النقيب العنزي.. عاش يتيم الأبوين ونجا من إرهاب «الرس» واستشهد صائما في بريدة

TT

النقيب محمد العنزي، الذي كتبت له الشهادة ورفيقه العريف تركي الرشيد، خلال مواجهات الإرهابيين في بريدة ضمن ملاحقة قوات الأمن السعودية للمتورطين في حادثة الهجوم على قرية «الدالوة» بمحافظة الأحساء، عاش يتيم الأبوين، حيث توفي والده وعمره «ثلاث سنوات»، وما لبث أن لحقت به والدته بعد خمس سنوات وعمره «ثماني سنوات».. ليكفله عمه، الذي لحق بأبيه بعد أسبوع، ليعيش يتيم الأبوين في مدينة حائل شمال السعودية.

محمد العنزي، وهو أكبر إخوانه الثلاثة، بالإضافة إلى شقيقته، كان هاجسه منذ الصغر أن يغدو جنديا يذود عن حياض الوطن ويحميه من الأعداء، لتتحقق أمنيته عندما التحق بكلية الملك فهد الأمنية التي تخرج فيها ضابطا ضمن قوات الطوارئ.

النقيب محمد العنزي، الذي استشهد أول من أمس في القصيم، وبحسب ما ذكره لـ«الشرق الأوسط» خاله فالح العنزي، كان يحمل هاجس الدفاع عن بلاده ومحاربة الأفكار الهدامة، وأصيب قبل عقد من الآن في أحداث مدينة الرس (وسط السعودية) في عام 2005، جراء قنبلة يدوية رماها عليه أحد الإرهابيين في ذلك الوقت في إطار مواجهات قوات الأمن السعودية مع الإرهابيين، وكان ذلك بعد وقت قليل من انخراطه في العمل الأمني، بعدها ظل النقيب العنزي يردد توجيهات الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية في ذلك الوقت، حينما زاره ورفاقه في المستشفى للاطمئنان عليه، ويتذكر قوله «أنتم من تحمون أبناء ومقدرات الوطن»، لتبقى كلمات الأمير في ذاكرته وزملائه ضباطا وأفرادا، مستشعرين جميعا أهمية الدور الذي يقومون به في دحر ومواجهة الفئات الضالة وإرهابهم.

انخرط الراحل في عدة دورات عسكرية صقلته وأعدته لمهام قيادية، كانت آخرها دورة الصاعقة التي كان من المفترض أن ينضم إليها بعد أسبوع من الآن.

ويضيف فالح العنزي أن النقيب الراحل كان يتواصل معه ذووه وأقاربه ليلة الحادث عبر برنامج «الواتس أب»، وكان حديثه معهم يدور حول النصح إلى عدم الانجرار خلف الشائعات والأفكار الهدامة، موصيا أهله ومحبيه بالالتجاء للمولى عز وجل والدعاء لحماية بلاده.

ويتذكر فالح بكل حزن ذلك اللقاء الذي دعا له النقيب محمد العنزي لجمع الأسرة في العيد حينما كان يتودد إلى جدته وأقاربه، وهو ما يدل على حرصه على صلة الرحم والأقارب.

وفي المخيم الذي أعد لاستقبال المعزين في حديقة أمام منزل الراحل بمدينة عنيزة كان يوجد أطفاله «سلطان، وسلمان، وباسل»، وحرص أبناؤه على استقبال المعزين، فيما يردد ابنه البالغ من العمر 7 أعوام أن والده «مات بطلا».

وكان العنزي موجودا في أرض الحدث التي شهدت استشهاده ورفيقه، حيث كان يربط من جأش زملائه ورفاقه ويحثهم على مواجهة الإرهابيين، وعندما أصيب الشهيد تركي الرشيد هب النقيب محمد العنزي إلى إنقاذه، إلا أن يد الغدر طالته ليلحق برفيقه وهو صائم يوم عاشوراء، لينضم إلى عقد شهداء الواجب الذين ما تفتأ الدولة في تكريمهم وذويهم، تقديرا لدورهم البطولي.