انتفاضة بوركينا فاسو تطيح بالرئيس.. وقائد الجيش يتسلم الحكم

كومباوري قال للشعب إنه «فهم الرسالة».. ثم غادر العاصمة باتجاه بلدة حدودية مع غانا

قائد الجيش أونوريه تراوري (وسط) يعلن تسلمه الحكم بعد تنحي الرئيس كومباوري في واغادوغو أمس (أ.ب)
TT

أعلن قائد الجيش في بوركينا فاسو تولي مهام رئيس الدولة، بعدما أعلن الرئيس بليز كومباوري الذي واجه احتجاجات شعبية واسعة النطاق غير مسبوقة، أمس، التخلي عن الحكم بعد 27 عاما في سدة الرئاسة.

وقال قائد الجيش الجنرال أونوريه تراوري «طبقا للأحكام الدستورية وبعد التأكد من شغور الحكم، ونظرا إلى الضرورة الملحة للحفاظ على الأمة، أتحمل ابتداء من هذا اليوم (أمس) مسؤولياتي رئيسا للدولة»، مشيرا إلى أنه «أخذ علما باستقالة» الرئيس كومباوري. وتسلم قائد الجيش السلطة بعد أن أعلن كومباوري في بيان تلته صحافية في شبكة «إف بي1» أنه «رغبة مني في الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية وعلى السلم الاجتماعي، أعلن التنحي عن الحكم تمهيدا للبدء بفترة انتقالية». وأضاف كومباوري أن هذه الفترة الانتقالية يفترض أن «تؤدي إلى انتخابات حرة وشفافة في مهلة أقصاها 90 يوما». وفي وقت لاحق أمس، أعلن مصدر دبلوماسي فرنسي أن كومباوري الذي أرغم على التنحي، غادر واغادوغو إلى مدينة بو الواقعة جنوب البلاد قرب الحدود مع غانا. ولم يحدد المصدر ما إذا كان كومباوري سيتوجه لاحقا إلى دولة أخرى مثل غانا أو ساحل العاج، لكنه ذكر أن الرئيس المطاح به لن يواجه صعوبة في دخول دولة أخرى لأنه لا يخضع لحظر سفر صادر عن المجموعة الدولية.

وغداة مظاهرات شهدت أعمال عنف، نزل عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع أمس للمطالبة باستقالة كومباوري. وتجمع المتظاهرون في ساحة الأمة أمام مقر قيادة الجيش وهم يهتفون «بليز ديغاج» (ارحل) و«كوامي لوغي رئيس». وكوامي لوغي كان رئيسا للأركان ووزيرا للدفاع حتى عزله في 2003. ويطالبه عشرات آلاف المتظاهرين بتسلمه السلطة حاليا. ورحبت فرنسا أمس باستقالة كومباوري، ودعت إلى «الإسراع في إجراء انتخابات ديمقراطية». وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان بأن استقالة كومباوري «تتيح إيجاد حل للأزمة». وأضافت أن «فرنسا تذكر بتمسكها بالدستور وبالتالي بالإسراع في إجراء انتخابات ديمقراطية».

وتؤكد المعارضة أن «أي فترة انتقالية سياسية في المستقبل يجب أن تعد وتنظم بمشاركة قوى المجتمع الأهلي وإشراك جميع مكونات الأمة بما في ذلك الجيش». وقال الكولونيل بوريما فارتا الذي حمله الجنود على أكتافهم «ابتداء من هذا اليوم، لم يعد بليز كومباوري في الحكم»، وذلك وسط تصفيق الجموع التي احتشدت في ساحة الأمة قبيل الساعة 12:30 بالتوقيت المحلي. وقال خالدو كومباري وهو طالب في السابعة والعشرين من العمر «نريد أن يتولى الجيش المسؤولية لأن بقاء كومباوري في السلطة ليوم واحد غير وارد».

وقبل الاستقالة شدد زعيم المعارضة زفيرين ديابري للصحافيين أن المعارضة «تدعو الناس إلى مواصلة الضغط عبر احتلال الساحات العامة. رحيل بليز كومباوري غير المشروط شرط مسبق لأي نقاش بشأن أي انتقال سياسي، هكذا بوضوح وبكل بساطة».

والإعلان عن مشروع تعديل دستوري كان سيتيح لكومباوري الذي وصل إلى الحكم بانقلاب في 1987. وانتخب لولايتين استمرت كل منهما 7 سنوات ولولايتين أخريين استمرت كل منهما 5 سنوات، أن يترشح إلى الانتخابات الرئاسية في 2016. وهو الذي حمل مئات الآلاف من شعب بوركينا فاسو على النزول إلى الشارع للإعلان عن رفض «الرئيس مدى الحياة».

وكان التوتر ازداد حدة مساء أول من أمس، مما دعا الجيش إلى التدخل على إثر إحراق الجمعية الوطنية وتعرض التلفزيون الرسمي لهجوم واندلاع أعمال عنف في الأقاليم وتكثيف الدعوات لاستقالة الرئيس. وأعلن قائد الجيش أونوريه تراوري في بيان تلاه أحد الضباط، إنشاء «هيئة انتقالية» تتسلم الصلاحيات التنفيذية والتشريعية، على أن يكون الهدف إعادة النظام الدستوري «في غضون 12 شهرا». وقبل مغادرته، قال الرئيس كومباوري الذي وصل إلى الحكم بانقلاب في 1987 في كلمة متلفزة بأنه «فهم» رسالة الشعب واتخذ «التدبير الصحيح لتحقيق التطلعات الكبيرة إلى التغيير».

يذكر أن نظام بوركينا فاسو يعد من أكثر الأنظمة استقرارا في المنطقة. ووصف المعارض إميل بارغي باري ما جرى بأنه «ربيع أسود في بوركينا فاسو على غرار الربيع العربي» بعد أن نزل مليون شخص وفق المعارضة إلى شوارع واغادوغو للاحتجاج على «الانقلاب الدستوري».