الأوقاف الموريتانية ترفض تحويل المساجد إلى منابر سياسية.. وتتوعد المتطرفين

بعد حدوث أعمال شغب في المساجد والاعتداء على بعض الأئمة

TT

أعلنت وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي في موريتانيا (وزارة الأوقاف) أمس، رفضها تحويل المساجد إلى منابر لمن وصفتهم بـ«السياسيين المتطرفين»، وذلك بعد أحداث متفرقة وقعت في مساجد كبيرة بنواكشوط، اعتدى خلالها بعض الناشطين الحقوقيين على عدد من الأئمة، واتهموهم بتكريس ما أسموه «فقه العبودية».

وقالت الوزارة في بيان صحافي إنها «تستنكر وتشجب وتدين كل هذه التصرفات الطائشة، وما تحمل في طياتها من عبث وتطرف وانحراف»، مؤكدة حزمها إزاء ما يجري، وأضافت أن «موريتانيا ستظل كما كانت على مر العصور منارة للعلم والسلم والأخلاق النبيلة، وستتصدى بكل حزم وعزم لكل من تسول له نفسه النيل من مقدساتنا الإسلامية وثوابتنا الوطنية».

وأوضحت الوزارة، التي نظمت أول من أمس، اجتماعاً مع عدد من أئمة مساجد نواكشوط، أنه «من غير المقبول بأي حال من الأحوال أن تكون المساجد وجهة للسياسيين والمتطرفين لبث سمومهم ونشر مآربهم الخارجة عن الدين والأعراف»، وفق تعبيرها.

وكان ناشطون ينتمون إلى حركة حقوقية مناهضة للعبودية في موريتانيا، لا تملك ترخيصا رسميا من طرف السلطات، قد حاولوا الأسبوع الماضي تنظيم محاضرات داخل المساجد لشرح وجهة نظرهم في العبودية التي تنتشر في موريتانيا بشكل واسع حسب رأيهم، وأكدوا أن الأئمة يكرسون ممارسة الرق من خلال فتاوى فقهية، قالوا إنها «لا تمت للإسلام الصحيح بصلة»، وقد تسببت أنشطة الحركة الحقوقية في أعمال شغب داخل بعض المساجد بين المصلين، مما استدعى تدخل الشرطة واعتقال عدد منهم.

وقالت الحركة التي تعرف اختصاراً بـ«إيرا»، في بيان صحافي أصدرته أمس، إن بيان الوزارة يدخل في مساعي الحكومة ورغبتها في «التصدي للتيار الانعتاقي وتوطيد أواصر الحكم الاستعبادي الإقصائي، وجر البلاد إلى حرب أهلية وشيكة»، كما انتقدت الحركة بشكل لاذع وزير التوجيه الإسلامي، الذي اتهمته بالدفاع عن ممارسي العبودية في موريتانيا.

وأكدت الحركة أنها جاهزة لكل الإجراءات التي ستتخذ ضدها، مشيرة إلى أنها «تأخذ تهديد الوزارة على محمل الجد»، وشددت على أنها ستواصل العمل كما كانت على «التصدي بكل حزم وشجاعة للاستعباد والاستعلاء والطبقية والتملق وإقصاء الحراطين (العبيد السابقين)».

وقالت الحركة في بيانها إن المساجد كانت دوماً في موريتانيا منبراً لكل الأطياف الفكرية، بما في ذلك المتطرفون والإرهابيون، وتساءلت «من يغذي الحركات المتشددة في أزواد وأفغانستان وفي نواكشوط؟»، مستغربة منعها من الولوج إلى المساجد لشرح موقفها من العبودية وتوعية المصلين حول خطورتها «في وقت ظلت المساجد في معظمها منابر سياسية يتبارى فوقها أنصار النظام من أئمة وفقهاء»، وفق نص البيان.

واشتهرت حركة «إيرا» الحقوقية بوجهة نظرها المتطرفة في مكافحة العبودية بموريتانيا، حيث سبق أن هاجم زعيمها بيرام ولد الداه ولد اعبيدي عدداً من أبرز العلماء والفقهاء الموريتانيين. وتثير الحركة، التي تضم في صفوفها عدداً من شباب العبيد السابقين، الكثير من الجدل في موريتانيا، وقد بدأت نشاطها كحركة حقوقية تناهض العبودية، وحاولت منذ أشهر دخول معترك السياسة بعد أن ترشح زعيمها ولد اعبيدي للانتخابات الرئاسية في يونيو (حزيران) الماضي، وحصل على نسبة ثمانية في المائة من أصوات الموريتانيين.