المجلس الدستوري الموريتاني ينصب زعيما جديدا لمؤسسة المعارضة الديمقراطية

يرأس بلدية عرفات في العاصمة.. ولم يعرف عنه نشاط سياسي قبل 2003

TT

نصب المجلس الدستوري، أعلى هيئة تشريعية في موريتانيا، أمس، زعيما جديدا لمؤسسة المعارضة الديمقراطية، وهو أحد قيادات الصف الثاني لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) الإسلامي، وقد أثار ذلك الكثير من الجدل في أوساط المعارضة.

ويعود تشكيل «مؤسسة المعارضة الديمقراطية» إلى عام 2006 بموجب تعديلات دستورية أعقبت الإطاحة بنظام الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، تنص على أن يتولى الحزب المعارض الأكثر تمثيلا في البرلمان زعامة المعارضة، كما تنص القوانين على أن زعيم المعارضة هو شخصية برتبة وزير، ويلتقي كل 3 أشهر برئيس الجمهورية لتسلم تقارير عن تسيير البلاد، وهو بدوره يعد تقارير دورية لإطلاع الرأي العام عليها.

وكان حزب تواصل الإسلامي قد حصل على 16 مقعدا في البرلمان، في أعقاب الانتخابات التشريعية التي نظمت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، وقاطعتها أطياف واسعة من المعارضة الراديكالية بما فيها حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي كان رئيسه أحمد ولد داداه يتزعم مؤسسة المعارضة.

وفي أعقاب حوار نظم عام 2012 ما بين الحكومة وبعض أحزاب المعارضة، أدخلت تغييرات على هيكلة مؤسسة المعارضة؛ حيث أصبحت تضم مجلسا للإشراف، ونصت على أن زعيم المعارضة يجب أن يكون منتخبا بعد أن كانت تسند مباشرة لرئيس الحزب المعارض الأكثر تمثيلا في البرلمان.

وكان المجلس الدستوري قد أعلن نهاية الأسبوع الماضي أن «مجلس الإشراف على مؤسسة المعارضة يضم الزعيم الجديد الحسن ولد محمد، وبيجل ولد هميد، رئيس حزب الوئام الديمقراطي الاجتماعي، وسودة مامادو، عضو البرلمان عن حزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية - حركة التجديد».

من جهة أخرى، رفض ثالث أحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان، حزب التحالف الشعبي التقدمي، المشاركة في مجلس الإشراف، مبررا ذلك بأن القوانين تنص على أن زعيم المعارضة يجب أن يكون رئيس الحزب المعارض الأكثر تمثيلا في البرلمان، وأن يكون في الوقت نفسه صاحب منصب انتخابي، مشيرا إلى أن «تواصل» اختار شخصا منتخبا، ولكنه «ليس رئيسا للحزب».

في هذا السياق، قال محمد الأمين ولد الناتي، القيادي في حزب التحالف الشعبي التقدمي، إنهم لا يعترضون على تولي «تواصل» لمنصب زعيم المعارضة، ولكنهم يتمسكون بضرورة الالتزام بالنصوص القانونية وتطبيقها حرفيا، وأضاف «نرفض التلاعب بالقوانين نظرا لحسابات داخلية في الحزب».

في غضون ذلك، أكد مولاي ولد إبراهيم، المسؤول الإعلامي لحزب تواصل الإسلامي في رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، أن «القوانين لا تفرض أن يكون زعيم المعارضة رئيس حزب سياسي»، موضحا أنه «بما أن (تواصل) هو أكثر أحزاب المعارضة تمثيلا في البرلمان، فيحق له أن يختار من بين صفوفه الشخص الذي يراه مناسبا لزعامة المعارضة، وفق تعبيره».

من جهتها، ألمحت مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الحزب الإسلامي دخل في حرج كبير عندما تأجلت الانتخابات الجزئية لمجلس الشيوخ؛ حيث كان يخطط لترشيح رئيسه محمد جميل ولد منصور، حتى يصبح قادرا على شغل منصب زعيم المعارضة، وهو المنصب الذي لا يمكن أن يشغله من دون أن يكون منتخبا.

ويرى مراقبون أن حزب تواصل لو أنه قدم رئيسه منصور لزعامة المعارضة لما ثار الجدل الدائر حاليا، وبرروا ذلك بأن ولد منصور شخصية عرفت بمقارعتها للأنظمة الحاكمة في موريتانيا، ويعد أحد أبرز الوجوه السياسية في البلاد ؛ فيما تنتقد بعض الأوساط زعيم المعارضة الجديد الحسن ولد محمد الذي يعد بالنسبة لها «شخصا مغمورا».

ولد محمد من مواليد عام 1969، متشبع بالتعليم المحظري، وهو التعليم التقليدي في موريتانيا، يحمل إجازة في القرآن الكريم ودرس عددا من كتب الفقه والنحو واللغة؛ كما تلقى تعليما عصريا موازيا مكنه من الحصول على إجازة في القانون الخاص من كلية العلوم القانونية والاقتصادية بجامعة نواكشوط سنة 1995.

إبان دراسته الجامعية كان ناشطا في النقابات الطلابية المحسوبة على التيار الإسلامي، وخلال تلك الفترة انخرط في التنظيم السري لـ«الإخوان» المسلمين في موريتانيا، وبدأ التدرج فيه، وورد اسمه في قائمة القيادات الإسلامية المطلوبة للاعتقال عام 2004، في إطار حملة اعتقالات واسعة قام بها نظام ولد الطايع ضد رموز التيار الإسلامي وقياداته، حين اتهمهم بالتخطيط لحمل السلاح وقلب نظام الحكم.

نجا ولد الحسن من الاعتقال بعد اختفائه داخل البلاد والابتعاد عن العاصمة، قبل أن يعود إلى الواجهة بعد الإطاحة بنظام ولد الطايع؛ حيث كان من ضمن الشخصيات التي شكلت أول حركة سياسية إسلامية غير سرية تحت اسم «الإصلاحيين الوسطيين» التي شكلت النواة الحقيقية لحزب تواصل.

انتخب ولد محمد عن حركة «الإصلاحيين الوسطيين» عام 2006 عمدة لبلدية عرفات، أكبر بلديات نواكشوط الـ9، وأعيد انتخابه العام الماضي عن حزب تواصل؛ حيث يرى البعض أنه نجح في إدارة بلدية عرفات، رغم اتخاذه قرارات أثارت الكثير من الجدل من ضمنها تحريمه للتدخين في البلدية والمرافق التابعة لها، بالإضافة إلى إعلانه العام الماضي بلدية عرفات منطقة منكوبة بعد تهاطل كميات من الأمطار على العاصمة نواكشوط، ولكنه سرعان ما تراجع عن الإعلان، مشيرا إلى أنها «تصريحات أدلى بها تحت وقع الصدمة».

ويجمع الموريتانيون على أن ولد محمد سياسي شاب لا يملك من الحنكة السياسية ما يمكنه من خلافة زعيم المعارضة السابق أحمد ولد داداه، الذي يعد واحدا من أقدم السياسيين المعارضين في البلاد، وكثيرا ما وصف بأنه زعيم المعارضة التاريخي في موريتانيا؛ حيث بدأ نضاله السياسي عام 1991. وترشح للانتخابات الرئاسية 3 مرات، وقاطعها مرتين.