الجيش اللبناني يداهم مخزن سلاح للشيخ دقماق في طرابلس ويوقف 14 شخصا

معظم النازحين عادوا إلى منازلهم.. و40 مليون دولار من الحريري والحكومة لإغاثتهم

TT

وسّع الجيش اللبناني يوم أمس الجمعة عملياته في مدينة طرابلس شمال لبنان بعد أسبوع على اندلاع المعارك هناك مع مجموعات مسلحة، فداهم أحد مخازن السلاح التابعة لرئيس جمعية «اقرأ» السلفية الشيخ بلال دقماق المتواري عن الأنظار وأوقف 14 شخصا مشتبها بتورطهم بعمليات ضد مراكز عسكرية وفكك عبوات ناسفة.

في هذه الأثناء، أفادت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» بعودة معظم النازحين الذين تركوا منازلهم في منطقة باب التبانة خلال المعارك إليها، بعدما كانوا قد لجأوا إلى مدارس المدينة، فيما أمّنت العائلات التي دمّرت منازلها مأوى مؤقتا بعد حصولها على مبالغ مالية من الهيئة العليا للإغاثة. ويُتوقع أن تنطلق قريبا عملية إعادة الإعمار في التبانة والأسواق القديمة حيث تركزت المعارك بين الجيش والمسلحين، خاصة بعدما خصص مجلس الوزراء مساء الخميس سلفة بـ30 مليار ليرة لبنانية أي ما يعادل 20 مليون دولار لإعادة تأهيل وإنماء المناطق المنكوبة في الشمال والتعويض الفوري للمتضررين، في وقت أعلن رئيس الحكومة الأسبق زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري عن تخصيص مبلغ 20 مليون دولار، للغاية عينها.

وعبّر الحريري في بيان عن «تقديره واعتزازه بأبناء التبانة والأسواق القديمة في طرابلس، الذين واجهوا باللحم الحي تلك الظروف الأمنية القاسية، ورفضوا أن يكونوا قاعدة لأدوات التطرف في مواجهة الجيش والخروج عن منطق الدولة»، معتبرا أن موقفهم هذا شكّل «الرد المطلوب على النافخين في رماد التحريض والباحثين عن أي وسيلة لتبرير مشاركتهم في الحرب السورية ووقوفهم إلى جانب النظام القاتل لبشار الأسد».

وأوضح الحريري أنه قرر تكليف فريق عمل من المهندسين وأصحاب الاختصاص في تيار المستقبل لإعداد الدراسات ووضع المساعدة موضع التنفيذ السريع.

ولا يبدو أن أهالي طرابلس مطمئنون إلى أن جولة المعارك التي شهدتها مدينتهم الأسبوع الماضي ستكون الأخيرة. وهو ما عبّر عنه ر.ب (46 عاما) في حديثه لـ«الشرق الأوسط» متوقعا أن «تنطلق جولة أخرى في أي وقت ومن أي مكان في طرابلس بعدما أثبتت المعارك الأخيرة أنها لم تعد محصورة في موقع معيّن باعتبار أنّها طالت الأسواق القديمة التي لم تعرف مواجهات مسلحة حتى خلال الحرب الأهلية». ورأى ر.ب أن عدم توقيف معظم المتورطين بالأحداث الأخيرة وخاصة القياديين منهم وأبرزهم شادي المولوي وأسامة منصور، يجعل الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات. وأضاف: «حتى أن الجيش يتوقع معارك مقبلة فهو يقوم بتدعيم عدد من المتاريس المقابلة لثكناته ومراكز تجمع عناصره». ويشتكي أهالي المدينة من انقطاع خدمة الإنترنت منذ يوم الاثنين الماضي، ويواجهون صعوبات بإرسال رسائل نصية تزامنا مع تنفيذ الجيش مداهماته.

