رئيس الحكومة الليبية لتركيا: البرلمان خط أحمر.. ونتمنى احترام إرادة شعبنا

ضجة بسبب اختفاء تمثال أثري في قلب العاصمة طرابلس.. وإغلاق ميناء بنغازي بسبب الاشتباكات بين الجيش والمتطرفين

فرج بوهاشم الناطق باسم البرلمان الليبي («الشرق الأوسط»)
TT

اختفى فجر أمس بشكل مفاجئ تمثال «الغزالة»، الذي يعد واحدا من أبرز المعالم التاريخية والأثرية في وسط العاصمة الليبية طرابلس. وفيما زعم المكتب الإعلامي لما يسمى عملية فجر ليبيا، التي تهيمن على طرابلس منذ نحو شهرين، أن مصلحة الآثار هي من قامت بإزالة التمثال الأثري بغرض صيانته، فقد اعترف مجلس بلدية طرابلس باختفائه. وأصدر المجلس الذي يترأسه متطرف إسلامي سابق هو المهدي الحاراتي، الذي يحمل أيضا الجنسية الأيرلندية وسبق له أن تباهى علانية بتقديم مساعدات للجماعات الإرهابية في سوريا، بيانا عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ندد فيه بالحادث. وبعدما أعلن أن الجهات الأمنية باشرت فتح تحقيق في الحادث، قال: «نعد أهل طرابلس بالوصول إلى الجناة». وعلى الرغم من أن عملية فجر ليبيا لم تنف وجود ما وصفته بالأيادي العابثة التي تختار التوقيت وتستهدف أماكن معينة بأعمال تثير شكوكا وتوجه اتهامات لجهات، فإنها هددت بأن «عيوننا الساهرة في سرية الاستخبارات المدنية تحديدا ستقوم بدورها على أكمل وجه طيلة الفترة القادمة داخل العاصمة طرابلس». وأضافت: «سنضرب بيد من حديد ولن نتهاون مع من تثبت عليه رائحة التآمر على زعزعة أمن العاصمة بعد استتبابه». وجاء اختفاء التمثال بعد إعلان عمر الحاسي رئيس ما يسمى حكومة الإنقاذ الوطني المدعومة من المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق والمنتهية ولايته) أن حكومته قد نجحت في تحقيق الأمن والاستقرار في طرابلس. ويجسد تمثال الفنان الإيطالي أنجولو فانيتي في بداية القرن العشرين، ويحمل اسم «نبع الحياة»، مشهدا لحسناء تمسك بجرة وتعانق غزالة، وتعتبر تاريخيا من أساطير الآلهة الإغريقية، علما بأنه كان يتوسط نافورة في الميدان الشهير باسم الغزالة عند مفترق طرق تتفرع منه شوارع رئيسية في العاصمة طرابلس.

واستهدف متطرفون التمثال العاري أكثر من مرة على مدى الشهور الماضية، حيث غطوه بزى أزرق اللون مشابه لما ترتديه النساء الأفغانيات، كما استهدفته قذيفة صاروخية خلال المعارك التي خاضتها قوات مصراتة وحلفاؤها ضد ميليشيات الزنتان والجيش في شهر يوليو(تموز) الماضي للسيطرة على طرابلس.

من جهة أخرى، استمرت أمس الاشتباكات بين الجيش الليبي ومقاتلين إسلاميين في منطقة الميناء التجاري في بنغازي والذي يمثل نقطة دخول رئيسية لواردات القمح والوقود وغيرهما في البلاد، مما أدى إلى إغلاقه؛ حيث قال مسؤول إنه «تم إيقاف جميع تحركات السفن وعمليات تفريغ الواردات».

وشنت قوات الجيش الليبي هجوما بالقرب من مرفأ بنغازي بهدف استعادة السيطرة على هذه المنطقة الواقعة وسط ثاني مدن ليبيا من الميليشيات الإسلامية.

