأن تراجع حالات إيبولا في مونروفيا. ليست لدينا رؤية شاملة حول انتشار المرض والتقديرات قد لا تكون موثوقة»، مشيرا إلى احتمال أن يكون الأمر ناجما عن الامتناع عن تسليم جثث المتوفين بإيبولا لحرقها، أو ضعف عمل سيارات الإسعاف أو جهاز الرعاية. وأضاف أن موجة الوباء الحالية «غير متوقعة، فقد شهدنا أحيانا تراجعا في منطقة لتعود الإصابات للارتفاع بشكل كبير لاحقا»، داعيا إلى «مزيد من المساعدات على الأرض وتكثيف البحث عمن يحتكون بالمرضى، وتشديد العمل على التخلص بأمان من الجثث». وقال إن الحالات التي يتم الإبلاغ عنها عبر رقم طوارئ إيبولا والتي لا يتم جمعها بسبب عدم توافر سيارات إسعاف، لا يتم احتسابها في الحصيلة.

وقال وكيل وزارة الصحة الليبيري: «نلاحظ بعض التحسن في جهود التعبئة، ولكن هذا لا يعني أن علينا الاكتفاء بذلك، لأن كل إصابة بإيبولا يمكن أن تتحول إلى وباء».

وفي سيراليون، انتقد رئيس المركز الوطني لمكافحة إيبولا بالو كوتيه السلوكيات الخطرة وعدم الانضباط التي تضعف جهود مكافحة الوباء. وقال كوتيه مشيرا إلى حوادث شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة: «ينبغي عدم مهاجمة سيارات الإسعاف ولا فرق الدفن، ولا إقامة الحواجز عندما يحصل تأخير في أخذ أقربائنا». وعبر عن أسفه لأن الناس «لا يزالون يغسلون الجثث ويدفنونها في الليل رغم أنه بات من المكن جمع الجثث لدفنها بصورة آمنة وكريمة خلال 24 ساعة» في غرب البلاد، بما في ذلك العاصمة فريتاون.

وفي بروكسل، قالت سمانثا باور السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة بعد جولة في غرب أفريقيا إنه لا يزال على الأسرة الدولية أن تبذل جهدا أكبر بكثير في مواجهة الفيروس. وأضافت خلال تجمع رعاه صندوق مارشال الأميركي: «إننا نقف عند منعطف تاريخي. نواجه أخطر أزمة صحية عامة في تاريخنا». وتابعت: «رغم أنه لا تزال هناك نواقص في ردنا الجماعي»، فإن المساعدات الدولية والجهود المحلية التي باتت أقوى بدأت تحدث فرقا. وقالت إن رجال الدين المسلمين في غينيا، على سبيل المثال، يشجعون الناس على دفن ضحايا إيبولا بطريقة آمنة للمساعدة في وقف انتشار الفيروس، وإن مختبرا للبحرية الأميركية في ليبيريا يصدر نتائج الفحوص للكشف عن المرض خلال ساعات بدلا من أيام، كما بات لدى عيادة «أطباء بلا حدود» في مونروفيا ما يكفي من الأسرَّة، ولم تعد ترفض استقبال المرضى. وقالت أيضا إن «المساهمات الدولية والجهود المحلية بدأت تنقذ أرواح الناس وتقدم أول الأدلة الملموسة على أنه يمكن وسيتم التغلب على الفيروس».

وفي الولايات المتحدة، تبدو المعركة ضد الوصمة التي تلحق بالمرضى والأفارقة صعبة رغم تدخل الرئيس باراك أوباما شخصيا. وقال أوباما إن «الوسيلة المثلى لحماية الأميركيين من إيبولا هي في وقف الوباء في المنبع». وخرجت الممرضة العائدة من سيراليون حيث شاركت في علاج مرضى بإيبولا من منزلها أمس في ماين (شمال شرقي البلاد)، متحدية قرارا بوضعها في الحجر الصحي.

وشجب أفراد من الجالية الأفريقية في نيويورك أول من أمس المضايقات التي يتعرض لها أبناؤهم في المدرسة والصعوبات التي تواجهها أعمالهم بسبب حالة الخوف المتأتية من الفيروس. وأعلنت كوريا الشمالية أنها ستفرض الحجر الصحي لمدة 21 يوما على كل الأجانب القادمين إلى البلاد أيا كان البلد الذي يأتون منه، بسبب إيبولا. ونقلت الخبر السفارة البريطانية في بيونغ يانغ، وتم وضعه على موقع الحكومة البريطانية تحت بند نصائح للمسافرين، ويبدو أنه تم إبلاغه لكل البعثات الدبلوماسية في العاصمة الكورية الشمالية. ورغم عدم تسجيل أي إصابة في كوريا الشمالية بالوباء، فإن بيونغ يانغ قررت الأسبوع الماضي إغلاق حدودها أمام السياح الأجانب خشية وصوله إليها.

من جانبها طلبت الفلبين أمس من مئات من مواطنيها مغادرة الدول المصابة بإيبولا مع الإعلان عن وضع العائدين في الحجر الصحي لمدة 21 يوما. ويوجد نحو 900 عامل فلبيني في ليبيريا وغينيا وسيراليون.