مسؤولون أميركيون: البنتاغون يدرس توجيه ضربات إلى «جبهة النصرة»

محاربتها لـ«المعارضة المعتدلة» في سوريا قد تجعلها هدفا للتحالف

طفل على دراجته أمام مبى مدمر في مدينة حلب (أ.ف.ب)
TT

دخول «جبهة النصرة» على خط القتال ضدّ «الجيش الحر» وتحقيقها تقدما لافتا في الأيام القليلة الماضية ووصولها إلى الحدود التركية في الساعات الأخيرة، قد يجعلها مجددا هدفا لضربات التحالف الدولي في محاولة للمحافظة قدر الإمكان على «المعارضة المعتدلة» التي يفترض أن تكون الجهة التي تريد واشنطن دعمها عسكريا. وهو ما أشارت إليه صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، لافتة إلى «أنّ تقدّم (النصرة) دفع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، للتفكير في توجيه ضربات جوية إلى مواقعها في سوريا، على غرار استهداف مواقع تنظيم داعش المتطرف».

من جهتها، قللت وزارة الدفاع الأميركية من التقارير التي تحدثت عن هزيمة قوات المعارضة السورية التي تدعمها الولايات المتحدة أمام هجمات لجبهة النصرة في سوريا وأدت إلى استيلاء جبهة النصرة على عدد من البلدات والقرى التي كانت تحت سيطرة الجيش السوري الحر.

وقلل الكولونيل ستيف وارن المتحدث باسم البنتاغون من خطورة هزيمة قوات المعارضة السورية أمام جبهة النصرة السورية وقال: «يحدث تبادل في القوى التي تستولي على الأرض في هذه المناطق بشكل كبير وتدور معارك في كل وقت بين المجموعات المختلفة لكننا لم نر أية مؤشرات تدل على شيء كبير أو كارثة»، محذرا من المبالغة في تحليل تداول استيلاء القوى على الأراضي وشدد المتحدث باسم البنتاغون أن الولايات المتحدة تراقب الوضع عن كثب.

وأشارت تقارير صحافية إلى أن هذه التطورات في سوريا توضح أن استراتيجية الولايات المتحدة تواجه تحديات كبيرة في سوريا. وقال محللون بأن هذا التطور على الأرض في سوريا يشكل نكسة لجهود الإدارة الأميركية في تدريب وتسليح قوات المعارضة السورية المعتدلة لتقوم بمهمة محاربة داعش إضافة إلى مخاطر وقوع الأسلحة الأميركية التي قدمتها واشنطن للمعارضة السورية في أيدي عناصر تنتمي لجبهة النصرة. وقد أشارت تقارير إلى استيلاء جبهة النصرة على أسلحة ثقيلة من بينها صواريخ TOW المضادة للدبابات وصواريخ غراد.

من جانبه قال جوش ارنست المتحدث باسم البيت الأبيض «نحن ندرك أن قوات المعارضة السورية المعتدلة منخرطة في صراعات متعددة الجبهات وتواجه بعض الخسائر، ولذا فإن الإدارة الأميركية ترى الحاجة لمناقشة تكثيف التدريب والمساعدة التي تقدمها الولايات المتحدة لمقاتلي المعارضة السورية المعتدلة».

وأشار ارنست إلى موافقة المملكة العربية السعودية وتركيا لاستضافة عمليات تدريبية للمعارضة السورية المعتدلة وقال: «الولايات المتحدة وشركاؤها في التحالف تدرك أمرين، الأول هو الدور المهم للقوات البرية المحلية التي تتحمل العبء في مواجهة داعش على الأرض في سوريا، وندرك أيضا أن تدريب المقاتلين في المعارضة السورية المعتدلة يتطلب وقتا كبيرا».

وأضاف المتحدث باسم البيت الأبيض «أن حجر الزاوية في استراتيجية التحالف ضد داعش هو منع حصول المتطرفين على ملاذات آمنة. وندرك أهمية وجود قوات محلية على الأرض لمواجهة داعش والنصرة».

وقد أبدت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية قلق بلادها من التقارير التي تحدثت عن سيطرة جبهة النصرة على عدد من القرى التي كان يسيطر عليها الجيش السوري الحر في محافظة إدلب غرب حلب. ورفضت ساكي التعليق على وقوع أسلحة أميركية بيد مقاتلي داعش أو جبهة النصرة، وقالت: «لقد اتخذنا تدابير لتجنب مخاطر وقوع مساعدات أميركية في الأيدي الخطأ»، وشددت على استمرار دعم الولايات المتحدة للمعارضة السورية المعتدلة وقالت: «الدعم لا يزال جاريا وهو عملية مستمرة، والإدارة الأميركية تدرك حاجة المعارضة لتقوية قدراتهم أكثر في الجانب العسكري وهو ما يجعلنا وشركاء آخرين نواصل عمل المزيد لمساعدتهم».

