الرجل الثاني في الحرس الرئاسي يتولى مؤقتا قيادة بوركينا فاسو

لجوء الرئيس المطاح به إلى ساحل العاج.. والهدوء يعود إلى واغادوغو

اللفتنانت كولونيل إسحق زيدا في واغادوغو أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد مرور 24 ساعة على تنحي الرئيس بليز كومباوري، تم أمس اختيار اللفتنانت كولونيل الشاب إسحاق زيدا ليقود المرحلة الانتقالية في بوركينا فاسو. ويبدو أن الضباط الكبار فضلوا خلال اجتماع لهم في مقر قيادة الأركان في واغادوغو الضابط زيدا الرجل الثاني في الحرس الرئاسي على رئيس أركان الجيش الجنرال نابيريه هونوريه تراوري الذي أعلن أول من أمس أنه سيتولى مهام الرئيس خلال الفترة الانتقالية.

وجاء في بيان صدر في أعقاب هذا الاجتماع أن «اللفتنانت كولونيل إسحق زيدا اختير بالإجماع لقيادة المرحلة الانتقالية المفتوحة بعد رحيل الرئيس كومباوري» من قبل «القيادة (العسكرية) العليا بعد تشاور في هيئة أركان الجيش». وتلا البيان مساعد رئيس أركان الجيش الجنرال فينسيسلاس بينغرينوما زاغري. وكان لافتا أن البيان جرى توقيعه من قبل الجنرال تراوري نفسه، الذي اعترف بذلك بفوز خصمه زيدا الذي جلس إلى جانب الجنرال زاغري ثم وقف أمام المصورين محاطا بنحو 15 من كبار ضباط الجيش. والملاحظ أن الجنرال تراوري الذي شارك في الاجتماع لم يظهر خلال تلاوة البيان الصحافي. ومنذ تنحي الرئيس كومباوري وفراره بعد 27 سنة من الحكم تحت ضغط الشارع، دخل الضابطان في حرب بيانات، وأكدا معا أول من أمس تسلمهما مسؤولية رئاسة الدولة. ولم يكن البيان دقيقا إزاء المرحلة المقبلة، إذ جاء فيه أن «شكل ومدة هذه المرحلة الانتقالية سيتحددان لاحقا»، إلا أنه أوضح أنها ستتم «بالتشاور مع مكونات الحياة الوطنية»، أي المعارضة السياسية والمجتمع المدني، كما كان قال الضابط زيدا في تصريحات سابقة. وكان متوقعا أن يلتقي مساء أمس قادة الأحزاب السياسية والمسؤولين عن منظمات المجتمع المدني.

ومع أن دستور البلاد يقضي بتسلم رئيس «الجمعية الوطنية» السلطة في حال شغور منصب الرئيس، فإن المعارضة السياسية لم ترفع الصوت احتجاجا على تسلم العسكريين السلطة. وقال زعيم المعارضة السياسية زيفيرين ديابري أمس: «نحن غير مجبرين على اختيار فلان أو علان أو أن نكون ضد هذا أو ذاك»، داعيا إلى «مرحلة انتقالية توافقية لتصحيح صورة البلاد وتنظيم العودة إلى الحياة الدستورية». وكان اللفتنانت كولونيل زيدا أعلن الليلة قبل الماضية السبت «تعليق» العمل بالدستور. وقال محلل سياسي، طلب عدم الكشف عن اسمه، معلقا على الواقع: «لا نزال في مرحلة رمادية ولا نعرف بشكل جيد هؤلاء الضباط ولا نعرف ولاءاتهم». وأكد الشركاء الدوليون الرئيسيون لبوركينا فاسو مثل فرنسا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تمسكهم بالالتزام بالدستور خلال المرحلة الانتقالية. وأعلنت الرئاسة في ساحل العاج، أن الرئيس السابق كومباوري لجأ مع عائلته إلى ساحل العاج وهو يقيم بمنزل خاص بالزوار الأجانب الكبار. ومعروف أن كومباوري يقيم علاقات جدية مع رئيس ساحل العاج الحسن وتارا ووقف إلى جانبه ضد الرئيس السابق لساحل العاج لوران غباغبو.

وعاد الهدوء أمس إلى شوارع واغادوغو إثر وقوع بعض أعمال نهب خلال الأيام الماضية. وتلبية لدعوة من «حركة المواطن» التي نشطت ضد الرئيس كومباوري، قام عدد من الشبان بتنظيف شوارع العاصمة من الركام والعجلات المحروقة.

وفي بوبو ديولاسو المدينة الثانية بالبلاد، عاد الوضع أيضا إلى طبيعته بعد أن كانت شهدت أعمال نهب. إلا أن الكثير من السكان لا يزالون ينتظرون إيضاحات حول ما حصل. وقال غينولي سانو، (32 سنة)، أحد سكان بوبو ديولاسو: «نحن لا نزال ننتظر إيضاحات إزاء ما حصل ونريد رئيسا مدنيا يضمن لنا السلام ويحترم الدستور». أما كلود سانو (28 سنة)، فيعتبر أن المهم «هو الحفاظ على الأمن في البلاد؛ أكان الرئيس مدنيا أم عسكريا».

يذكر أن الرئيس المخلوع بليز كومباوري، (63 سنة)، وصل إلى السلطة عام 1987 إثر انقلاب عسكري. وأمام إصراره على تعديل الدستور ليتمكن من الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2015، شهدت البلاد مظاهرات احتجاجية ضخمة ضمت مئات آلاف الأشخاص في العاصمة أجبرته على التنحي. ولما أصر الرئيس على الإبقاء على جلسة البرلمان الخميس لتعديل الدستور نزل المتظاهرون إلى الشارع واشتعلت العاصمة. فأحرق مقر البرلمان وهوجم مبنى التلفزيون، مما دفع كومباوري إلى التنحي قبل سنة من انتهاء ولايته الرئاسية. ويعد سقوطه تحذيرا إلى قادة أفارقة آخرين يحاولون أيضا تعديل الدستور للبقاء في السلطة في كل من جمهورية الكونغو الديمقراطية وبوروندي وكونغو برازفيل وبنين.