وعد العقيد أحمد المسماري المتحدث باسم قيادة الأركان العامة للجيش الليبي أن الهدف من الهجوم الذي تشنه قوات موالية للواء خليفة حفتر بمساندة وحدات من الجيش، هو «تطهير المنطقة من الجماعات الإسلامية المسلحة». وسمع سكان محليون دوي أسلحة ثقيلة في وسط المدينة حيث يوجد المرفأ والإدارات الحكومية والأسواق. بينما جرت مواجهات كذلك في حي الليثي في وسط المدينة والمعروف بأنه معقل للإسلاميين المتشددين. وأكدت مصادر طبية العثور في منطقة بينينا على جثث 4 عناصر طبية تم خطفهم من مستشفى الهواري في وقت سابق في ظروف غامضة. وسيطر الجيش بمشاركة مقاتلين مدنيين الأسبوع الماضي على أحياء جنوب وشرق بنغازي، كما استعاد السيطرة على معسكرات وقعت في أيدي الإسلاميين. إلى ذلك، زعم مفتاح شنكادة رئيس المجلس العسكري لغريان، أن ما يسمى قوات فجر ليبيا أحرزت تقدما كبيرا على كافة المحاور وأن أمتارا قليلة تفصلها عن السيطرة الكاملة على منطقة سد وادي زارت وفك الحصار على مدينة ككلة. ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن مفتاح قوله إن قوات جيش القبائل بعد محاصرتها في منطقة «وادي زارت» وتضييق الخِناق عليها، اضطرت إلى التقهقر والانسحاب باتجاه منطقة بئر الغنم. وأضاف: «المعركة اقتربت من الحسم، وقوات جيش القبائل التي تقصف مدينة ككلة من منطقة القواليش تراجعت إلى منطقة المليعب جنوب غرب ككلة»، التي تبعد نحو 150 كيلومترا جنوب غربي العاصمة طرابلس. وبلغ إجمالي الضحايا 142 قتيلا و518 جريحا منذ بدء الاشتباكات المسلحة بالمدينة قبل نحو أسبوعين بين قوات الجيش الليبي وميليشيات فجر ليبيا، وفقا لما أعلنته مصادر طبية. في المقابل، اعتبر عبد الله الثني رئيس الحكومة المؤقتة الانتقالية أن هناك أطرافا تريد أن تحكم الشعب الليبي بالقوة وباسم الدين الإسلامي وهو بريء من أفعالهم، مؤكدا أن الشعب الليبي لن يستطيع كائن من كان أن يحكمه بالقوة والحديد والنار. والتاريخ يشهد بذلك وأن الليبيين قالوا كلمتهم.

وجاءت تصريحات الثني لدى لقائه أول من أمس بحضور عدد من وزرائه، مع أمر الله ايشلر مبعوث الرئيس التركي، الذي وصل بشكل مفاجئ إلى مدينة البيضاء التي تتخذها حكومة الثني مقرا لها في شرق البلاد.

ونقل بيان للحكومة الليبية تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه عن الثني قوله إن «هناك أطرافا تحاول الاستيلاء على السلطة في البلاد»، مؤكدا رفض حكومته اللجوء إلى العنف والقتال من أجل الوصول إلى السلطة وأن صناديق الاقتراع هي الأسلوب الأمثل والصحيح لبناء الديمقراطية.

وتمنى الثني من كافة الدول الصديقة والشقيقة أن تحترم خيارات الشعب الليبي، معتبرا أن أي تدخل أو رأي يخالف إرادة الليبيين هو مرفوض رفضا تاما.

وأضاف: «نحن كحكومة نرحب بكافة المبادرات التي تحلحل الأمور ونرحب بالحوار بشروط منها الاعتراف الكامل بشرعية مجلس السلطة المنتخبة ويعتبر مجلس النواب خطا أحمر». وقال إننا نرحب أيضا بمبادرة الأمم المتحدة ولكن بشروط مقبولة وواضحة بعيدا عن كافة التصريحات والإيحاءات المبطنة.

من جهته، كشف وزير التعليم الليبي فتحي المجبري أن كافة الجماعات الإرهابية الآن موجودة في ليبيا التي أصبحت ملاذا لهؤلاء الإرهابيين، على حد قوله.

وكشف المجبري النقاب عن أن هناك إرهابيين من جنسيات مختلفة في ليبيا من باكستان واليمن والشيشان والجزائر وغيرها، لافتا إلى أن ما يحصل في مدينتي درنة وبنغازي هو خير دليل على ذلك. ووصف وزير العدل المبروك عمران العملية القضائية في ليبيا بأنها «مختطفة»، مشيرا إلى أن الذين يسعون وينتظرون حكما من المحكمة الدستورية العليا الموجودة في العاصمة طرابلس التي وصفها بالمحتلة هي أيضا ويمارس عليها الإرهاب وعلى السلطة القضائية. وتساءل لدى لقاء الحكومة مع المبعوث التركي: كيف ستكون المحكمة عادلة ونزيهة في ظل هذه الأوضاع الراهنة؟ مشيدا بالقضاء الليبي النزيه الذي يتعرض للإرهاب على أيدي هؤلاء المغتصبين. وسبق للمبعوث التركي أن التقى مؤخرا عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي في مدينة طبرق، قبل أن يلتقي مسؤولين من عملية فجر ليبيا في مصراتة وطرابلس، بعدما توترت العلاقات الليبية التركية بسبب رفض السلطات الشرعية في ليبيا الدعم التركي للمتطرفين.