القاهرة تسعى لحل مشكلات سيناء المزمنة بالتزامن مع جهود مكافحة الإرهاب

الرئيس المصري يشيد بالأهالي ويقدر تعويضات الإخلاء بمليار جنيه

الدخان يتصاعد من أحد المنازل التي دمرها الجيش المصري في مدينة رفح التي كانت تؤوي إرهابيين بالقرب من خط الحدود مع غزة (رويترز)
TT

في وقت تتواصل فيه عمليات الجيش المصري لمكافحة بؤر الإرهاب في محافظة شمال سيناء، تسعى القيادة المصرية إلى البحث عن حلول عاجلة وخطط مستقبلية لحل المشكلات الخاصة بأهالي سيناء، وبعضها تمتد جذوره لأكثر من 30 عاما.

وبينما نفت تقارير حكومية أن يكون هناك أي «تهجير قسري» لأهالي منطقة الشريط الحدودي مع قطاع غزة، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي العمل على تعويض أهالي سيناء الذين يجري إجلاؤهم بملايين الجنيهات، وأن التعويضات قد تصل إلى مليار جنيه (الدولار يوازي نحو سبعة جنيهات مصرية).

ووجه السيسي في كلمة ألقاها خلال حضوره مناورة عسكرية أمس، التحية لأهالي سيناء، مطالبا إياهم بـ«ألا يتركوا أحدا يدخل بينهم وبين شعب مصر، لأن شعب مصر هو شعب واحد». وقال السيسي إن «أهالي سيناء أهلنا، ونحن مسؤولون عن تخفيف المعاناة عنهم»، مؤكدا أن «التنمية في سيناء تحتل أولويتنا، وهذه التنمية ستستمر ولن ننتظر حتى يكون الأمن كاملا».

وأوضح الرئيس المصري أنه سيتم اتخاذ المزيد من الإجراءات لإخلاء المنطقة الحدودية، مؤكدا أن أهل سيناء تعاملوا بمنتهى الوطنية في أعقاب الحادث الإرهابي الذي استهدف الجنود في العريش. وقال إنه «لذلك لا بد أن يكون قلبنا عليهم.. وعندما يخرج أهالي سيناء من بيوتهم لا بد أن نعوضهم التعويض المناسب، ولن ننسى لهم هذه التضحية».

من جهته، أكد مصدر حكومي مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة المصرية تعمل حاليا على حل مشكلات ومؤرقات أهالي سيناء المزمنة، موضحا أن «ذلك يتم من خلال كل الوزارات المعنية، وبالتنسيق الكامل مع مؤسسة الرئاسة التي أكدت على ضرورة مراعاة ظروف أهالي الشريط الحدودي عند نقلهم إلى مناطق أخرى مؤقتة من أجل تأمينهم خلال تعامل القوات مع عناصر الإرهاب وبؤره، وكذلك مشكلة الأنفاق التي تشكل تهديدا للأمن القومي المصري».

وعلى صعيد تلك التحركات الرسمية، التقى وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم مساء أول من أمس مع عدد من مشايخ وعواقل القبائل في سيناء، من أجل بحث المشكلات التي تواجههم، إضافة إلى دعم تعاونهم مع الأمن في مجال مكافحة الإرهاب.

وعرض المجتمعون على الوزير إبراهيم عددا من أبرز مشكلاتهم، ومن بينها مشكلات إدارية تتعلق بأوراق تملك الأراضي، وكذلك الأحكام الغيابية التي صدرت بحق بعض من البدو. وأوصى وزير الداخلية بإعداد تقارير عن تلك المشكلات لسرعة البت فيها. كما عقد أمس المجلس التخصصي للتنمية المجتمعية التابع للرئاسة المصرية، اجتماعا مع عدد من العواقل والمشايخ من أجل بحث تنمية شمال سيناء.

من جانبه، قرر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر تكثيف إرسال القوافل الدعوية إلى شمال وجنوب سيناء، وذلك «لتحصين الناس من الفكر التكفيري الإرهابي، الذي لا يقره الإسلام ولا يعترف بفاعليه».

وشدد الدكتور الطيب على اعتبار ما يتم الاتفاق عليه مع المسؤولين في سيناء أولوية قصوى يشرع في تنفيذها على الفور، لتحصين الناس من الفكر التكفيري الإرهابي، وطلب من وزير الأوقاف تغطية جميع المساجد هناك بدعاة الأوقاف ومنع غير الأزهريين المؤهلين من اعتلاء المنابر، وذلك لسد كل المنافذ أمام الإرهابيين الذين يتخذون من الدين ستارا لإيهام الناس بأن ما يقومون به يخدم مصالح المسلمين ويعلي راية الإسلام، الذي هو من أفعالهم الإجرامية براء.

وفي سياق متصل، نفى مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء التقارير الإعلامية التي ادعت اعتزام الحكومة تهجير أهالي سيناء بالقوة، موضحا أن ما يحدث هو عملية تأمين لحدود مصر الشرقية بإخلاء سكان منطقة الشريط الحدودي فقط، وذلك بعد التفاهم مع الأهالي حول موضوع الإخلاء. وأوضح المركز التوجه إلى إقامة منطقة عازلة لحماية مصر من مخاطر الإرهاب، وأن المنطقة العازلة ستكون بعمق 500 متر من الشريط الحدودي بشمال سيناء.

وعلى الصعيد الميداني، واصلت القوات المشتركة بين الجيش والشرطة أمس عملياتها في المربع الشرقي من محافظة شمال سيناء، إضافة إلى عملية نقل سكان الشريط الحدودي مع قطاع غزة. وشهدت المنطقة الحدودية في مدينة رفح أمس انفجارا قويا خلال عمليات الجيش، وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن الانفجار حدث من عبوة ناسفة خلال تفقد القوات لمحيط أحد الأنفاق، مؤكدة عدم وجود إصابات. ورجحت المصادر أن يكون «الانفجار ناجم عن تفخيخ مجموعة إرهابية لإحدى فتحات الأنفاق، بغية استهداف القوات خلال عملية هدم الأنفاق». وأكد مسؤول أمني بدوره أن الانفجار لم يسفر عن أي إصابات، مشيرا إلى أن «نظرية تفخيخ المتطرفين لفتحات الأنفاق واردة ويجري دراستها، لتلافي حدوث إي إصابات بين القوات العاملة على الأرض لاحقا».