«نداء تونس» تفرض نفسها على المشهد المصري قبل أسابيع من بدء الانتخابات النيابية

رئيس وزراء أسبق يسعى لإعادة إنتاجها ويعلن عن تحالفه اليوم

TT

فرضت نتائج الانتخابات البرلمانية التونسية نفسها على الساحة المصرية قبل أسابيع من بدء الاستحقاق النيابي المقرر إجراؤه نهاية العام الحالي. وتهيمن قراءتان للمشهد التونسي، بحسب ساسة ومراقبين تحدثت معهم «الشرق الأوسط»، فبينما تكتفي الأولى بالتركيز على هزيمة تيار «الإسلام السياسي» عبر صناديق الاقتراع أمام تحالف مدني واسع، تركز القراءة الأخرى على إمكانية دمج رموز سياسية لعبت أدوارا في ظل أنظمة ما قبل الربيع العربي.

ويكرس الانقسام حول قراءة النتائج التونسية - على ما يبدو - لاستمرار التصدعات التي تعاني منها القوى والأحزاب المدنية في مصر، والتي تكافح منذ نحو 6 أشهر لبناء تحالف مدني قوي لخوض أول انتخابات برلمانية بعد ثورة 30 يونيو (حزيران)، لكن النتائج التونسية منحت دفعة جديدة لجهود رموز سياسية في مصر من أجل إقامة تحالف واسع، ومن المقرر أن يعلن الدكتور كمال الجنزوري، رئيس الوزراء الأسبق، عن قائمته اليوم (السبت).

ويشير الدكتور مصطفى علوي، البرلماني السابق عن الحزب الوطني، إلى التأثير المتبادل بين المشهدين في تونس والقاهرة، ويقول علوي، وهو أستاذ للعلوم السياسية، إنه «في مصر وعبرها بدأت الشعوب العربية تدرك طبيعة الواقع السياسي وحقائقه، هذا الاتجاه بدأ مع ثورة 30 يونيو، وكرسته التجربة التونسية».

وأطاح المصريون بجماعة الإخوان المسلمين منتصف العام الماضي بدعم من الجيش، لكن التحالف الواسع الذي تبلور في مظاهرات 30 يونيو، تبدد على خلفية الانقسام السياسي.

ويقول القيادي في التيار الشعبي أمين إسكندر لـ«الشرق الأوسط»، إنه «صحيح أن التجربة التونسية مؤثرة في المشهد المصري، فمن المنطقي أن نقيم تحالفا مدنيا واسعا في مواجهة تيار الإسلام السياسي، لكن لا بد من وجود معايير أخرى للفرز خارج التعارض (مدني - إسلامي)».

ويضيف إسكندر أن «النتائج في تونس أكدت ضرورة التمسك أكثر بإقامة تحالف مدني قوي لخوض الانتخابات البرلمانية، وهو اتجاه كان مطروحا في القاهرة حتى قبل بدء الانتخابات التونسية، لكن هذه زاوية واحدة للنظر وهناك زوايا أخرى، فنحن سنواجه بالإضافة لقوى الإسلام السياسي القوى اليمينية أيضا بانحيازاتها الاجتماعية ومصالحها في استمرار الفساد على كافة المستويات».

وتسعى قوى سياسية في القاهرة منذ عدة أشهر لتكريس ثنائية «مدني - إسلامي»، لكن سياسيين لا يزالون يبدون تخوفهم من شيوع هذا الاتجاه، ويتساءل الفقيه الدستوري نور فرحات في تعليق له على ما يحدث في تونس ومصر، قائلا: «هل قدر على الشعوب العربية أن تختار ما بين حكم الإخوان المسلمين وبين الاعتذار عن الثورة وعودة الحال إلى ما كان عليه؟»، ويضيف: «مطلوب البحث عن بديل ثالث؛ بديل نصرة طموحات الشعوب».

ويرى علوي أن أعراض ضعف التكوين المؤسسي للأحزاب والتكتلات السياسية في مصر يفرض على النخب فلسفة جديدة تحكم تحالفاتها لمنحها قدرة تنافسية أفضل في مواجهة «الإسلاميين»، لافتا إلى أن شخصنة التحالفات الانتخابية التي هيمنت على الساحة في مصر خلال الشهور الماضية تؤشر إلى ضعف بنيوي في الحياة السياسية في بلاده.

وأضاف علوي قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إن قائمة نداء تونس (التي حققت انتصارا في الانتخابات التونسية الأخيرة) تشكلت من ليبراليين ويساريين ممن يمثلون ما يمكن وصفه بـ(البورقيبية)؛ نسبة للرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة، وهو أمر قد يتكرر في الانتخابات الرئاسية التونسية (المقرر إجراؤها في نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي)، وحينها سيفرض نفسه على المشهد المصري بالتأكيد».

وبينما تعثرت جهود عدة رموز سياسية في القاهرة من أجل بناء تحالف انتخابي واسع للقوى المدنية، بدا أن النتائج التونسية عززت من حضور تلك الرموز على الساحة السياسية.

وقالت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية، إن «تيار الاستقلال، سيعقد اليوم (السبت) مؤتمرا صحافيا للإعلان عن أسماء الأحزاب المنضمة للتحالف الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري».

وتعكس تصريحات نسبت لوزير الداخلية المصري، اللواء محمد إبراهيم، بشأن مخاوفه من إجراء الانتخابات في الوقت الراهن خشية فوز الإسلاميين ومدى القلق الذي يسيطر على المشهد السياسي في غياب قوى مدنية منظمة.

ورغم حل حزبي الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان العام الحالي)، والوطني الديمقراطي عام 2011، لا تزال المخاوف ترتبط بمرور كوادر من الحزبين إلى مجلس النواب، الذي منحه الدستور الجديد سلطات غير مسبوقة.

وتشكو الأحزاب من أن إرجاء إصدار قانون تقسيم الدوائر الانتخابية يعرقل قيام مفاوضات جادة لإقامة تحالفات، معتبرة أن هذا التأخير «متعمد»، وهو الأمر الذي دأبت حكومة إبراهيم محلب، رئيس الوزراء المصري، على نفيه، مضيفا أن «اللجنة قطعت شوطا كبيرا في عملها حتى الآن».