محللون يتوقعون دورا لشمخاني في إصلاح علاقات إيران مع الغرب

رئيس مجلس الأمن القومي من قدامى الحرس الثوري لكن من غير المرجح أن يتحدى الإجماع

علي شمخاني
TT

تتواصل الجهود للتوصل إلى اختراق في المفاوضات حول الملف النووي الإيراني والدول الكبرى قبل الموعد النهائي للمفاوضات في الرابع والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

ورغم العد التنازلي للوصول إلى هذا الموعد بدت عدة آراء متفائلة بشأن قدرة الدول الكبرى على التوصل إلى اتفاق بحلول هذا الموعد، وتوجهت الأنظار إلى مسؤول إيراني بارز وقدرته على التقريب في وجهات النظر بين المخيم المتطرف والآخر المعتدل داخل إيران حول المفاوضات مع الغرب، وهو علي شمخاني رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني.

ويقول ألكس فاتانكا الباحث بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن إن قرار الرئيس الإيراني حسن روحاني بتعيين علي شمخاني (وهو أبرز شخصية من أصول عربية في جهاز الحكومة الإيراني) في منصب رئيس مجلس الأمن القومي في سبتمبر (أيلول) 2013 يهدف إلى إزالة الضرر الذي تسبب فيه سلفه سعيد جليلي الذي كانت تصريحاته صادمة ومتشددة. وقد قوبل تعيين شمخاني بترحيب كبير من الإصلاحيين والمعتدلين. ويتولى جهاز الأمن القومي الإيراني وضع السياسات الاستراتيجية في مجالي الدفاع والأمن تحت توجيهات المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

ويشير الباحث بمعهد الشرق الأوسط إلى تدرج شمخاني في وظائف قيادية هامة، فقد رقاه آية الله خامنئي في عام 1989 إلى رتبة أدميرال، ونقله من الحرس الثوري إلى القوات المسلحة النظامية الإيرانية وتولى بعدها شمخاني القيادة المشتركة لبحرية القوات المسلحة والحرس الثوري. وفي عام 1997 عين محمود أحمدي نجاد الرئيس السابق لإيران شمخاني في منصب وزير الدفاع، وكانت تلك الخطوة بادرة قوية تنم عن أن شمخاني كان قادرا على أن يحظى بقبول واسع لدى الأطياف السياسية في إيران.

ويقول الباحث «عندما عين شمخاني في منصب رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني، كانت هناك ريبة حول ما يمكنه تحقيقه بعد نقل مسؤولية الملف النووي من المجلس الأعلى للأمن القومي إلى وزارة الخارجية تحت قيادة جواد ظريف، لكن اتضح بعد ذلك أن نية الرئيس حسن روحاني منذ البداية أن يجعل من شمخاني وسيط طهران في علاقاتها المضطربة مع العالم العربي ومع القوى الكبرى».

ويرى فاتانكا أن قرار طهران التخلي عن نوري المالكي يشير إلى أن شمخاني وضع بصمته في سياسات إيران الإقليمية وأصبحت له اليد العليا في الجدال الدائر بين صقور إيران لكنه يشكك في قدرة شمخاني على إحداث تحول حقيقي في سياسات طهران الراسخة.

ويقول فاتانكا «المعروف عن شمخاني براعته في الرد على المتشددين على الجبهة الداخلية وهو من قدامى الحرس الثوري وتدرج في المناصب حتى وصل إلى قلب إيران السياسي»، وأضاف: «شمخاني ليس بالمتمرد على النظام الحاكم ومن غير المتوقع أن يتحدى الإجماع على السياسات في طهران».

ويطرح الكاتب السياسي ديفيد إغناتيوس في مقاله بصحيفة واشنطن بوست (راجع الرأي) تساؤلات حول علي شمخاني وقدرته على اكتساب مكانة بارزة في الحكومة الإيرانية في التعامل مع بعض الصراعات الإقليمية في العراق وسوريا وفي المحادثات النووية مع القوى الكبرى.

ويقول إغناتيوس إن شمخاني الذي لعب دورا رئيسيا في الصيف الماضي في الإطاحة برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي له صلات قوية مع الرئيس حسن روحاني والمرشد الأعلى علي خامنئي، مستشهدا بتصريحات لحسين موسويان المسؤول الإيراني السابق والبروفسور بجامعة برينستون حاليا التي أشار فيها إلى قدرة شمخاني على لعب دور مؤثر في إدارة الأزمات في العالم العربي خاصة أنه يأتي من المنطقة الناطقة بالعربية في جنوب إيران.

وينحدر شمخاني (59 عاما) من محافظة خراسان الواقعة جنوب غربي إيران عند الحدود العراقية وهي أهم أقاليم إيران من الناحية التاريخية والاقتصادية حيث تضم معظم الحقول النفطية، وهي موطن الأقليات الإيرانية ذات الأصول العربية. وينقل إغناتيوس عن مسؤول أميركي قوله «حصل شمخاني على دور أكثر بروزا في السياسة الإقليمية الإيرانية خاصة في العراق، الذي كان في السابق من اختصاص الحرس الثوري وزعيم فيلق القدس قاسم سليماني، ويبدو أن نجمه مستمر في الصعود».

ووفقا لاثنين من المسؤولين العراقيين كان لشمخاني دور رئيسي في الإطاحة بالمالكي، حيث زار شمخاني مدينة النجف في يوليو (تموز) الماضي للقاء آية الله السيستاني وحمل رسالة بأن الوقت قد حان لرحيل نوري المالكي.

وكان لشمخاني دور واضح في القضايا الإقليمية ففي زيارته لبيروت في سبتمبر (أيلول) الماضي طرح فكرة تقديم دعم إيراني للجيش اللبناني لم يقبله المسؤولون اللبنانيون لكنه كان علامة مثيرة للاهتمام في أسلوب السياسة الإيرانية التي تعمل بالتوازي مع الولايات المتحدة التي تعد أكبر مورد لأسلحة الجيش اللبناني.

ويشير الكاتب إلى محادثات عبر قنوات خلفية جرت بين مسؤولين أميركيين وإيرانيين لاستكشاف الصيغ الممكنة للتوصل إلى اتفاق في الملف النووي الإيراني حول بعض القضايا المصيرية مثل عدد أجهزة الطرد المركزي وحجم مخزون اليورانيوم المخصب.