أنشيلوتي يرفض الأضواء ويفضل الكواليس ليحظى لاعبوه بالتصفيق كله

حكمة المدرب الإيطالي جلبت النجاح لريـال مدريد بعد فترة الانقسام في عهد مورينهو

أنشيلوتي نجح بحكمته في إعادة الوئام بين لاعبي ريـال مدريد (إ.ب.أ)
TT

بإلقاء نظرة سريعة على الصحف الرياضية الإسبانية هذا الأسبوع، يتبين للقارئ أن الرجال الذين صنعوا انتفاضة ريـال مدريد خلال العام ونصف العام الماضيين كانوا المهاجمين كريستيانو رونالدو وكريم بنزيمة مع لاعبي الوسط إسكو ولوكا مودريتش وتوني كروس. ولكن بتحليل أدق لموقف النادي الإسباني يتم التوصل إلى نتيجة مختلفة تماما وهي أن الرجل الحقيقي وراء نجاح ريـال مدريد في الفترة الماضية هو المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي، والغريب أن هذا الرجل يسعده دائما البقاء خفيا في الكواليس، تاركا المسرح أمام لاعبيه ليتلقوا كل التصفيق والتقدير.

وقاد أنشيلوتي ريـال مدريد لاعتلاء صدارة ترتيب الدوري الإسباني لهذا الموسم، كما يتربع الفريق على قمة ترتيب مجموعته الثانية ببطولة دوري أبطال أوروبا قبل أن يستضيف فريق ليفربول الإنجليزي اليوم على ملعب «بيرنابيو».

وكان فلورنتينو بيريز رئيس ريـال مدريد عيّن أنشيلوتي مدربا للفريق في يوليو (تموز) 2013، وذلك لتنفيذ مهمة صعبة هي إعادة السلام والتناغم في غرفة تغيير ملابس اللاعبين بعد ثلاثة أعوام من التوتر والاضطرابات وعدم تحقيق نجاح كبير تحت قيادة المدرب البرتغالي جوزيه مورينهو.

وكان إرث مورينهو الذي تركه بريـال مدريد هو تقسيم الفريق ما بين لاعبين مؤيدين له وآخرين يعارضونه. وكان من أبرز نجوم معسكر المعارضين لمورينهو مواطنه رونالدو وحارس المرمى المخضرم إيكر كاسياس والمدافع سيرخيو راموس. وأشارت تقارير إخبارية إلى أن اللاعبين الكبار الثلاثة لمحوا إلى بيريز بأنهم قد يكونون في طريقهم للرحيل عن ريـال مدريد ما لم يرحل مورينهو في المقابل.

وبنهاية عصر مورينهو العاصف، لم يكن هناك لاعبون على ود مع المدرب البرتغالي سوى ألفارو أربيلوا وتشابي ألونسو حسبما تشير الشائعات، وانتقل مورينهو بعدها لتدريب تشيلسي الإنجليزي.

وجاء موسم أنشيلوتي الأول مع ريـال مدريد في الدوري الإسباني دون المستوى، حيث أهدر النادي الملكي 4 نقاط في مواجهتيه مع جاره أتلتيكو مدريد، بينما أهدر 6 نقاط كاملة أمام خصمه اللدود برشلونة لينهي الموسم في المركز الثالث خلفهما. ولكن ريـال مدريد استعاد بعض توازنه بالفوز 2 / 1 على برشلونة في نهائي كأس ملك إسبانيا في أبريل (نيسان) الماضي. وبعدها حقق فوزا كاسحا 4 / 1 على أتلتيكو في نهائي دوري أبطال أوروبا، فكانت هذه بشائر ثمار فلسفة أنشيلوتي في التواضع وحكمة المصالحة.

وحتى لو لم ينجح أنشيلوتي في قيادة ريـال مدريد إلى أي ألقاب أخرى خلال فترته التدريبية الحالية، فسيظل الجميع يذكرون المدرب الإيطالي دائما بأنه الرجل الذي منح النادي الإسباني لقبه العاشر ببطولة دوري الأبطال «ديتشيما» الذي طال انتظاره.

ويبدو أن أنشيلوتي، 55 عاما، يتمتع بلمسة خاصة في بطولة دوري الأبطال، فهو المدرب الوحيد على مستوى البطولة الذي فاز بثلاثة ألقاب، كان اللقبان الأولان مع إيه سي ميلان الإيطالي في عامي 2003 و2007، وبلغ 4 مباريات نهائي بالبطولة.

وعلقت محطة «راديو ماركا» الإذاعية الإسبانية عقب فوز ريـال مدريد 3 / صفر على ليفربول في مباراة الذهاب بالمجموعة الثانية في إنجلترا قبل أسبوعين قائلة: «إنه عبقري حقيقي في المنافسة الأوروبية، فهو يعرف جميع الفرق وجميع الخدع جيدا. ولا يوجد الكثير من المدربين الذين يتمتعون بذكائه ومعرفته».

وأكد مارسيلو الظهير الأيسر لريـال مدريد أن أنشيلوتي هو ببساطة «مدرب عظيم». وقال: «إنه يعرف جيدا كيف يجمع الفريق سويا ويجبر جميع اللاعبين على الذهاب في الاتجاه نفسه، كما أنه شديد الدهاء من الناحية الفنية، فهو يستطيع قراءة نقاط الضعف في الفريق المنافس بمجرد مشاهدته في فيديو مصور لمدة 10 دقائق».

وبدا أنشيلوتي مستاء إلى حد ما في أغسطس (آب) الماضي عندما باع بيريز رئيس النادي لاعبين مهمين من الفريق هما أنخيل دي ماريا وتشابي ألونسو، ولكنه حافظ على هدوئه واتزانه كعادته، وبدلا من إضاعة الوقت في الشكوى بدأ العمل على إعادة بناء فريقه اعتمادا على لاعبيه الجديدين كروس وجبمس رودريجيز، كما نجح في تجهيز لاعب خط الوسط الموهوب إسكو ليحل محل النجم الويلزي المصاب غاريث بيل.

وقال أنشيلوتي بعد فوز ريـال مدريد 4 / صفر على غرناطة يوم السبت، وهو الفوز الـ11 على التوالي للفريق على مستوى جميع بطولاته: «إننا نقوم بالأمور على أفضل نحو، فنحن نفوز بالمباريات ونجمع النقاط». وأضاف: «إننا نلعب بمهارة وتركيز وتضحية.. لا شك في أننا لدينا عيوبنا أيضا، ولكنني بصفة عامة أشعر بالرضا تجاه الطريقة التي تسير بها الأمور».