نواب لبنان يمددون ولايتهم خلال 15 دقيقة حتى عام 2017

بأكثرية 95 صوتا وبمظلة مسيحية من «القوات».. ومقاطعة «الكتائب» و«التغيير والإصلاح»

TT

مدد البرلمان اللبناني لنفسه، وكما كان متوقعا، للمرة الثانية رغم كل الحملات الشعبية الرافضة للتمديد، وهو ما اعتبرته منظمة «هيومان رايتس ووتش» تعارضا مع التزامات لبنان الدولية لحقوق الإنسان، ووصفه البطريرك الماروني بشارة الراعي بـ«غير الشرعي وغير الدستوري».

وأتى التمديد الجديد لسنتين و7 أشهر أي لغاية يونيو (حزيران) 2017، وكان التمديد الأول لمدة 17 شهرا ينتهي في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ليكون النواب اللبنانيون مددوا لأنفسهم ما مجموعه ولاية كاملة متسلحين بـ«الظروف الاستثنائية» التي لا تسمح بإجرائها.

ووحد هذا التمديد الخصوم بحصوله على 95 صوتا من أحزاب فريقي «8 و14 آذار»، باستثناء نواب كتلتي «حزب الكتائب» (14 آذار) و«التغيير والإصلاح» (8 آذار) الذين قاطعوا الجلسة رفضا للتمديد، فيما صوت نائبا «حزب الطاشناق» ضده، وأعلن وزير الخارجية جبران باسيل، أن وزراء «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه النائب ميشال عون، لن يوقعوا على مرسوم إجراءات قانون التمديد في الحكومة، غير أن هذا لا يعني سقوط المشروع، لأن صلاحيات رئيس الجمهورية المنوطة بالوزراء مجتمعين في ظل الفراغ الرئاسي المستمر منذ 25 مايو (أيار) الماضي، لا تسمح بعرقلة المشروع الذي سيصبح نافذا بعد انقضاء الفترة القانونية من دون توقيعه.

وكان لنواب «القوات» الدور الأساسي في تأمين «المظلة الميثاقية المسيحية»، بعدما كان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد أعلن أن جلسة التمديد ستكون مهددة ولن يسير بها إذا افتقدت إلى تأييد إحدى الكتل المسيحية الأساسية. وهو الأمر الذي أدى إلى حرب كلامية و«مزايدات سياسية» يوم أمس، بين كل من «حزب القوات» و«التيار الوطني الحر».

وفيما كان موقف «حزب القوات» شبه مؤكد منذ البداية بالسير في التمديد، انطلاقا من أنه «بين الفراغ والتمديد» سيلجئون إلى الخيار الثاني، فإن كلا من «الكتائب» و«التغيير والإصلاح» كانا قد أعلنا أنهما سيحضران الجلسة ويصوتان ضد التمديد، قبل أن يعلنا قبل ساعات من الجلسة مقاطعتهما لها.

وتحدث صاحب اقتراح القانون النائب فتوش خلال الجلسة، قائلا «أنا أعرف جيدا أن التمديد مخالف للدستور وأنه يتعرض للإرادة الشعبية لكن مفعول الظروف الاستثنائية محدد في الزمان بحيث لا يجوز سن قوانين خارج المدة التي تستوجبها هذه الظروف». وأوضح أن الأسباب الموجبة تعطي صلاحية للمجلس النيابي عندما يرى أن الظروف طبيعية أن يجتمع ويعدل هذه الولاية. وهو ما سجل في محضر الجلسة التي لم تتجاوز مدتها الساعة، بأنه «وبعد انتخاب رئيس للجمهورية وإقرار قانون جديد للانتخابات وبعد زوال الظروف الاستثنائية يعود المجلس إلى تقصير ولايته الممددة».

وفي حين قال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «انسجاما مع قناعاتنا بأن الظروف لا تسمج بإجراء الانتخابات النيابية صوتنا مع التمديد»، وصف وزير الخارجية جبران باسيل، التمديد بأنه «عملية سطو على المجلس النيابي» معتبرا أن «تعليل الأمر بالأمور الاستثنائية يسمح لإطالة التمديد».

