«تنسيقية الانتقال الديمقراطي» في الجزائر تحمل السلطات مسؤولية الأزمة السياسية

أكبر تكتل سياسي معارض يهاجم نظام الرئيس بوتفليقة بشدة بمناسبة مرور 60 عاما على ثورة التحرير

TT

حمل أكبر تكتل سياسي معارض بالجزائر، يضم كل الحساسيات السياسية، السلطة «مسؤولية إدخال البلد في أزمة سياسية خطيرة غير مسبوقة»، ودعا إلى «بناء دولة ديمقراطية لا يقمع فيها الرأي المخالف، ولا تطمس في رحابها الحقائق، ولا تخنق في ظلها الأصوات».

والتقى قادة «التنسيقية الوطنية للحريات والانتقال الديمقراطي»، بالعاصمة أمس، بمناسبة مرور 60 عاما على اندلاع ثورة التحرير من الاستعمار (1 نوفمبر/ تشرين الثاني 1954)، وأصدروا وثيقة موجهة للجزائريين أطلقوا عليها: «نداء إلى الشعب الجزائري»، على سبيل التشبه بالبيان الذي أصدرته مجموعة من السياسيين الجزائريين قبل 60 سنة، لإبلاغهم عزمهم تفجير ثورة مسلحة ضد المستعمر الفرنسي.

وجاء في الوثيقة التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» أن «مصاريف الجزائر بلغت خلال فترة الـ15 سنة الأخيرة (سنوات حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة)، أرقاما خيالية لم تعرفها منذ استعادة السيادة الوطنية (عام 1962). هذه المبالغ لا تخضع لأية رقابة شعبية ولا مؤسساتية، ولم تنفق في تنمية البلد ولا في تحقيق السلم الاجتماعي الذي سعت إليه الحكومة بوعود لا تتحقق، لا على المستوى القريب ولا المتوسط، بل قدمتها لربح الوقت فقط».

وحضر لقاء أمس رئيسا الوزراء السابقين أحمد بن بيتور وعلي بن فليس، ورئيس الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم» عبد الرزاق مقري، ورئيس الحزب الليبرالي «جيل جديد» جيلالي سفيان، ورئيس الحزب العلماني «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» محسن بلعباس، وقادة أحزاب أخرى من مختلف الحساسيات، وأساتذة جامعيون وطلبة ومحامون وصحافيون. واختارت «التنسيقية» مجموعة منهم لقيادة «هيئة التنسيق والتشاور»، تشرف على تنفيذ برنامج عمل جرت المصادقة عليه في أول لقاء للتكتل السياسي المعارض، جرى في يونيو (حزيران) الماضي.

وذكر أصحاب الوثيقة أن الجزائر توجد «أمام منعطف تاريخي وخيارين اثنين، فإما التشبث بالانسداد السياسي الحالي أو التجند من أجل هبة وطنية منقذة للمحافظة على الانسجام والوحدة الوطنية».

وأضافت الوثيقة: «بينت الأحداث الأخيرة التي عرفتها غرداية (صراع طائفي دامٍ في الجنوب) والعاصمة وبعض المدن الأخرى (مظاهرات واحتجاجات شعبية كبيرة)، صواب ما كنا نحذر منه وما كنا ندعو إلى تجنبه. فكل الدلائل تبين اليوم أن أزمة النظام السياسي تحولت فعلا إلى أزمة دولة»، موضحة أن «مؤسسات الجمهورية هي نتاج مسار تاريخي طويل ومؤلم أحيانا، وأصبحت مهمشة، وصارت السلطة الرئاسية مشلولة بسبب الغياب المتواصل للرئيس»، في إشارة إلى انسحاب الرئيس من المشهد العام بسبب المرض.

ورفضت السلطات التعاطي مع مشروع «الانتقال الديمقراطي» الذي يقترح «مرحلة انتقالية»، تنتهي بتنظيم انتخابات «حقيقية نظيفة»، تشرف عليها «هيئة مستقلة» بدل وزارة الداخلية، التي تتهمها المعارضة بـ«التزوير لصالح مرشحي النظام». وتقول أحزاب الموالاة وهي «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«تجمع أمل الجزائر» و«الحركة الشعبية الجزائرية»، إن البلاد «لا تعيش أزمة سياسية لأن الشعب اختار بوتفليقة رئيسا للمرة الرابعة، في انتخابات شهد العالم أجمع بنزاهتها».

يشار إلى أن بوتفليقة غاب عن حملة انتخابات 17 أبريل (نيسان) الماضي، وخاضها بدلا عنه قادة الأحزاب المذكورة.

وأفادت وثيقة المعارضة أن «من واجبنا التنبيه للمخاطر التي تحدق بالجزائر، وأن نحذر من سوء العاقبة إذا استمر الحال على ما هو عليه. إن طريق الخلاص يبنى على التوافق حول قيم الحرية والعدالة والتعاون بيننا جميعا من دون إقصاء أي طرف، لإنقاذ الجزائر من أزمتها وتنظيم انتقال ديمقراطي توافقي تدريجي وسلمي بمعية السلطة.. إن تلافي خطر الانهيار الذي يهددنا والوصول إلى بر الأمان، مرهونان بدعم هذا المسار».