سيناء تسجل أول حالة تفجير في فترة «حظر التجوال»

الداخلية ترجح لـ«الشرق الأوسط» استخدام «الهاون».. وخبراء يؤكدون ضرورة الانتباه إلى الإرهاب العابر للحدود

TT

شهدت مدينة العريش، عاصمة محافظة شمال سيناء، ليلة أول من أمس اعتداء بالقذائف على محيط مبنى المحافظة، وهو الحادث الأول الذي تشهده المنطقة الخاضعة لحالة الطوارئ منذ 10 أيام خلال ساعات حظر التجوال. وبينما رجحت الداخلية المصرية أن يكون الاعتداء تم باستخدام قذائف «الهاون»، حذر خبراء عسكريون أن الحوادث الإرهابية الأخيرة يجب النظر إليها من منطلق «الإرهاب العابر للحدود».

ونقلت مصادر أمنية ومحلية وقوع انفجار ضخم هز أرجاء مناطق ضاحية السلام وأبو صقل والريسة، في محيط مبنى محافظة شمال سيناء بالعريش ليلة أول من أمس، موضحة عدم وجود إصابات بشرية نظرا لتزامن الانفجار مع فترة حظر التجوال. وأوضحت المصادر أن الانفجار تبعه استنفار أمني وإطلاق نار كثيف وقنابل ضوئية من قبل قوات الأمن، حيث يضم محيط مبنى محافظة شمال سيناء مبنى متحف آثار العريش القومي وحديقة الحيوان ومبنى المجلس القومي للمرأة ومباني أمنية.

وقال اللواء هاني عبد اللطيف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية المصرية، لـ«الشرق الأوسط» إن الأجهزة الأمنية ما زالت تحقق في الأمر، لكن المعلومات لدينا بصورة مبدئية ترجح أن يكون تم استخدام قذائف هاون في الاعتداء، لكن الخبراء ما زالوا يتحققون من الأمر، مؤكدا أن الانفجار لم يسفر عن أي إصابات أو تلفيات.

وحول استخدام قذائف الهاون في سيناء، أوضح اللواء عبد اللطيف أنه «جرى استخدامه قبل ذلك في سيناء في عمليات سابقة»، مشيرا إلى أن «هناك تسللات تحدث وأسلحة تأتي إلى الإرهابيين من الجانب الآخر»، في إشارة إلى الحدود الشرقية لمصر.

وحول معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر محلية تشير إلى وجود عناصر من قطاع غزة محتجزين بداخل سيناء عقب فرض الجيش سيطرته الكاملة على الشريط الحدودي وتعامله مع الأنفاق والشروع في هدمها، قال اللواء عبد اللطيف «لا معلومات مؤكدة لدى الداخلية عن ذلك».

وأوضح اللواء حسام سويلم، الرئيس الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية، لـ«الشرق الأوسط» أن «الهاون سلاح ضرب غير مباشر، في حين أن أسلحة الضرب المباشر هي على غرار الآر بي جي. وأسلحة الضرب غير المباشر تبدأ من الهاون 82 مللي، ثم 120 مللي، ثم 160 مللي، وصولا إلى المدفعية.. وهذه الأسلحة مهمتها ضرب أهداف غير مرئية بالنسبة لها، وتكون ضرباتها غير دقيقة. فيما يكون الهدف في المواجهة مع استخدام الآر بي جي ومضادات الدبابات الأخرى، وهي أكثر دقة».

ولذلك يستبعد اللواء سويلم أن يكون الاستهداف تم باستخدام الهاون، قائلا: «إذا وضعنا أنفسنا مكان مستخدم السلاح، فإن الأفضل له أن يستخدم سلاحا دقيقا.. خصوصا أن الهاون يحتاج وقتا وتجهيزا، وهو معدة ثقيلة أيضا».

من جانبه، يقول اللواء عادل سليمان، مدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، إنه «ربما يكون هناك هاون موجود في سيناء من مخلفات الحروب، وهي كثيرة في سيناء.. لكن الهاون يحتاج لمن يعرف استخدامه وذو خبرة فيه».

وأوضح اللواء سليمان لـ«الشرق الأوسط» أن «المثير في القصة هو لجوء هذه الجماعات إلى استخدام هذه النوعية من الأسلحة، واستهداف هذه النوعية من الأهداف، مثل المباني والمقرات الأمنية.. وهو ما يحتاج إلى وقفة»، مشيرا إلى أن تلك العمليات الإرهابية الأخيرة «نوعية»، وفيها «عناصر جديدة وفكر جديد»، وتحتاج إلى دراسة.

وأكد اللواء سليمان أن ذلك يجب أن يقودنا للتساؤل: «هل نحن مقبلون على مرحلة جديدة من الإرهاب العابر للحدود؟»، مضيفا أنه يعارض فكرة حصر «وجود اتجاه واحد يقدم منه الإرهاب»، وأنه «يجب توسيع دائرة النظر وعدم قصرها على جهة واحدة فقط».

ويوضح اللواء سليمان أن هناك مسالك كثيرة لعبور الإرهاب للحدود، معطيا مثالا على ذلك بمساحة الحدود البحرية لشبه جزيرة سيناء، والتي تبلغ نحو 30 في المائة من السواحل المصرية.. «وهو ما يعني أنه لا يمكن إغلاق الحدود بشكل كامل في أي منظومة أمنية، بل تكمن المكافحة الناجحة في إيجاد سبل أخرى إلى جانب التعامل الأمني، مثل السياسة والتنمية وغيرهما».

وعلى صعيد متصل، أكد اللواء هاني عبد اللطيف أن المرحلة الحالية هي المرحلة الحاسمة في المعركة ضد الإرهاب، وأن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الدولة في الحدود الشرقية بشمال سيناء، سيكون لها تأثيرات إيجابية بتراجع المخاطر الإرهابية وتضييق الخناق على العناصر الإرهابية في تلك المنطقة.

وأضاف اللواء عبد اللطيف في تصريح لوكالة الأنباء المصرية الرسمية، أن قرار إخلاء الشريط الحدودي برفح، سيحد من إمدادات السلاح والذخيرة التي كانت ترد للعناصر الإرهابية والتكفيرية في سيناء، بالإضافة إلى منع تسلل العناصر الإرهابية من الجانب الآخر من الحدود.

وأشار إلى أنه من المتوقع لجوء العناصر الإرهابية إلى محاولة تنفيذ بعض العمليات الإرهابية في الفترة المقبلة؛ وذلك رد فعل لما يتخذ من إجراءات قوية على الأرض لاقتلاع جذور الإرهاب، خاصة في ضوء الدعم والتعاون الكامل لأهالي سيناء مع رجال القوات المسلحة والشرطة.

وحول ما تردد عن تكوين ميليشيات شعبية مسلحة في سيناء لمحاربة الإرهاب، أكد اللواء عبد اللطيف في تصريحاته ما سبق ونشرته «الشرق الأوسط» أمس عن مصادر رسمية رفيعة، من أن «السياسات الأمنية ترفض تماما أي محاولات من قبل المواطنين أيا كانوا لمواجهة العناصر الإرهابية، أو أي شكل من أشكال الخروج عن القانون، لأن مواجهة الإرهاب على الأرض هي من صميم عمل أجهزة الأمن وحدها، بينما يقتصر دور المواطنين على إمداد تلك الأجهزة وإبلاغها فورا عن المعلومات المتوفرة عن أي أشخاص مشتبه بهم».