وفي هذا الإطار، أكد النائب في تكتل التغيير والإصلاح، آلان عون، أن «التيار الوطني الحر» وانسجاما مع موقفه الرافض للتمديد سيقوم بكل الخطوات القانونية اللازمة لمحاولة إيقافه، من عدم التوقيع إلى الطعن أمام المجلس الدستوري. وأكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن وزراء التيار لن يوقعوا على المرسوم الذي سيحال إلى الحكومة. وسأل ما الجدوى من استقالة نواب التيار، ردا على المطالبين بإقدامهم على هذه الخطوة انطلاقا من موقفهم الرافض للتمديد، وقال «ضميرنا مرتاح في كل ما قمنا به ولسنا في صدد الانتحار سياسيا إرضاء للمزايدين».

ورد رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية على «باسيل من دون أن يسميه قائلا أحد وزراء التكتل يتحدث عن عملية سطو على المجلس النيابي عبر التمديد، ويقول إجراء الانتخابات كان من الممكن أن يشكل حلا لمشكلة الانتخابات الرئاسية، لكن إجراء الانتخابات النيابية كان بيدهم وليس بيدنا».

وقال جعجع في مؤتمر صحافي بعد ظهر أمس «بين التمديد والانتخابات، نحن مع الانتخابات، لكن بين التمديد وإسقاط الدولة إلى المجهول نحن مع التمديد».

وأضاف «الحكومة كلها تواطأت لعدم إجراء الانتخابات النيابية، لكن الفارق أن هناك من هو مع التمديد، ومن يتباكى على التمديد. أصبح واضحا أن هدف تكتل التغيير والإصلاح هو إسقاط جميع المؤسسات الدستورية كمقدمة لتغيير النظام برمته من خلال مؤتمر تأسيسي، وهذا تفكير مدمر. لم يكن بإمكاننا مجاراة التكتل ما وضعنا أمام خيار الموافقة على التمديد مرغمين».

ولفت إلى أن أكثر من نصف المصوتين على التمديد هم من حلفاء «التغيير والإصلاح»، مضيفا «التمديد مرتبط بحصول الانتخابات الرئاسية ومن يرد الانتخابات النيابية فليتفضل إلى الانتخابات الرئاسية»، واعتبر أن المكسب الثاني كان من خلال الوعد الذي قطعه رئيس مجلس النواب نبيه بري، بدعوة اللجنة النيابية المختصة بإقرار قانون الانتخاب إلى الاجتماع من جديد.

مع العلم، أن بري، قال خلال الجلسة، إنه سيدعو اللجنة المعنية بقانون الانتخابات إلى جلسة يترأسها هو، على أن تعطى مهلة أقصاها شهرا، وإذا لم تتوصل إلى التفاهم على قانون جديد سيصار إلى العودة إلى المجلس النيابي فيطرح هذا الموضوع وتناقش كل الصيغ المقترحة في الهيئة العامة.

ومن الناحية القانونية، اعتبر وزير العدل السابق أدمون رزق أن تمديد ولاية البرلمان قانوني لكنه غير دستوري. وعن وضعية الحكومة بعد التمديد قال رزق لوكالة الأنباء المركزية «الحكومة قائمة، ولا تتغير صفتها، كما أنها لا تتحول إلى حكومة تصريف أعمال ولا تعتبر مستقيلة، لأن ما حصل ليس تجديدا لولاية مجلس النواب، بل يعد تمديدا». وأوضح أن التمديد «قانوني» لكنه «غير دستوري»، لأن المادة 42 من الدستور نصت على وجوب إجراء الانتخابات في خلال الـ60 يوما السابقة لانتهاء مدة النيابة ولأنه لا رقابة عليه من قبل رئيس الجمهورية لطلب رده (المادة 57 من الدستور) أو الطعن به أمام المجلس الدستوري.

وفيما كان معظم الأفرقاء اللبنانيين قالوا إن تأييدهم التمديد هو منعا للفراغ الكامل في المؤسسات في ظل الفراغ في الرئاسة الأولى، أكد رزق أنه لا فراغ إذا انتهت ولاية مجلس النواب، وأوضح أن ثمة أحكاما في الدستور توجب دعوة الهيئات الناخبة لإجراء الانتخابات دون إبطاء عند حل المجلس (أو انتهاء ولايته) - المادة 74 من الدستور... إلا إذا كانت هناك قوة قاهرة أو حالة طارئة، فيصبح التمديد ضرورة وتنطبق عليه قاعدة: «الضرورات تبيح المحظورات».