واشنطن تقترح فرض عقوبات دولية ضد أطراف النزاع في جنوب السودان

جمهورية جنوب السودان عدت الخطوة محاولة لإسقاط الحكومة

TT

رفضت جمهورية جنوب السودان فرض عقوبات عليها من قبل مجلس الأمن الدولي ومن بعض الأطراف في الأسرة الدولية، وعدت الاتجاه نحو العقوبات محاولة لإسقاط الحكومة في جوبا من طرف مجموعة وصفتها بأنها تطمع في السلطة دون أن تسميها، في وقت بدأت فيه اليوم في مدينة بحر دار الإثيوبية قمة رؤساء الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (الإيقاد) لبحث الأوضاع في جنوب السودان والضغط على الأطراف المتحاربة للتوقيع على اتفاق السلام، وإنهاء الحرب، ويتوقع أن يوقع زعيم المتمردين رياك مشار اتفاقا مع الرئيس سلفا كير ميارديت، الذي سيصل بحر دار من جوبا، بعد أن أنهى زيارة للخرطوم استمرت ليومين.

وكان مسؤول أميركي، طلب عدم نشر اسمه، قد قال في تصريحات أول من أمس إن «وفد بلاده في الأمم المتحدة أبلغ أعضاء مجلس الأمن الدولي بأنه سيوزع مشروع قرار ينشئ نظاما لعقوبات المنظمة الدولية خاص بجمهورية جنوب السودان»، وأضاف أن «القرار سينشئ آلية لاستهداف الأفراد الذين يقوضون الاستقرار السياسي لجنوب السودان وينتهكون حقوق الإنسان».

وجدد المسؤول الأميركي دعوة بلاده للرئيس سلفا كير وزعيم المتمردين رياك مشار بالاستمرار في محادثات السلام التي تقودها «الإيقاد»، بيد أنه أشار إلى أن المحادثات لم تحرز تقدما كافيا، وأرجع سبب ذلك لمن وصفهم بالمفسدين السياسيين، ومنتهكي حقوق الإنسان، وعد القرار الذي تعمل واشنطن على تمريره بأنه خطوة أولى لزيادة الضغوط على جميع الأطراف، ورسالة قوية للمسؤولين عن الأزمة السياسية والإنسانية في جنوب السودان، مؤكدا أن هناك محاسبة ستجري ضدهم، وأن نظام العقوبات للأمم المتحدة سيوضح تصميم العالم على وضع نهاية للحرب الأهلية.

وكان مجلس الأمن الدولي قد أبدى استعداده أول من أمس لفرض عقوبات على قادة جنوب السودان، بعد أن هدد باتخاذ مثل هذه الإجراءات. غير أن مايكل مكواي، وزير الإعلام في جمهورية جنوب السودان والمتحدث الرسمي باسم حكومتها، قال إن «هناك ضغوطا تمارسها أطراف دولية عبر الأمم المتحدة على بلاده، متهما مجموعة من المعتقلين السابقين من قيادات سابقة في حزب الحركة الشعبية الحاكم، أبرزها الأمين العام السابق باقان أموم، بأنها وراء فرض العقوبات، وأنها طلبت من واشنطن وعواصم دولية أخرى اتخاذ هذه الإجراءات»، مضيفا أنها «قدمت مشروعا لعدد من أعضاء مجلس الأمن الدولي بضرورة تطبيق نظام النفط مقابل الغذاء، الذي سبق تطبيقه في العراق في تسعينات القرن الماضي»، وعد أن هذا الاتجاه يعني أن يتم إسقاط الحكومة عبر هذه العقوبات، وقال في هذا الصدد «المتمردون لم يطالبوا بمثل ما طالبت به مجموعة باقان أموم، ونحن يمكننا أن نغلق آبار النفط، ولدينا تجربة سابقة مع الخرطوم، وشعبنا سيصمد في مواجهة أعدائه».

وأكد مكواي أن فرض العقوبات لن يحل الأزمة التي تعاني منها بلاده، مشيرا إلى أن مفاوضات وفدي الحكومة والمتمردين مستمرة في مدينة بحر دار الإثيوبية، وقال في هذا الصدد «رئيس الوسطاء في الإيقاد وعوض أن يركز عمله على المحادثات يتوجه إلى مجلس الأمن الدولي لطلب فرض عقوبات على أطراف النزاع»، مستبعدا أن ينسحب وفده من المفاوضات تحت أي ظرف، لكنه استدرك قائلا «وسطاء الإيقاد يحاولون دفعنا إلى الانسحاب لأنهم يتخذون مواقف المتمردين أحيانا، وفي الغالب مواقف مجموعة المعتقلين السابقين، وهذه مواقف تستهدف جمهورية جنوب السودان وليس الحكومة وحدها»، كما قلل من الاتفاق الذي وقعته حكومته مع نظيرتها في الخرطوم خلال زيارة الرئيس سلفا كير ميارديت أول من أمس، وقال موضحا «سنرى إن كان السودان سيطبق هذه الاتفاقيات أم أنه يستمر في مواقفه السابقة ذاتها.. لدي شكوك كبيرة في أن الخرطوم يمكن أن تفي بعهودها».

وكان غاري كوينلن، السفير الأسترالي في الأمم المتحدة، الذي تتولى بلاده رئاسة المجلس خلال الشهر الحالي قد أشار في أعقاب جلسة لمجلس الأمن الدولي أول من أمس إلى وجود اهتمام كبير من قبل أعضاء المجلس لدراسة فرض عقوبات محددة الأهداف، وفرض حظر على توريد الأسلحة إلى جنوب السودان.

وكانت الحرب قد انفجرت في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد التوتر السياسي بين سلفا كير، رئيس الدولة التي استقلت قبل 3 أعوام ومنافسه نائبه السابق رياك مشار، وفشلت الوساطة التي تقودها دول «الإيقاد» من تحقيق سلام ينهي الحرب التي اتخذت اتجاهات عرقية بين أكبر قبيلتين في جنوب السودان، وهما الدينكا التي ينتمي إليها كير، والنوير التي ينحدر منها مشار، وقد خلفت الحرب آلاف القتلى المدنيين وشردت قرابة مليوني مواطن.