ظاهرة «المهرجين» تثير قلق فرنسا.. وحمى الحملة الانتخابية تشتد في أميركا

الاعتداءات الجنسية وإيبولا والانسحاب من أفغانستان تتصدر التغطية في الصحافة البريطانية

TT

لم تكن تكفي حكومة مانويل فالس همومها مع المفوضية الأوروبية واحترام المعايير الخاصة بالعجز في الميزانية والبحث عن مصادر تمويلية إضافية يحتاجها حكماء بروكسل للمصادقة عليها. فصعوبات الحكومة مع النواب الاشتراكيين الذين يشكلون أكثرية هشة في البرلمان كانت مصدر صداع كاف، والانقسامات التي تضرب صفوف الحزب بين محدث وإصلاحي، وبين متشدد ومتمسك بقيم الحزب وآيديولوجيته واسمه، متداولة على صفحات الجرائد وشاشات التلفزة. كل ذلك لم يكن كافيا حتى جاءت أزمة جديدة تزيد الطين بلة وتنهش أكثر فأكثر شعبية الرئيس هولاند وحكومته والاشتراكيين واليسار بشكل عام.

عنوان هذه الأزمة: «مشروع إقامة سد للمياه في منطقة (لوتارن) جنوب فرنسا» قريبا من مدينة ألبي ومن مدينة تولوز المعروفة، ففي إحدى المظاهرات الاحتجاجية على إقامة السد، حصلت اشتباكات بين المتظاهرين وبين رجال الدرك، من جهة: العصي والحجارة واليافطات وأحيانا زجاجات المولوتوف، ومن جهة أخرى: الغاز المسيل للدموع والهراوات والتوقيفات بالعشرات والقنابل الصوتية.. ولكن أيضا قنابل لإخافة وتفريق المتظاهرين. ومن سوء طالع شاب يدعى ريمي فريس أن إحدى هذه القنابل أصابت ظهره، وفي اليوم التالي للمظاهرة عثر على هذا الطالب ميتا في حفرة. بعدها، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي والتهبت تصريحات السياسيين وخرجت أصوات تطلب رأس وزير الداخلية، برنار كازنوف، القريب جدا من رئيس الحكومة، مانويل فالس، ووجهت الاتهامات لقوى الأمن وللتعليمات التي أعطيت لها، وانشغل الإعلام بين مترقب لنتائج التحليل المخبري الذي اكتشف آثار مادة «تي إن تي» المتفجرة على ثياب الشاب القتيل؛ مما يعني أن سبب موته القنبلة التي أصابته، والتي تحتوي على هذه المادة المتفجرة.

ولاستكمال الصورة، اعتمد حزب الخضر، الذي كان حتى فترة قصيرة شريكا في الحكومة، لهجة نارية موجها الاتهامات في كل اتجاه، وذهب أحد نوابه، نويل مامير، لوصف سياسة الحكومة بـ«البلهاء». وفي مقابل من يدعو إلى التخلي عن مشروع السد المكلف الذي يهدد البيئة وغير ذي جدوى اقتصادية، سمعت أصوات تطالب بفرض هيبة الدولة والتوقف عن التراجع كلما خرجت مظاهرة وقطع طريق.

وبعيدا عن السياسة، انشغلت فرنسا وصحفها وقنواتها هذا الأسبوع بظاهرة أصبحت أكثر قلقا، وهي تكاثر الحوادث التي يرتكبها «المهرجون» (CLOWNS)، ففي العادة، المهرجون مضحكون، يقتربون من الناس ويقومون بحركات وأفعال محببة. لكن ما يحصل في فرنسا أن مجموعات من هؤلاء الذين يخفون وجوههم تحت أقنعة يعتدون على الناس، ويلجأون إلى العنف لسلبهم ما ارتفع ثمنه وخف وزنه، وذهبت صحيفة «ليبراسيون» يوم الجمعة، إلى تخصيص موضوعها الرئيسي لهذه الظاهرة المتفاقمة، خصوصا أن مجموعات معادية تخصصت في ملاحقة هؤلاء والاقتصاص منهم، بينما الأجهزة الأمنية بقيت عاجزة حتى الآن عن وضع حد لظاهرة أخذت تثير الفزع، وتمنع الناس من الخروج ليلا مخافة مقابلة هؤلاء.

بالطبع، لم تغب «الدوليات» عن الإعلام الفرنسي الذي عاد بقوة إلى الوضع في مالي وبوركينا فاسو، فضلا عن التساؤلات حول «جدوى ونجاعة» ما يقوم به التحالف الدولي في سوريا والعراق والعجز إزاء الغطرسة الإسرائيلية واستمرا ر الاستيطان على مستوى واسع.

