تونس: فشل مبادرة «الرئيس التوافقي».. و«النهضة» تؤجل إعلان المرشح الذي ستدعمه في انتخابات الرئاسة

السلطات تمنع الليبيين المقيمين من ممارسة أي نشاط سياسي أو تنظيم اجتماعات دون إعلامها

TT

لم تتفق 6 أحزاب تونسية بشأن التقدم بمرشح واحد لمنافسات الرئاسة في مواجهة الباجي قائد السبسي مرشح حركة «نداء تونس» الطامح إلى ضم رئاسة الجمهورية إلى رئاسة الحكومة والبرلمان. وانتهى اجتماع ضم رؤساء الأحزاب المعنية وممثلين عنهم إلى الإعلان عن فشل المبادرة التي قادها مصطفى بن جعفر رئيس حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات ورئيس البرلمان التونسي (المجلس التأسيسي) حاليا، الذي يتنافس بدوره على الرئاسة مع 26 مرشحا آخر.

وبشأن ما توصل إليه هذا الاجتماع المغلق، قال محمد بنور المتحدث باسم حزب التكتل لـ«الشرق الأوسط» إن اللجنة التي تضم الأحزاب الممثلة «للقوى الديمقراطية والاجتماعية لم تتفق على مبادرة بن جعفر الرامية إلى دعم مرشح توافقي للانتخابات الرئاسية المقبلة، لكن المرشحين للرئاسة اتفقوا على أن يدعموا ترشحهم في الدورة الأولى، وعلى أن يتم دعم مرشح واحد في الدورة الثانية»، على حد تعبيره.

وعقدت اللجنة التي حضرتها الأحزاب الـ6. أول اجتماع بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية وقد ضمت حزب التكتل وحزب التحالف الديمقراطي وحركة الشعب وحزب المؤتمر والحزب الجمهوري وحركة الوحدة الشعبية. ووفق محمد بنور، لم يبد سوى مصطفى بن جعفر مرشح حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، ومحمد الحامدي مرشح حزب التحالف الديمقراطي، استعدادهما للتنازل عن الترشح للانتخابات الرئاسية، وفي المقابل تمسك بقية المرشحين بمبدأ الترشح في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية وعدم الاستعداد لمغادرة السباق الانتخابي.

وأضفى اجتماع مجلس شورى حركة النهضة المنعقد نهاية الأسبوع الماضي المزيد من الضبابية تجاه الترشحات للانتخابات الرئاسية بتأجيله الحسم في المرشح الذي ستدعمه الحركة في منافسات الرئاسة إلى نهاية هذا الأسبوع.

وأفاد زياد العذاري المتحدث باسم «النهضة» أن حزبه لم يحسم أمره بعد بشأن المرشح الذي سيدعمه في الانتخابات الرئاسية المقرر أجراؤها يوم 23 من الشهر الجاري. ونفى أن تكون قيادات الحركة تتفاوض حول 5 شخصيات لاختيار مرشح من بينها كما أشار إلى ذلك عبد اللطيف المكي القيادي في حزب النهضة.

وتضم لائحة الشخصيات التي تحدث عنها المكي، المنصف المرزوقي (مرشح مستقل يدعمه حزب المؤتمر من أجل الجمهورية) ومصطفى بن جعفر (مرشح حزب التكتل) وأحمد نجيب الشابي (مرشح الحزب الجمهوري) وعبد الرزاق الكيلاني وحمودة بن سلامة (وهما مرشحان مستقلان).

وذكرت مصادر مقربة من حركة النهضة لـ«الشرق الأوسط» أن حزبي النهضة وحركة نداء تونس يحاولان التقرب من سليم الرياحي رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر الذي تأسس بعد الثورة وحصد 16 مقعدا برلمانيا في أول مشاركة انتخابية له. ويتحسب حزب نداء تونس صاحب أكثرية الأصوات في البرلمان التونسي المقبل لفرضية فشل مفاوضات التحالف مع الجبهة الشعبية التي يقودها حمة الهمامي (15 مقعدا برلمانيا) وبالتالي الفشل في الحصول على الأغلبية البرلمانية، وهذا من خلال فتح قنوات الحوار مع حزب الرياحي وحزب آفاق تونس الذي يتزعمه ياسين إبراهيم.

ووفق المصادر ذاتها، قد تلتجئ حركة النهضة إلى دعم ترشح سليم الرياحي في الانتخابات الرئاسية للإطاحة بترشح الباجي وطموحه للسيطرة على المشهد السياسي برمته. كما أن «نداء تونس» بدورها قد تسعى لاسترضاء الرياحي بتنقية الأجواء السياسية بينهما بعد سلسلة من الاتهامات المتبادلة باللجوء إلى المال السياسي الفاسد، من خلال دعم نداء تونس في البرلمان على أن تتولى دعم ترشحه في منافسات الرئاسة.

ومن خلال ما أفرزته الـ5 أيام الأولى من الحملة الانتخابية الرئاسية، فقد اتضح تركيز معظم المرشحين البارزين للانتخابات الرئاسية على التعويل على صورة الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة لطمأنة المجتمع التونسي بشأن مدنية الدولة والمحافظة على المكتسبات الاجتماعية خاصة منها ما يتعلق بحرية المرأة.

ولم يشذ عن هذا الاختيار سوى المنصف المرزوقي الرئيس التونسي الحالي الذي دعم الشق اليوسفي (نسبة إلى الزعيم التونسي صالح بن يوسف) وعادى التوجه البورقيبي وذلك لأسباب تاريخية(والد المرزوقي كان من الشق اليوسفي المعارض لبورقيبة).

ويتمسك الباجي قائد السبسي (رئيس حركة نداء تونس) بصورة بورقيبة تماما مثل كمال مرجان (مرشح حزب المبادرة للرئاسة) وأعطى الباجي إشارة انطلق حملته الانتخابية الرئاسية من مقبرة آل بورقيبة في المنستير. وكذلك الشأن بالنسبة لمصطفى بن جعفر الذي التحق بالركب بالإعلان أنه بدأ حياته السياسية «دستوريا وبورقيبيا» قبل أن ينشق عن حزب بورقيبة وينضم إلى حركة الديمقراطيين الاشتراكيين أول حزب معارض تأسس في تونس، ويشاركه في نفس هذا التمشي أحمد نجيب الشابي (مرشح الحزب الجمهوري) وكلثوم كنو (المرشحة المستقلة).

من ناحية أخرى، دعت وزارة الشؤون الخارجية التونسية، في بيان لها يوم أمس، جميع الأطراف الليبية الموجودة على الأراضي التونسية، إلى «ضرورة الامتناع عن ممارسة أي نشاط سياسي أو تنظيم أي اجتماعات، دون إعلام مسبق للسلطات التونسية المختصة، وذلك في نطاق الحفاظ على استقرار تونس وأمنها الوطني وحرصا على عدم الزج بها في الشأن الداخلي الليبي».

ويأتي هذا الموقف التونسي بعد زيارة الفرنسي برنار هنري ليفي التي ألقت بظلالها على المشهد السياسي التونسي وتأكيد ليفي على أن زيارته إلى تونس كانت للالتقاء بأصدقاء ليبيين. وتخشى تونس من تحول الصراع الليبي الداخلي إلى أراضيها بعد فتح أبوابها منذ الإطاحة بنظام العقيد القذافي، لنحو مليوني ليبي من بينهم عدد كبير من أنصار النظام الليبي السابق.