«النصرة» تقصي المقاتلين المعتدلين من ريف إدلب.. ومخاوف من تقاسمها الشمال مع «داعش»

جمال معروف تعهد بمواصلة القتال وقال إن قواته انسحبت «حرصا على المدنيين»

TT

أقصت «جبهة النصرة»، الفرع السوري لتنظيم «القاعدة» أمس، معظم المقاتلين المعارضين المعتدلين من ريف إدلب، وذلك بسيطرتها على معقل تنظيم «جبهة ثوار سوريا» الذي يتزعمه جمال معروف في جبل الزاوية، حتى باتت تسيطر على مساحة كبيرة في غرب المحافظة وشمالها، كما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أعرب مديره رامي عبد الرحمن في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عن مخاوفه من أن تصبح مناطق شمال سوريا مقسمة بين التنظيمين المتشددين «داعش» و«النصرة».

وسيطرت «جبهة النصرة» أمس على بلدة دير سنبل المعقل الرئيسي لـ«جبهة ثوار سوريا» التي يتزعمها جمال معروف في ريف إدلب، بعد 5 أيام من الاشتباكات بين «جبهة النصرة» و«تنظيم جند الأقصى» من طرف، و«جبهة ثوار سوريا» من طرف آخر بحسب ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أشار إلى أن هذا التقدم يعني «سيطرة التنظيم المتشدد على غالبية قرى وبلدات جبل الزاوية» في المنطقة. وأعرب مدير المرصد رامي عبد الرحمن عن مخاوفه من تقدم «النصرة» أكثر للسيطرة على المنطقة الخاضعة لسيطرة المعتدلين في الجيش السوري الحر في المنطقة، قائلا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن هذا المؤشر «يثير المخاوف من أن يتقاسم المتشددون الشمال بين تنظيم (داعش) و(جبهة النصرة)».

وباتت النصرة تبسط سيطرة «شبه كاملة» على منطقة جبل الزاوية الواسعة التي كانت أولى المناطق التي طردت منها المعارضة القوات النظامية من ريف إدلب في شمال سوريا. كما تسيطر «النصرة» على مساحات واسعة في الريف الغربي للمحافظة منذ الصيف الماضي، حين شنت حربا طاحنة ضد مواقع الجيش السوري الحر، وأهم فصائله «جبهة ثوار سوريا»، إضافة إلى سيطرتها الاثنين الماضي على مدينة معرة النعمان، بحسب المرصد السوري.

وقال عبد الرحمن إن قوات جمال معروف «تسيطر الآن على عدد قليل من القرى المتفرقة في إدلب، بعد سيطرة النصرة على معقله في جبل الزاوية»، بينما تنتشر كتائب «حركة حزم» المعتدلة في مناطق قليلة من المحافظة، إضافة إلى وجودها في ريف حلب الغربي.

ويعرف مقاتلو «حركة حزم» و«جبهة ثوار سوريا» بتأييدهم لسوريا علمانية وديمقراطية وانتقادهم للكتائب الإسلامية. وقال عبد الرحمن: «لا تعترف (النصرة) أنها تقصي قوات معروف، إذ تخوض الحرب تحت ذريعة (محاربة الفاسدين) في المنطقة، وهي الذريعة نفسها التي دفعتها لشن حرب ضد قوات معروف في يوليو (تموز) الماضي في الريف الغربي لإدلب، وأحكمت حينها سيطرتها على مناطق نفوذه»، مشيرا إلى أن هذه الذريعة نفسها «استخدمها تنظيم (داعش) في السابق للسيطرة على مناطق نفوذ المعارضة في شرق سوريا وفي ريف حلب الشرقي في شمال البلاد». وقال: «تبين أن هذه الذريعة ليست إلا مبررا لزيادة نفوذها في المنطقة، ما يثير المخاوف من اقتسام شمال سوريا بين المتشددين (داعش) و(النصرة) إلى جانب كتائب إسلامية حليفة لها». وبدأت الجولة الجديدة من المعارك الدامية بين الطرفين في المنطقة ذاتها الاثنين الماضي، تمكنت خلالها «جبهة النصرة» من انتزاع السيطرة على سبع قرى وبلدات في جبل الزاوية (شرق إدلب) من مقاتلي «جبهة ثوار سوريا». وتجددت الاشتباكات مساء الخميس في المنطقة، في محيط بلدة دير سنبل، معقل معروف، غداة التوصل ليلة الخميس الجمعة إلى اتفاق على نشر «قوة صلح» مؤلفة من 15 فصيلا مقاتلا بينها فصائل إسلامية بينهما في جبل الزاوية، إلا أن الاشتباكات سبقت انتشار القوة.

وأفاد المرصد السوري بأن عشرات العناصر من جبهة ثوار سوريا انشقوا عنها، وانضموا إلى جبهة النصرة وجند الأقصى، وأن عددا من مقاتلي تنظيم «داعش» وصلوا بشكل فردي إلى قرية البارة وبلدة كنصفرة والريف الشرقي لمعرة النعمان، لمؤازرة النصرة في الاشتباكات ضد جبهة ثوار سوريا. لكنّ مصدرا في تنظيم معروف نفى انشقاق مقاتلين وانضمامهم إلى جبهة النصرة، بحسب ما أفادت به وكالة «رويترز».

وتعرف جبهة ثوار سوريا بأنها جزء من الجيش السوري الحر الذي يضم عشرات الجماعات الساعية للإطاحة بالأسد. ولا تحظى هذه الجماعات بالكثير من التنسيق المركزي، وكثيرا ما تتنافس فيما بينها.

وبعد ساعات من انسحابه أصدر معروف بيانا مصورا تعهد فيه بمواصلة قتال النصرة، وقال إن جماعته ستعود إلى جبل الزاوية. وأضاف أن جبهة النصرة «فرضت الحصار لمدة أسبوع على قرى جبل الزاوية كما لو كانت نظام الأسد»، مشيرا إلى أن «قواته انسحبت من قرى جبل الزاوية حرصا على دماء المدنيين لأن جبهة النصرة لا تتردد في قتلهم».

وجبهة ثوار سوريا إحدى كبرى جماعات المعارضة السورية المدعومة من الغرب، وتعتزم الولايات المتحدة توسيع الدعم العسكري لجماعات المعارضة المعتدلة في إطار استراتيجيتها لهزيمة المتشدد.