وأعلنت قيادة الجيش في بيان أنّها أوقفت مساء الخميس في منطقة طرابلس، 8 أشخاص لبنانيين لإقدام بعضهم على إطلاق النار، والبعض الآخر على رمي قنابل يدوية باتجاه مراكز الجيش في أوقات سابقة، كما أوقفت 6 سوريين للاشتباه بهم، ولتجولهم داخل الأراضي اللبنانية من دون أوراق قانونية.

وأشار البيان إلى عمليات دهم نفذتها قوة من الجيش لـ«عدد من الأماكن المشبوهة في محلة أبي سمرا - طرابلس، حيث تمكنت من ضبط مخازن تحتوي على كميات من البنادق الفردية والرشاشات والقذائف الصاروخية والقنابل اليدوية والذخائر، بالإضافة إلى كميات من المتفجرات والأعتدة العسكرية المتنوعة».

وأوضحت مصادر إسلامية في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» أن أحد هذه المخازن التي تم ضبطها يعود للشيخ دقماق، كاشفة أنّه يتواجد حاليا في تركيا.

ونقل موقع «المنار» التابع لحزب الله عن مصادر أمنية قولها بأن الجيش اللبناني داهم مباني في محلة أبي سمرا بطرابلس تعود ملكيتها لدقماق بعد اعترافات قام بها والده الموقوف، وتم العثور على كميات كبيرة من الأسلحة والقذائف والعتاد صادرها الجيش الذي أوقف أيضا سوريين خلال العملية.

وأوضحت المصادر أن «شقة دقماق كانت مراقبة منذ فترة زمنية، وكانت سيارات رابيد تفرغ حمولات على أساس أنها مساعدات عينية للنازحين السوريين القاطنين في مبنى دقماق». ورد دقماق على مداهمة الجيش مباني وشققا يمتلكها عبر بيان تم تناقله على مواقع التواصل الاجتماعي، فاعتبر أنّه «لا يوجد بيت في لبنان أو جماعات في طرابلس أو أي مدينة أخرى إلا وتكدّس الأسلحة»، لافتا إلى أنّه من واجب الجيش مصادرة الأسلحة من الجميع. وقال: إن «السلاح المصادر قديم جدا وأغلبه بال وهو موجود من تبعات الحرب اللبنانية وهو مخزّن وليس مجهّز للاستعمال».

وأضاف دقماق «نحن وجميع اللبنانيين يجب أن نكون تحت القانون، ولكن هل يطبق القانون على الجميع؟» ودعا قائد الجيش للحوار مع «من يطلق عليهم تسمية أصوليين أو ما شابه وتسوية أوضاعهم بالعدل وتجنيب لبنان الصراعات».

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بالعثور على عبوة ناسفة في سوق الخضار في باب التبانة، أثناء قيام وحدات الجيش بحملة تفتيش لعدد من منازل المشتبه فيهم. وقد عمل الخبير العسكري على تفكيكها. في حين تحدث تلفزيون «المؤسسة اللبنانية للإرسال» عن تفكيك الجيش 5 عبوات معدة للتفجير قرب مسجد الرشواني في سوق الخضار، يرجح أنها من مخلفات المعركة الأخيرة.

وأشارت الوكالة إلى دوريات وحواجز وعمليات نفذتها وحدات الجيش في قرى عكار وخاصة في بحنين وأطرافها، وصولا إلى البساتين والطريق المؤدي إلى سد البارد وفي فنيدق، موضحة أنّه تم توقيف عدد من المطلوبين داخل أحياء المنية. وكان القضاء اللبناني ادّعى أول من أمس الخميس على 18 شخصا يشتبه بانتمائهم إلى تنظيم «داعش» بتهمة السعي لإنشاء «إمارة» في شمال البلاد.

وبين المتهمين الذين يواجهون عقوبة الإعدام 3 معتقلين أحدهم أحمد ميقاتي الذي أشعل اعتقاله الأسبوع الفائت مواجهات عنيفة في طرابلس، و15 آخرين فارين.