احتدام الجدل حول خطط التقشف في أوروبا.. ومظاهرة حاشدة في بروكسل

رئيس الوزراء السابق يقود 120 ألف متظاهر ضد رفع سن التقاعد وترشيد الإنفاق

TT

فيما يحتدم الجدل السياسي والاقتصادي حول خطط التقشف في أوروبا، اضطرت الشرطة البلجيكية إلى استخدام المياه والغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين أمام محطة قطار جنوب بروكسل التي كانت هي النقطة الأخيرة في مظاهرة انطلقت قبل ظهر الخميس من أمام محطة قطار شمال العاصمة، دعت إليها عدة نقابات عمالية احتجاجا على سياسات الحكومة الجديدة برئاسة شارل ميشيل من الليبرالي الفرانكفوني، ويقود حكومة يمين وسط أعلنت إجراءات لترشيد الإنفاق ورفع سن المعاش إلى 67 عاما وإجراءات أخرى أثارت غضب النقابات العمالية التي دعت إلى مظاهرة أمس الخميس في بداية سلسلة مظاهرات على المستوى العام وعلى مستوى المدن، وهناك مظاهرة أخرى يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) في بروكسل، وذلك كرسالة تحذيرية للحكومة للتراجع عن سياساتها قبيل منتصف ديسمبر (كانون الأول) وهو الموعد المحدد لتنظيم إضراب عام في البلاد من جانب تلك النقابات.

وأفادت مصادر الشرطة بوقوع بعض حوادث العنف في الأماكن التي جرى فيها التجمع، حيث «ألحق بعض المتظاهرين ضررا بإشارات المرور وقاموا برمي المفرقعات، ولكنها حالات تبقى معزولة»، وفق تعبيرها. وشارك رئيس الوزراء البلجيكي السابق أليو ديريبو من الحزب الاشتراكي الفرانكفوني وقيادات من أحزاب أخرى في المعارضة، إلى جانب قيادات عدة نقابات عمالية تقدموا صفوف المتظاهرين خلف لافتة كبيرة مكتوب عليها «مطلوب العدالة الآن»، وقدرت القيادات النقابية عدد الذين شاركوا في المظاهرة بـ120 ألف شخص، وقال بيتر مارتينز، رئيس إحدى النقابات العمالية، إن هؤلاء جاءوا لتمثيل مئات الآلاف من العمال الموظفين الرافضين لسياسات الحكومة الحالية وإنها المظاهرة الأكبر منذ 20 عاما في بلجيكا ضد الإجراءات الحكومية، وقال رودي ديليون رئيس النقابة العمالية للاشتراكيين إنه وافق ومعه آخرون على دعوة رئيس الحكومة لعقد اجتماع في الخامسة بعد ظهر أمس (الخميس) في إطار استئناف الحوار والتفاوض بين الجانبين.

وتسببت المظاهرة في اضطراب واسع في حركة المرور داخل العاصمة، وتوقف بعض الخدمات وإغلاق الكثير من المدارس والمؤسسات.

وعقب انتخابات جرت في مايو (أيار) الماضي، استمرت المفاوضات بين الأحزاب لتشكيل حكومة جديدة وجرى الإعلان عنها قبل أسابيع وهي حكومة يمين وسط وتنوي اتخاذ إجراءات تتعلق بتوفير الإنفاق ورفضت إجراء تعديلات لبعض القوانين وأعلنت رغبتها في تعديل البعض الآخر، ويتعلق الأمر بقوانين التقاعد والمعاشات والصحة والتعليم وغيرها. وهي إجراءات لم تجد قبولا وسط عدة نقابات دعت إلى تنظيم إضراب وطني منتصف شهر ديسمبر المقبل، ولكن قررت تنظيم مظاهرة الخميس كرسالة تحذيرية للحكومة لإيجاد حلول بديلة للخطط التي تنوي القيام بها.

ومن جهتها، تعتبر الحكومة الحالية، الإجراءات المعلنة ضرورية من أجل إعادة إطلاق الاقتصاد وتصحيح عجز الموازنة، بينما تصفها النقابات والمعارضة بـ«الضارة وغير المجدية». وتتمحور إجراءات الحكومة الفيدرالية حول رفع سن التقاعد إلى 67 عاما بدلا من 65 وتجميد الرواتب فترة محددة، وكذلك تقليص موازنات القطاع العام مثل الصحة والتربية والدفاع والداخلية، مما أثار موجة غضب شديدة في الأوساط الشعبية وأوساط المعارضة، خاصة الحزب الاشتراكي، الذي وجد نفسه في صفوف المعارضة على المستوى الفيدرالي عقب انتخابات 25 مايو الماضي. وكانت الحكومة البلجيكية حصلت على مهلة منتصف الشهر الماضي، لمدة أسبوع، لعرض موازنة العام المقبل على المفوضية الأوروبية، وذلك بسبب ظروف تشكيل الحكومة الجديدة، وكانت المفوضية حددت الخامس عشر من أكتوبر (تشرين الأول) مهلة لتقديم الموازنات الوطنية. وقالت المفوضية وقتها إن اجتماعات وزارية في نوفمبر ستناقش السياسات المالية لحكومات الدول الأعضاء قبل أن تصدر المفوضية الأوروبية تقريرا حول هذا الصدد. وقد انطلقت أمس (الخميس) اجتماعات وزراء المال في دول الاتحاد من خلال اجتماع لوزراء المال في دول منطقة اليورو الـ18 على أن يتم توسيع الاجتماع بانضمام وزراء كل الدول الأعضاء الـ28 في الاتحاد الأوروبي اليوم (الجمعة).