وقال مسؤول بالإدارة الأميركية «هناك دائما دراسة لتطورات الأوضاع، ونقوم بمناقشة هذه التطورات، ونريد مساعدة المعارضة السورية والحفاظ على المعابر الحدودية مفتوحة وندرس الكثير من الأمور» وأضاف: «ندرك أن القوى المعتدلة في سوريا منخرطون في صراعات متعددة الجبهات، وندرس كل الاحتمالات والأمور معقدة للغاية»، مشيرا إلى أن الأمر لم يصل إلى مرحلة «اتخاذ قرار محدد».

من جانب آخر لمح مسؤولون أميركيون أن البنتاغون يدرس إمكانية توسيع الحملة الجوية في سوريا لتوجيه ضربات إلى جبهة النصرة - المرتبطة بتنظيم القاعدة - التي تهدد بالاستيلاء على معبر باب الهوى في شمال غربي سوريا عند الحدود التركية، وهو المعبر الذي يتلقى من خلاله الجيش السوري الإمدادات العسكرية والإنسانية التي تقدمها الولايات المتحدة.

وتتركز الضربات الجوية للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة على تجمعات تنظيم داعش في العراق والشام في مناطق شمال وشرق سوريا. ولا تزال جماعة جبهة النصرة على قائمة الولايات المتحدة السوداء للمنظمات الإرهابية باعتبارها ذراعا لتنظيم القاعدة في سوريا.

مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لا يعتبر الأمر سهلا، مشيرا إلى أنّه وبعد الضربة التي تلقتّها «النصرة» من طائرات التحالف عمدت إلى إعادة تموضع انتشارها، ما قد يصعّب المهمة على التحالف الدولي في حال قرّر تكرار استهدافها، لا سيّما أنّ وجودها اليوم بات بشكل رئيسي في مناطق يكثر فيها وجود المدنيين. وذكّر في هذا الإطار، أن ضربات التحالف التي استهدف في مراحلها الأولى «النصرة» أدّت إلى سقوط ضحايا بين المدنيين، ما نتج عنه ردود فعل مستنكرة.

وقد حشدت «جبهة النصرة» عناصرها في بلدة سرمدا بمحافظة إدلب شمالي سوريا في اليومين الأخيرين، على بعد 6 كيلومترات من معبر باب الهوى شمال سوريا على الحدود مع تركيا في محاولة لانتزاع هذا المعبر الحيوي من المقاتلين المعارضين. وقال نشطاء أن الجبهة حشدت عناصرها في قرية سرمدا في ريف إدلب قرب معبر باب الهوى الذي تسيطر عليه «الجبهة الإسلامية» كبرى التكتلات للفصائل الإسلامية المسلحة.

وأتى هذا التقدّم بعدما سيطرت النصرة الأسبوع الماضي على معقل تنظيم «جبهة ثوار سوريا»، إحدى أكبر القوى المقاتلة في المعارضة السورية بقيادة جمال معروف المدعوم من أميركا، في منطقة جبل الزاوية في محافظة إدلب (شمال غرب)، وذلك بعد نحو أسبوع من اندلاع المعارك بين الطرفين في هذه المنطقة، والتي أدّت إلى انشقاق العشرات من عناصر جبهة ثوار سوريا والانضمام إلى النصرة.

واستبعد خبراء إمكان اقتحام «النصرة» المعبر، كي لا تفتح معركة جديدة مع المعارضة، وكي تركز عملياتها لتعزيز وجودها في ريف إدلب.

ويسيطر على المعبر تحالف من قوات المعارضة يُعرف باسم «الجبهة الإسلامية»، ويُعد طريق إمداد هاما لمقاتلي المعارضة، وكذلك منظمات المساعدات التي تستخدم المعبر لجلب مواد غذائية وإمدادات طبية.

وكانت «النصرة» قد أخلت مقراتها في ريفي إدلب وحلب بعد أن استهدف التحالف مقرا لها في ريف إدلب في أولى غاراته في سوريا، وذلك ضمن إعادة انتشار مقاتلي الجبهة وانتقالهم إلى أماكن قريبة من ساحات المواجهة وخطوط الاشتباك مع قوات النظام. وتوعّدت حينها بالرد وقالت: إنها ستستهدف الدول العربية والغربية التي تشارك في الضربات، وقد نعت حسابات مقربة من الجبهة على الإنترنت عددا من قادتها الذين قتلوا في الغارات التي شنها التحالف الدولي.

وكان زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني قد أعلن في مقابلة صوتية مسجلة تم بثها الثلاثاء أن المعركة في لبنان مع حزب الله لم تبدأ بعد، مؤكدا أن مسلحي هذا التنظيم المتطرف يحضرون لمفاجآت عند الحدود بين سوريا ولبنان.

وأضاف الجولاني، أن «إخواننا في منطقة القلمون (السورية المحاذية للبنان) يخبئون في جعبتهم الكثير من المفاجآت، والمعركة الحقيقية لم تبدأ بعد في لبنان»، متوعدا حزب الله بـ«ما هو أكبر»، بحسب تعبيره.