والفضائح الجنسية والاعتداءات على الأطفال وانتشار وباء الإيبولا في غرب أفريقيا وانتهاء حرب أفغانستان رسميا وانسحاب بريطانيا منها إضافة إلى القضايا التي تبين التناحر السياسي بين الأحزاب الرئيسية، ما زالت تنال الحظ الأوفر في التغطية في الصحافة المكتوبة.

جميع الصحف الرزينة تناولت قضية الاعتداءات الجنسية على الأطفال في ثمانينات القرن الماضي. إذ احتلت هذه القضية مكانة مهمة في التغطية الإخبارية للصحف البريطانية خلال الأسبوع الماضي، خصوصا بعد أن تم تعيين المحامية فيونا وولف عمدة حي المال والأعمال اللندني رئيسة للجنة التحقيق في الادعاءات التي اتهمت فيها وزارة الداخلية في حكومة مارغريت ثاتشر بأنها تواطأت في الموضوع وغطت على بعض المتورطين فيه. واعتبرت العمدة بأنها ليست الشخص المناسب للتحقيق في القضية بسبب العلاقات التي كانت تجمعها مع وزير الداخلية آنذاك. وحاولت القوى تسجيل الأهداف السياسية ضد بعضها في هذه القضية الحساسة، والتي سخرت من قبل الأحزاب كجزء من حملاتها الانتخابية القادمة، التي بدأت ملامحها واضحة أي قبل 6 شهور من تنظيمها.

صحيفة «التايمز» أبرزت في تغطيتها قضايا تخص الاعتداءات الجنسية وتورط الكنيسة في الموضوع. وعلى صفحتها الأولى كتبت حول استقالة كبار أساقفة الكنيسة الإنجليكانية بعد أن وجهت إليه الاتهامات بأنه قصر في عمله مما أدى إلى المزيد من الاعتداءات، منتقدة بذلك صمت الكنيسة. وتحت ما نشيت رئيسي على صفحتها الأولى كتبت صحيفة «الغارديان» تقول «الكنيسة ترجع بسجلاتها إلى 50 سنة مضت لتكتشف دورها في الاعتداءات الجنسية على الأطفال»، وإنها فتحت ملفات آلاف من رجال الدين الذين عملوا في الكنيسة طيلة 5 عقود لمعرفة دورهم في هذه القضية الأخلاقية. أما صحيفة «الديلي تلغراف» (يمين وسط) المحافظة فقد كتبت هي الأخرى بانتقاد شديد تعيين عمدة حي لندن المالي لتقود التحقيق، مبينة أن وزارة الداخلية قد غطت على العلاقة التي كانت قائمة بينها وبين وزير الداخلية في حكومة ثاتشر في ثمانينات القرن الماضي، مما يعني أن هناك تعارضا في المصالح، ولهذا فإنه من الخطأ أن تسند إليها هذه المهمة، وهذا ما تطالب به المعارضة العمالية.

وحظي تفشي وباء إيبولا في غرب أفريقيا على تغطية وافرة في صحف «التايمز» و«الغارديان» و«الإندبندنت». وقدمت الصحف خلال الأسبوع تغطية شاملة حول الوباء ومخاطره على العالم أجمع. وقالت إنه بمعزل عن المأساة الإنسانية التي لا تزال تعيشها أفريقيا الغربية على وقع انتشار إيبولا، فقد أوقع هذا الوباء ضحية أخرى هي منظمة الصحة العالمية وبشكل أعم الإدارة الدولية للوباء التي اعتبرت أنها جاءت متأخرة جدا. اتفق الجميع على القول إنه حصل تأخير في انطلاق التحرك الذي يعد مسؤولا جزئيا عن اتساع وباء إيبولا، الأخطر منذ اكتشاف الفيروس في 1976 في زائير السابقة.

وجاء عنوان صحيفة «الغارديان» على صفحتها الأولى يوم الجمعة الماضي محذرا ليعكس حجم المأساة قائلا «العالم ليس آمنا ما زال وباء إيبولا في أي مكان».

أما صحيفة «التايمز» فقد بعثت بأهم مراسليها إلى غرب أفريقيا، الذي عمل في حلب منذ اندلاع الثورة السورية، وتعرض لمحاولة اختطاف. أنتوني لويد كتب من فريتاون بسيراليون تحت عنوان «مدينة الموت حيث تتربص إيبولا في الشوارع بخفة». وفي بداية الأسبوع عكست التغطية إعلان مسؤولين في لندن قرار إغلاق آخر قاعدة عسكرية بريطانية في أفغانستان، وإنهاء العمليات القتالية البريطانية التي استمرت 13 عاما. وتناولت ما قامت به وزارة الدفاع البريطانية بأن قوات الأمن الوطنية الأفغانية تسلمت قاعدة «كامب باستيون»، ومن المقرر أن تغادر القوات البريطانية إقليم هلمند خلال الأيام المقبلة.

