مصر تبدي ثقة في قدرتها على اجتياز مراجعة سجلها الحقوقي بجنيف رغم الانتقادات

مسؤول حكومي لـ («الشرق الأوسط») : نؤمن بانتمائنا للأسرة الإنسانية لكننا الأحرص على صون حريات مواطنينا

TT

قال المستشار محمود فوزي مستشار وزير العدالة الانتقالية المصري، إن بلاده «واثقة من قدرتها على إيضاح التقدم الذي أحرزته في ملف حقوق الإنسان»، قبل يومين من جلسة دورية مخصصة لمراجعة سجل مصر الحقوقي أمام مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة في جنيف. وأضاف فوزي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن القاهرة تؤمن بعضويتها في الأسرة الإنسانية، لكنها ترغب أيضا في أن يكون واضحا أنها الأكثر حرصا على صون حقوق وحريات مواطنيها.

وتوجه المستشار إبراهيم الهنيدي، وزير العدالة الانتقالية، إلى جنيف، أمس لرئاسة الوفد المصري المشارك في جلسة مراجعة حقوق الإنسان الدورية بالأمم المتحدة. ومن المقرر أن يعرض الوفد ملف مصر وتقريرها بعد غد (الأربعاء) في مجال حقوق الإنسان والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق المدنية والسياسية، واحترام حقوق الإنسان.

وينتظر الوفد المصري على ما يبدو جلسة ساخنة بعد أن تقدمت 125 دولة ومنظمة حقوقية رغبتها في توجيه أسئلة وتوصيات إلى مصر، في ارتفاع ملحوظ عن آخر تجربة للقاهرة عام 2010 حيث اقتصرت الدول الراغبة في ذلك على 51 دولة.

وقال المستشار فوزي إن بلاده تنظر بـ«إيجابية» لزيادة عدد الدول الراغبة في السؤال أو طرح توصيات، مشيرا إلى أن ذلك يعكس أهمية مصر على الساحة الدولية باعتبارها دولة كبرى، مضيفا أن القاهرة تؤمن بعضويتها في الأسرة الإنسانية، لكنها ترغب أيضا في أن يكون واضحا أنها الأكثر حرصا على صون حقوق وحريات مواطنيها.

وبدأ العمل بالمراجعة الشاملة لملفات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، منذ عام 2008 في دورة استمرت 4 سنوات تم خلالها مراجعة ملفات جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وتقديم توصيات من المنظمات الحقوقية، وخبراء الأمم المتحدة لتحسينها، وتقوم الدورة الثانية الحالية المتواصلة منذ عام 2012 بمتابعة مدى التزام الدول بما تعهدت به في الدورة الأولى.

وأشار المستشار فوزي إلى أن الوفد المصري لديه على الأرض أكثر مما كان مطلوبا من القاهرة في عام 2010، لافتا إلى أن بلاده قبلت قبل 4 سنوات بعض التوصيات وتحفظت على توصيات أخرى لكن ما أحرزته من تقدم خاصة بعد ثورتين فاق تلك التوصيات.

ومنذ الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين من الحكم منتصف العام الماضي، إثر مظاهرات شعبية واسعة ضدها، تنظر دول غربية ومنظمات حقوقية بريبة إلى المشهد المصري. ووجهت عدة منظمات دولية معنية بحقوق الإنسان انتقادات للقاهرة على خلفية فض اعتصام لأنصار جماعة الإخوان في أغسطس (آب) 2013، كما انتقدت عواصم غربية أحكاما بالإعدام صدرت بحق مئات من قادة وأنصار الجماعة.

ويتوقع الوفد المصري إثارة ملف أحكام الإعدام خلال عرض ملف مصر. وقال مستشار وزير العدالة الانتقالية إن «الوفد يدرك أن هذه إحدى القضايا التي ربما تثار في الجلسة، وسنوضح أنه لم يثبت أن محكمة النقض على مدار تاريخها رفضت نقضا ولو مرة واحدة في قضية صدر فيها حكم بالإعدام، ثم إن القانون يلزم بتحريك النقض حتى في حالة اعتراف المتهم، سنشرح درجات التقاضي وسنؤكد على أن أي حكم بالإعدام يتطلب المرور بـ3 درجات في التقاضي وأنه يجب أن تصدر جميعها بإجماع هيئة المحكمة».

وفي إطار الصراع بين السلطة المصرية وجماعة الإخوان، دعا قادة في الجماعة إلى مؤتمر صحافي اليوم (الاثنين) في «نادي الصحافة السويسري» في جنيف بعنوان «مراجعة نقدية لسجل حقوق الإنسان في مصر»، من المتوقع أن يشن خلاله القيادي الإخواني عمرو دراج وزير التخطيط والتعاون الدولي الأسبق هجوما حادا على القاهرة.

من جانبها، لا تبدي القاهرة قلقا بشأن إثارة ملف فض اعتصام مؤيدي الجماعة في ميداني رابعة العدوية (شرق القاهرة)، ونهضة مصر (غرب القاهرة)، والذي خلف مئات القتلى. وقال المستشار فوزي إن «الوفد (المصري) يملك ما يكفي من الردود إذا ما أثير هذا الأمر، لدينا إيضاحات بشأن سلمية ومشروعية الاعتصام، لدينا أيضا تحقيقات النيابة العامة وتقرير الجهات شبه الحكومية».

وعن التأثير المحتمل لتقرير منظمة هيومان رايتس ووتش الذي وصف فض الاعتصام بـ«المذبحة» معتبرا أن ما جرى يعد عملية قتل جماعي، قال فوزي إن «تقرير هيومان رايتس ووتش غير محايد، ولا توليه القاهرة كبير أهمية».

وعما إذا كانت القاهرة قلقة من تأثير قانون أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي الشهر الماضي، ويخول للجيش حماية المنشآت العامة مما يسمح بالتوسع في محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، قال المستشار فوزي إن بلاده تمر بظرف استثنائي دقيق في حربها على الإرهاب، معتبرا أن القانون يمثل ضرورة مجتمعية ملحة، مشددا على كونه مؤقتا، إذ يسري العمل به لمدة عامين فقط.

ومن المتوقع أن يثير قانون التظاهر الذي أدين بموجبه نشطاء شباب من أبرز قادة التيار الديمقراطي، انتقادات خلال عرض مصر لملفها الحقوقي. لكن الرئيس السيسي أبدى تمسكا بالقانون في تصريحات له أول من أمس، دعا فيها منتقدي القانون للنظر في نصوصه وعدم الاكتفاء بالاستماع إلى منتقديه، وعده يماثل غيره من قوانين الدول الديمقراطية.

وحول القضايا المرتبطة بحماية حق الاعتقاد، أشار فوزي إلى أن الدستور الذي عده واحدا من أفضل دساتير العالم في باب الحقوق والحريات صريح في نصه على أن حرية الاعتقاد مطلقة، مؤكدا أن وفد بلاده لن يتحدث بكلام مرسل أو عام.. بل لديه كافة البيانات والإحصاءات الدقيقة حول كل القضايا المتعلقة بهذا الشأن وملابساتها لعرضها بشفافية أمام مجلس حقوق الإنسان.