«نداء تونس» ترجئ تشكيل الحكومة إلى ما بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية

عبد الكريم الزبيدي ومهدي جمعة من أهم المرشحين لرئاستها

TT

أرجأت حركة نداء تونس التي تصدرت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة (85 مقعدا) النظر في ملف تشكيل الحكومة الجديدة والتحالفات السياسية الممكنة، إلى فترة ما بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية التي تجري في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. ولا تتوفر للحركة التي تأسست منذ نحو سنتين ونصف السنة هوامش تحرك كبيرة بعد حصولها على أغلبية غير مريحة داخل البرلمان الجديد.

وقال محسن مرزوق مدير الحملة الانتخابية للباجي قائد السبسي المرشح الرئاسي في تصريح لوسائل الإعلام، إن «التحالفات السياسية والمباحثات المتعلقة بترتيب تلك التحالفات بين نداء تونس وغيره من الأحزاب السياسية قد أرجئت إلى فترة ما بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية»، مشيرا إلى أن جهد الحزب وقياداته خلال هذه الفترة منصب على إدارة الحملة الانتخابية والنجاح في الانتخابات.

وأضاف مرزوق أن «الانتخابات الرئاسية تمثل الركيزة الثانية بعد النجاح في الانتخابات البرلمانية لضمان الاستقرار والأمن والكرامة والتنمية لمختلف الفئات الاجتماعية في البلاد».

وفي ضوء السيناريوهات المطروحة على حركة نداء تونس لتشكيل الحكومة المقبلة، فإن حصولها على أكثرية المقاعد البرلمانية لن يمكنها من التحالف بأريحية مع الأحزاب السياسية القريبة من وجهة نظرها السياسية والاجتماعية وتوجهاتها الاقتصادية.

وتتطلب العملية الحسابية الحصول على أغلبية 109 مقاعد من بين 217 مقعدا للتصديق على تركيبة الحكومة، وهو ما يجعل الحركة تسعى إلى التحالف إما مع الجبهة الشعبية بزعامة حمة الهمامي (15مقعدا) مع إضافة مرشحين مستقلين هما عدنان الحاجي (قفصة) وأحمد الخصخوصي (سيدي بوزيد) وحزب آفاق تونس بقيادة ياسين إبراهيم (8 مقاعد) بالإضافة إلى 85 مقعدا حصلت عليها نداء تونس وبذلك يتجاوز المجموع عتبة 109 مقاعد.

أما السيناريو الثاني فيتمثل في التحالف مع حزب التحالف الوطني الحر بقيادة سليم الرياحي (16مقعدا) وحزب آفاق تونس (8 مقاعد) مع الأصوات التي حققتها نداء تونس.

وتصطدم هاتان الفرضيتان بعراقيل متعددة من بينها اختلاف البرنامج الاجتماعي والاقتصادي خاصة بين حركة نداء تونس وتحالف الجبهة الشعبية ذي التوجه اليساري، إلا أن استحالة تحالف الجبهة مع حركة النهضة قد تدفع بالطرفين إلى التفاهم حول الحد الأدنى السياسي المشترك بينهما إذ إن حركة نداء تونس والجبهة الشعبية اشتركا في جبهة الإنقاذ التي أدت إلى إزاحة تحالف الترويكا الحاكم بزعامة حركة النهضة من الحكم.

أما بخصوص التحالف بين حركة نداء تونس والحزب الوطني الحر فإن عراقيل تعوق هذه الفرضية من بينها المنافسة الحادة بين سليم الرياحي والباجي قائد السبسي في الانتخابات الرئاسية.

ويلتقي عدة محللين سياسيين متابعين للمشهد السياسي التونسي بشأن إمكانية الالتقاء بين الطرفين في حال دعم الرياحي للباجي في الانتخابات الرئاسية مع إمكانية فسح المجال للاتحاد الوطني الحر لترؤس الحكومة الجديدة أو رئاسة البرلمان، وهو سيناريو مستبعد بالنظر إلى حداثة تشكيل حزب الرياحي والمزاحمة الشديدة التي يلقاها من قبل عدة أطراف سياسية أخرى على غرار حركة النهضة وتحالف الجبهة الشعبية.

وتطبخ عدة سيناريوهات على نار هادئة من بينها تسليم حركة النهضة بالهزيمة في الانتخابات البرلمانية، وتخفيف أضرارها بمهادنة قائد السبسي في طموحه المشروع للوصول إلى قصر قرطاج مع تمكين حركة النهضة من رئاسة البرلمان الجديد. وفي المقابل تكون الحكومة مستقلة عن حركتي نداء تونس وحركة النهضة وتتولى رئاستها شخصية مستقلة.

كما أن إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية يكون لحركة النهضة فيها نصيب من الحقائب الوزارية، تبقى من الفرضيات الواردة.

وبناء على هذه الفرضيات التي باتت شبيهة بالسيناريوهات، عادت عدة أسماء للظهور على لائحة المرشحين لرئاسة الحكومة التي تتزعم أغلبيتها حركة نداء تونس، منهم عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع التونسي السابق، ومهدي جمعة رئيس الحكومة الحالي.

وكان الزبيدي مرشح حركة نداء تونس لتولي رئاسة الحكومة إبان استفحال الأزمة السياسية في تونس نهاية 2013 وقد تدعم حظوظه في حال فوز قائد السبسي في الانتخابات الرئاسية. بيد أن اعتراض حركة النهضة على تولي الزبيدي رئاسة الحكومة قد يجعل الكفة تميل لصالح جمعة الذي قاد بقية المرحلة الانتقالية بسلاسة أدت إلى إجراء ثاني انتخابات تونسية بعد الثورة. لكن التوازنات السياسية تغيرت وباتت حركة نداء تونس صاحبة أغلبية الأصوات، وهو ما يمكنها من فرض برنامجها الانتخابي، والأسماء التي ستنفذه.