خصوم أوباما يكتسحون الكونغرس.. ويجبرونه على التعايش السياسي معهم خلال عاميه المتبقيين

الزعيم الجديد للأغلبية في مجلس الشيوخ ماكونيل: حان وقت وضع البلاد على الطريق الصحيح

مناصر لميتش ماكونيل، الذي بات زعيما للأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، يحمل صورته خلال تجمع في لويسفيل بولاية كنتاكي مساء أول من أمس (رويترز)
TT

استغل الجمهوريون موجة الاستياء لدى الناخبين الأميركيين لينتزعوا السيطرة على مجلس الشيوخ، موجهين ضربة للرئيس باراك أوباما ستحد من جدول أعماله التشريعي وربما تجبره على تعديل مساره خلال العامين المتبقيين له في منصبه.

وحقق الجمهوريون نصرا مظفرا سيعد بمثابة توبيخ حاد لأوباما الذي يترنح من أزمة لأخرى وتراجعت شعبيته مما جعله زائرا غير مرحب به بالنسبة للمرشحين الديمقراطيين في كثير من الولايات المتنازع عليها. وأحكم الجمهوريون قبضتهم أيضا على مجلس النواب في ما وصفه النائب ستيف إسرائيل، رئيس لجنة حملة الكونغرس الديمقراطية متحدثا لشبكة «إم إس إن بي سي» بأنه «ليلة فظيعة جدا» بالنسبة للديمقراطيين. وحين تبدأ فترة الكونغرس الجديد في يناير (كانون الثاني) المقبل ستكون للجمهوريين السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ للمرة الأولى منذ انتخابات عام 2006. وستجبر سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ أوباما على تقليص طموحاته وحصرها في المواضيع التي يمكنه أن يصدر بشأنها قرارات تنفيذية لا تتطلب موافقة المشرعين، أو في تلك التي ربما تفوز بدعم ممثلي الحزبين على السواء مثل الاتفاقات التجارية والإصلاحات الضريبية.

وأصبح الجمهوريون الذين بقوا محصورين لأربع سنوات في معقلهم مجلس النواب قريبين جدا من الفوز بالأغلبية في مجلس الشيوخ. فقد أعاد المقترعون في كنتاكي انتخاب زعيمهم ميتش ماكونيل بعد حملة صعبة، ولم ينتظر نهاية الليلة الانتخابية ليعلن التبدل الذي حصل في واشنطن للسنتين الأخيرتين في رئاسة أوباما. وقال ماكونيل (72 عاما) الذي أصبح ممثل المعارضة لباراك أوباما «حان الوقت لاتباع وجهة جديدة، وحان الوقت لوضع البلاد على الطريق الصحيح». لكنه أكد «نحن ملزمون بالعمل معا في القضايا التي يمكننا الاتفاق بشأنها».

وحتى الساعات الأخيرة، حقق الجمهوريون عدة انتصارات مما قربهم من الفوز بالأغلبية في مجلس الشيوخ. ففي اركنسو، فاز مرشحهم توم كوتون على السيناتور الديمقراطي المنتهية ولايته مارك برايور في الجنوب المحافظ الذي لا يلقى فيه أوباما شعبية كبيرة. وهي المرة الأولى منذ 1877 التي لا يمثل فيها أي ديمقراطي من اركنسو في مجلس الشيوخ. وفي كولورادو فاز الجمهوري كوري غاردنر بمقعد كولورادو الذي كان يشغله الديمقراطي مارك اودال.

وقال حاكم نيوجيرسي كريس كريستي، المرشح الرئاسي المحتمل في انتخابات 2016 والذي شارك في حملات رفاقه الجمهوريين في أنحاء البلاد، إن نتائج انتخابات مجلس الشيوخ تضع المسؤولية على أوباما. وقال كريستي لشبكة تلفزيون «سي بي إس» التلفزيونية «نحتاج إلى إنجاز الأمور، ووضعها على مكتب الرئيس، وجعل الرئيس يتخذ بعض القرارات». وأشار إلى الإصلاح الضريبي ووضع سياسة قومية للطاقة واستحداث المزيد من الوظائف باعتبارها حاجات ملحة.

وأشارت استطلاعات الرأي عند مغادرة الناخبين مراكز الانتخاب إلى استياء الناخبين الذين قال 79 في المائة منهم إنهم غير راضين عن عمل الكونغرس، بينما يعتبر ثلثاهم أن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ. وقال واحد من كل ثلاثة ناخبين إنهم راضون عن إدارة الرئيس أوباما، ومثلهم لديهم الموقف نفسه من القادة الجمهوريين في الكونغرس. ولا يعتقد سوى 22 في المائة منهم أن الجيل المقبل من الأميركيين سيعيش بشكل أفضل من الجيل الحالي.