وفي نهاية الأسبوع تناولت الصحف حادث تحطم مركبة الفضاء الأميركية «سبيس شيب تو» التابعة لشركة «فيرجين جالاكتيك» والتي تم تطويرها لاستخدامها في سياحة الفضاء يوم الجمعة خلال رحلة تجريبية فوق صحراء موجاف بكاليفورنيا. واختارت «الديلي تلغراف» وكذلك «الغارديان» الحادث كموضوع رئيسي في عدد نهاية الأسبوع.

ومع بداية الأسبوع الماضي، زادت حمى الحملة الانتخابية الأميركية. وذلك لأنه، يوم الثلاثاء، سيذهب الناخبون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب كل أعضاء مجلس النواب، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ. وأشارت كل التغطيات الإعلامية تقريبا إلى احتمال فوز الحزب الجمهوري بأغلبية في مجلس الشيوخ. إذا حدث ذلك، سيسيطر على كل الكونغرس. واهتمت القنوات التلفزيونية الإخبارية أكثر، وكثفت التغطيات، وأرسلت مراسلين إلى الولايات لنقل أخبار حية. وفي نفس الوقت، زادت الإعلانات السياسية في هذه القنوات. وفي المجال الخارجي، ركز الإعلام على نوعين من الأحداث: الحروب والاشتباكات في جانب، والانتخابات في جانب. وبينما تميل التغطية في الصحف خاصة في صحف مثل «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» و«لوس أنجليس تايمز» نحو التغطية الخارجية، تميل قنوات التلفزيون نحو التغطية الداخلية. لهذا، نشرت هذه الصحف تفاصيل الانتخابات في عدة دول: الناخبون في تونس يذهبون إلى صناديق الاقتراع للانتخابات البرلمانية الأولى في ظل الدستور الجديد. في البرازيل، الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية وإعادة انتخاب الرئيسة الحالية ديلما روسيف. في أوروغواي انتخابات عامة، وأيضا لجولة ثانية من الانتخابات الرئاسية. في أوكرانيا لصالح الرئيس بترو بوروشينكو، الموالي للغرب.

ومع الانتخابات، الحروب: مساعدة للولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب، قال الجيش الباكستاني إنه قتل 18 متشددا في غارات جوية بالقرب من الحدود مع أفغانستان. والحدث التاريخي في أفغانستان: إغلاق قاعدة عسكرية أميركية وبريطانية رئيسية، وتسليمها إلى القوات الأفغانية. ونقل تلفزيون «سي إن إن» مناظر براقة للمراسيم العسكرية للتسليم والتسلم. مع السؤال الروتيني عن مقدرة الأفغان على مواجهة منظمة طالبان.

ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريرا طويلا عن الاشتباكات بين القوات المصرية والإرهابيين في سيناء. وكتبت عن إغلاق الحكومة المصرية لمعبر رفح الحدودي مع غزة، وتأسيس منطقة عازلة.

وفي وسط الأسبوع، فوجئ الإعلام الأميركي، وأيضا المسؤولون الأميركيون وأعضاء الكونغرس، بخبر اعتراف السويد بدولة فلسطين. خاصة بسبب تأييد إسرائيل القوي في الكونغرس، ووسط عامة الأميركيين. ونشرت صحف كلمات افتتاحية لم تؤيد الاعتراف، وتساءلت عما إذا كان الاعتراف سيساعد على حل المشكلة.

وفي وسط الأسبوع، اهتم الإعلام الأميركي بحدث رياضي هو: في دوري البيسبول، فاز فريق جاينات (العملاقة)، في سان فرانسيسكو، ببطولة العالم لعام 2014، بعد أن هزم فريق رويالز (الملكيين) في كانساس سيتي (ولاية ميزوري).

ومع نهاية الأسبوع، زادت حمى الانتخابات، وصعد الجمهوريون حملتهم ضد الرئيس أوباما، خصوصا بسبب أخبار بأن الضرب الجوي الأميركي لمنظمة «داعش» لم يوقف توسعاتها، غرب بغداد، وشرق دمشق، ولم يخرجها من مدينة كوباني.

وفي صفحتها الأولى، ومع كلمة عن حب الشعوب للحرية، حتى الشعوب الأفريقية في دول نائية لم يسمع بها ربما كل الأميركيين، نشرت صحيفة «واشنطن بوست»، صور وخبر نهاية حكم ديكتاتور بوركينا فاسو (في غرب أفريقيا) بعد حكم استمر 27 عاما.