اشتباكات دامية في المسجد الأقصى وحملة استيطان جديدة تهدد بتفجير المنطقة

القوات الإسرائيلية تقتحم المسجد القبلي.. وتتسبب في إحراق محرابه

فلسطينيون يقومون بتنظيف المسجد الأقصى بعد المواجهات العنيفة التي وقعت بين قوات إسرائيلية وشبان فلسطينيين أمس (أ.ف.ب)
TT

شهدت مدينة القدس الشرقية، أمس، تدهورا أمنيا خطيرا، بدأ بسلسلة اشتباكات دامية في المسجد الأقصى المبارك بين المستوطنين المتطرفين الذين يواصلون زيارة الحرم القدسي سعيا لتثبيت الوجود اليهودي فيه، وبين قوات الشرطة الإسرائيلية التي تحميهم.

وبدأت الاشتباكات بعد أن داهم قادة «حركة أمناء الهيكل» الاستيطانية الحرم أمس، فتصدى لهم شبان فلسطينيون، لكنهم أعلنوا بعد فشل محاولتهم أنهم سيكررون المحاولة من أجل «تحرير جبل الهيكل من أيدي العرب»، وقد احتشد العشرات منهم في وقت مبكر من صباح أمس في منطقة قريبة من المسجد الأقصى بغرض اقتحامه بذريعة أداء شعائر دينية، وبعد أن انقضوا على البوابة، سمحت لهم قوات الاحتلال بالدخول، فدارت مواجهات عنيفة بينهم وبين الفلسطينيين، قبل أن تتدخل قوات الاحتلال لصالحهم، حيث قامت باقتحام المسجد القبلي وعاثت فيه فسادًا، مخلفة وراءها خرابا في الممتلكات وحريقا في محراب المسجد وعند بعض أعمدته، نشب، حسب بعض التقديرات، بسبب إلقاء كميات كبيرة من القنابل المسيلة للدموع، وقنابل الصوت الهائلة التي ألقتها قوات الاحتلال باتجاه المرابطين في الحرم المقدسي وداخل مساجده.

وتشهد القدس الشرقية المحتلة منذ الأسبوع الماضي أعمال عنف تثير مخاوف من اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة ضد الاحتلال الإسرائيلي. ويمثل ملف المسجد الأقصى إحدى أبرز نقاط التوتر بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.

وقالت لوبا سمري، الناطقة باسم الشرطة الإسرائيلية، إن «عشرات المتظاهرين رشقوا بالحجارة والمفرقعات قوات الأمن التي دخلت بعد ذلك جبل الهيكل (الاسم الذي يطلقه اليهود على باحة الأقصى) وصدوا المتظاهرين إلى داخل المسجد». وبحسب رواية الشرطة الإسرائيلية فإن المتظاهرين الفلسطينيين قضوا الليلة داخل المسجد بنية منع زيارة المتطرفين اليهود، وبدأوا بإلقاء المفرقعات والحجارة عند فتح باب المغاربة المؤدي إلى المسجد والمخصص لإدخال الزوار غير المسلمين.

وفي خطوة نادرة، دخلت الشرطة الإسرائيلية «بضعة أمتار» داخل المسجد، حسب سمري، من أجل إزالة بعض الحواجز التي وضعها الشبان الفلسطينيون، وأغلقت عليهم باب المسجد لفتح المجال أمام الزوار.

وأشارت في بيان إلى أنه «في ضوء الاشتباكات العنيفة وتصاعد أعمال الشغب وبهدف منع مواصلة إلحاق الأذى بأفراد الشرطة وإزالة الحواجز التي تم تثبيتها على الأبواب والأرضية، دخلت القوات عدة أمتار داخل جدران المسجد ليتمكنوا من إغلاق الأبواب على الشبان الفلسطينيين». وقالت صحافية في وكالة الصحافة الفرنسية في الموقع إن المواجهات امتدت إلى بلدة القدس القديمة المحاذية لباحة الأقصى. وبعد أن منعت الشرطة الإسرائيلية الشبان من الخروج واحتجزتهم داخل المسجد، تم إعادة فتح الباحة أمام الزائرين، ودخل نحو 108 من اليهود، بالإضافة إلى 200 سائح أجنبي.

من جهته، قال عدنان الحسيني، محافظ القدس، إن «هذه هي أول مرة يقومون فيها بالتغلغل وصولا إلى المنبر.. الوضع صعب، لقد منعونا من الدخول بينما يتمكن اليهود والسياح من التجول براحة، وهذا وضع القدس اليوم وهذه هي الديمقراطية الإسرائيلية»، وأضاف أنه خلال الاشتباكات ضربت قنبلة صوت نقاط الكهرباء داخل المسجد، مما أدى إلى اندلاع حريق صغير تمكن الموجودون داخل المسجد من إخماده.

وكان متطرفون يهود قد دعوا إلى التوجه بكثافة صباح أمس إلى باحة الأقصى للتعبير عن دعمهم ليهودا غليك، أحد قادة اليمين المتطرف الذي تعرض لمحاولة اغتيال في 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بالقدس.

من جهة ثانية، صادقت «اللجنة المحلية للتخطيط والبناء في القدس» أمس، على بناء 306 وحدات سكنية أخرى خارج الخط الأخضر، داخل «راموت» و«حار حوما»، اللتان تقومان على أرض القدس الشرقية المحتلة، وهو ما ينذر بتفجر الوضع من جديد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما جددت المصادقة على وحدات سكنية أخرى، ليصل العدد إلى 306 وحدات سكنية. وكانت هذه اللجنة قد صادقت الاثنين الماضي على البدء ببناء 500 وحدة استيطانية على أراض تقع تحت نفوذ السلطة الفلسطينية بجانب بيت حنينا.