وكان الأميركيون ينتظرون أمس خصوصا نتائج الانتخابات التي شهدت منافسة حادة جدا في ست ولايات هي كارولاينا الشمالية ولويزيانا وجورجيا وايوا وكنساس وألاسكا. والفوز في أربع منها فقط يكفي ليحقق الجمهوريون أغلبية ممثلة بـ51 مقعدا في مجلس الشيوخ، حيث تم تجديد 36 مقعدا فقط من أصل مائة في هذا الاقتراع. وتمكن الديمقراطيون من إنقاذ مقعد نيوهامشير، حيث أعيد انتخاب السيناتورة جين شاهين. وانتزع الجمهوريون من الديمقراطيين المقاعد في فيرجينيا الغربية وداكوتا الجنوبية في فوزين كانا متوقعين أصلا.

وبعد الهزيمة الديمقراطية في هذه الانتخابات، بات أوباما يواجه المصير نفسه الذي شهده الرؤساء السابقون منذ رونالد ريغان ويضطر لإنهاء ولايته الرئاسية مع كونغرس يسيطر الحزب المنافس على مجلسيه.

وحول الجمهوريون الانتخابات إلى استفتاء حول سيد البيت الأبيض الذي لم يُسجَّل له على ما يبدو انخفاض معدل البطالة إلى 5.96 في المائة وهو أدنى مستوى منذ ست سنوات، ولا النمو المتين الذي بلغت نسبته 3.5 في المائة في الفصل الثالث.

ورغم أن خطته لإصلاح النظام الصحي المعروفة بـ«أوباما كير» سمحت لملايين الأميركيين بالحصول على التأمين الصحي فإنها تبقى الهدف الرئيس للحزب الجمهوري. وجاءت الأزمة السورية والقلق الذي يثيره فيروس إيبولا ليعززا الشعور بفقدان «الزعامة» في البيت الأبيض.

وصوت الناخبون لاختيار أعضاء مجلس النواب الـ435، و36 من المقاعد المائة في مجلس الشيوخ، وحكام 36 من الولايات الخمسين. ويستأنف أعضاء الكونغرس الحالي مهامهم اعتبارا من 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي إلى أن يباشر الكونغرس الجديد ولايته في الثالث من يناير (كانون الثاني) 2015. وبذلك ينهي الرئيس ولايته متعايشا مع الحزب المخاصم له في مجلسي الكونغرس، وهو وضع واجهه من قبله دوايت ايزنهاور ورونالد ريغان وبيل كلينتون، وكذلك جورج بوش في السنتين الأخيرتين من رئاساتهم، حيث تتخذ الانتخابات النصفية تقليديا شكل عقوبة ضد الحزب الحاكم في البيت الأبيض.

ولم يحسب الناخبون للرئيس الديمقراطي تراجع البطالة إلى 5.9 في المائة وهو أدنى مستوى منذ ست سنوات، ولا النمو الكبير لإجمالي الناتج الداخلي الذي سجل +3.5 في المائة في الفصل الثالث من السنة، ولا إصلاح نظام الضمان الصحي.

وتعزز الإحساس بإخفاق في «القيادة» في البيت الأبيض مع تراكم السجالات والفضائح لا سيما الكشف عن برامج وكالة الأمن القومي للرقابة والتجسس والاستهداف السياسي في عمل مصلحة الضرائب والتقصير في المستشفيات العسكرية وتدفق المهاجرين غير الشرعيين على الحدود المكسيكية وإصابة ممرضتين أميركيتين بفيروس إيبولا، وكذلك مع تزايد الأزمات في الخارج مع النزاع في أوكرانيا وسوريا.

ولا يعرف بعد كيف سيوظف الجمهوريون غالبيتهم في الكونغرس. ويعي مسؤولو الحزب أن الرئيس أوباما لا يزال يمسك بسلطة النقض ولن يصدر على الأرجح قوانين تقضي على ورش رئاسته الكبرى، بدءا بإصلاح الضمان الصحي الذي يطلق عليه اسم «أوباما كير». غير أن الخلافات داخل الحزب الجمهوري تبقى حادة، وليست هناك أي بوادر تشير إلى أن أعضاء حركة حزب الشاي المحافظة المتطرفة مثل السيناتور عن تكساس تيد كروز على استعداد لمد اليد إلى الديمقراطيين للدفع في اتجاه توافق. وتعليقا على الانتخابات، عارض تيد كروز مباشرة موقف الرئيس الجمهوري للمجلس معلنا لشبكة «سي إن إن»: «علينا أن نقر إلغاء كاملا» لإصلاح الضمان الصحي.