بعد هزيمته.. أوباما ينشد التعاون مع خصومه ولا يستبعد الصدام في بعض الملفات

الرئيس الأميركي يجتمع مع قادة الحزبين اليوم لتقييم المشهد السياسي الجديد

أوباما في الخطاب الذي ألقاه مساء أول من أمس وأقر فيه بهزيمة حزبه أمام خصومه الجمهوريين (رويترز)
TT

بعد الهزيمة الكبيرة التي مني بها الديمقراطيون في انتخابات الكونغرس الثلاثاء الماضي، يعقد الرئيس الأميركي باراك أوباما اليوم اجتماعا مع قادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي في البيت الأبيض، وهو اجتماع ينظر إليه محللون بترقب لمعرفة ما إذا كانت العلاقة بين الإدارة والكونغرس تحت سيطرة الجمهوريين، ستشهد جمودا وصراعا أم شيئا من التعاون.

ومن المفترض أن يشارك في الاجتماع السيناتور الجمهوري عن ولاية كنتاكي ميتش ماكونيل، الذي يتوقع أن يتولى منصب زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ مطلع العام المقبل، ورئيس مجلس النواب جون بينر، وزعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ هاري ريد، وزعيمة الديمقراطيين نانسي بيلوسي. وقد قلبت نتائج الانتخابات موازين القوى داخل الكونغرس، بعد أن حصد الجمهوريون 51 مقعدا في مجلس الشيوخ مع احتفاظهم بالغالبية، وسيطرتهم على مجلس النواب، مما سيشكل تحديا كبيرا لقدرة إدارة أوباما على التحرك وتمرير القوانين خلال العامين المتبقيين من ولايته.

ورأى السيناتور ماكونيل في الفوز الجمهوري تعبيرا عن غضب الأميركيين من الإدارة، ورفضا لسياسات الرئيس أوباما، بينما أقر الرئيس بالهزيمة وطالب بالتعاون بين إدارته والكونغرس والتواصل مع الشعب الأميركي حول الرؤية والأولويات، مشيرا إلى أن الانتخابات تسمح بلحظة للتفكير والتركيز على كيفية تقديم مزيد من الفرص والتركيز على الطموحات وليس المصالح الحزبية، لكنه لمح إلى عزمه تقديم تنازلات قليلة للجمهوريين.

وأعلن الرئيس أوباما في خطاب ألقاه مساء أول من أمس، حرصه على العمل مع الكونغرس بتشكيلته الجديدة خلال العامين المقبلين، ومناقشة الأفكار المقدمة من الديمقراطيين والجمهوريين، مشيرا إلى أنه يمد يده للعمل مع الزعماء الجمهوريين لمعرفة جدول أعمالهم. وشدد على أن الناخبين يريدون من السياسيين إنجاز تقدم في القضايا الملحة وليس التركيز على المصالح الحزبية. وقال أوباما «أنا حريص على العمل مع الكونغرس وهذا لا يعني أننا لن نختلف حول بعض القضايا. سوف يمرر الكونغرس بعض القوانين التي لا أستطيع التوقيع عليها، وأنا متأكد أنني سأتخذ بعض الإجراءات التي قد لا تروق للكونغرس لكن هذه هي الطريقة التي تعمل بها ديمقراطيتنا، وبالتأكيد يمكن أن نجد طريقة للعمل معا بشأن القضايا التي تجد اتفاقا واسعا بين الشعب الأميركي»، مشيرا إلى قضايا تجد مساحة كبيرة من التوافق مثل خلق مزيد من فرص العمل وإعادة بناء البنية التحتية والإصلاح الضريبي وفتح أسواق لتصدير المنتجات الأميركية إلى الخارج.

وأبدى أوباما تفاؤله بإمكانية التعاون مع الكونغرس خلال الأسابيع القليلة القادمة في 3 قضايا هي تمويل مكافحة مرض إيبولا، حيث أشار إلى طلب أموال طارئة من الكونغرس تقدر بنحو 6 مليارات دولار لمكافحة المرض في غرب أفريقيا، كما أشار إلى نيته الحصول على تفويض جديد من الكونغرس لاستخدام القوة العسكرية ضد تنظيم داعش. وعبر أيضا عن تفاؤله بإمكانية العمل مع الكونغرس لإبقاء الحكومة الفيدرالية مفتوحة مع تمرير الميزانية الأميركية المقرر مناقشتها في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وأشار الرئيس الأميركي في رده على أسئلة الصحافيين إلى توقعاته ببروز خلافات بين إدارته والكونغرس حول قانون الرعاية الصحية ومشروع إصلاح قوانين الهجرة، مشيرا إلى أن إدارته ذاهبة إلى اتخاذ إجراءات قانونية لتحسين أداء نظام الهجرة قبل نهاية العام، بالتوازي مع التشاور مع قادة الكونغرس من الحزبين.

ويتوقع محللون خلافات واضحة حول قضايا يعتبرها الحزب الجمهوري جوهرية وتشغل خلافا كبيرا مع الإدارة الأميركية ومنها قوانين الإصلاح الضريبي والرعاية الصحية والحد الأقصى للأجور. وصرح السيناتور ماكونيل بأن الرئيس أوباما أبدى قدرا من الاستعداد للتعاون وإيجاد أرضية مشتركة للعمل بين الحزبين. وقال ماكونيل في مؤتمر صحافي صباح أمس إنه تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس أوباما أشار فيه إلى اهتمامه بقوانين الإصلاح الضريبي. وأضاف ماكونيل أن «الجمهوريين مستعدون للنظر في سلسلة من القضايا التي أوقفها الديمقراطيون في مجلس الشيوخ على مدى العامين الماضيين».

ومن القضايا الهامة التي يتبناها الحزب الجمهوري ويتوقع أن تخلق خلافا مع سياسات أوباما، قضية الطاقة، وانبعاثات الكربون. وأعلن الجمهوريون أن من أولوياتهم تمرير قوانين اقتصادية لمساعدة الشركات في تطوير إنتاج الغاز الطبيعي والحد من القوانين والتنظيمات التي تكبل عمل شركات النفط والغاز الطبيعي.

وحملت نتائج الانتخابات التجديد النصفي عددا من المفاجآت، منها سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ للمرة الأولى منذ عام 2006. وقد فاز مرشحو الحزب الجمهوري بالمقاعد التي كان يحتلها الديمقراطيون في 7 ولايات هي ولاية أركسنو وكولورادو وأيوا ومونتانا ونورث كارولاينا وساوث داكوتا ووست فيرجينيا. كما حصد الحزب فوزا مماثلا في سباق حكام الولايات وكانت أكثر المفاجآت في تحول ولايتي ميريلاند وماساتشوسيتس، الديمقراطيتين تقليديا، إلى التصويت لصالح حكام ولايات من الحزب الجمهوري.

وكان لافتا تزايد عدد النساء الفائزات في انتخابات الثلاثاء الماضي، إذ سيضم المجلسان 102 مشرعة من مجموع 535 هم أعضاء الكونغرس. وستكون الجمهورية إيليز ستيفانيك (30 عاما) أصغر امرأة تحتل مقعدا بمجلس النواب عن ولاية نيويورك بعد فوزها على المرشح الديمقراطي ارين وولف. وقد حققت ستيفانيك رقما قياسا بعد أن كانت النائبة الديمقراطية السابقة إليزابيت هولتزمان أصغر نائبة في انتخابات عام 1972 وكانت في الحادية والـ30 من العمر.