المرصد: المدنيون قتلوا جراء انفجار مستودع للذخيرة في حارم وليس نتيجة الغارات

التحالف يستهدف مقرات «النصرة» و«أحرار الشام» بعد أيام من حربهما ضد فصائل المعارضة المعتدلة

TT

استهدفت طائرات للتحالف العربي الدولي بقيادة الولايات المتحدة، ليل الأربعاء - الخميس، ثلاث ضربات جوية ضد تنظيم «جبهة النصرة»، وهو فرع تنظيم القاعدة في سوريا، في ريفي حلب وإدلب، فيما نفذت غارات ضد تنظيم «حركة أحرار الشام» في ريف حلب، وذلك بعد أيام من إقصاء النصرة لفصائل معارضة سوريا معتدلة من المنطقة، إثر هجمات عسكرية.

وقال ناشطون إن الغارات التي استهدفت «النصرة» في شمال غربي سوريا على مقربة من الحدود التركية، تسببت في وقوع قتلى، بينهم طفلان. غير أن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الضحايا المدنيين في بلدة حارم الواقعة في ريف إدلب الغربي (شمال سوريا) قتلوا «نتيجة انفجار مستودع للذخيرة استهدفته طائرات التحالف في المنطقة»، مشيرا إلى أن أغلب القتلى «هم عسكريون من المقاتلين في صفوف التنظيم»، نافيا في الوقت نفسه ما أشاعه تنظيم جبهة النصرة بأن معظم القتلى من المدنيين.

وأعلن المرصد السوري في بريد إلكتروني أن طائرات التحالف «نفذت عدة ضربات بعد منتصف ليل الأربعاء - الخميس، استهدفت عربة لجبهة النصرة في بلدة سرمدا القريبة من الحدود السورية التركية، كما استهدفت مقرا لجبهة النصرة في مدينة حارم الواقعة كذلك في محافظة إدلب على مقربة من سرمدا». وأفاد لاحقا بأن ستة قتلى من التنظيم قتلوا أيضا في استهداف مقرات عسكرية لهم في منطقة «ضاحية المحامين» الواقعة في ريف حلب الغربي. وهي المرة الثانية التي تستهدف فيها طائرات التحالف مواقع لـ«جبهة النصرة» في سوريا، منذ إطلاق حملتها العسكرية لمحاربة المتشددين في سوريا في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، واستهدفت في أولى الضربات مقرات للتنظيم نفسه إلى جانب مقرات لتنظيم داعش، أودت بحياة أكثر من 50 مقاتلا وقياديا في النصرة.

وأقرت «جبهة النصرة» بوقوع الغارات، وكتبت على موقعها الرسمي «شبكة مراسلي المنارة البيضاء» في «تويتر»: «غارات للتحالف الصليبي العربي على مقرات جبهة النصرة، والقتلى أغلبيتهم مدنيون».

وقال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد، إن الغارات في حارم استهدفت مستودعا للأسلحة كانت تخزن فيه الجبهة عددا كبيرا من ذخائرها وأسلحتها، وبدأت باستخدامه منذ سيطرتها على حارم في شهر يوليو (تموز) الفائت، إثر سيطرتها على مناطق واسعة في ريف إدلب الغربي، بعد طرد مقاتلي «جبهة ثوار سوريا»، وهي فصيل عسكري معتدل في المعارضة السورية، يتبع الجيش السوري الحر، ويحظى بتأييد ودعم أميركي. أما منطقة ضاحية المحامين الواقعة في الريف الغربي لحلب، فتُضرب للمرة الأولى بغارات التحالف، وقتل جراء الضربة 6 مقاتلين من «النصرة»، كما قال المرصد. وتحكم «جبهة النصرة» سيطرتها على المنطقة منذ أكثر من عام، وتستخدم «الفيلات والقصور العائدة لمتمولين ومحامين سوريين نزحوا جراء الحرب، بعد أن حولتها مقرات لها»، كما قال ناشط حلبي لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن «النصرة» أحكمت سيطرتها على القصور بذريعة أنها «غنائم حرب». وتتقاسم «النصرة» مع فصائل أخرى في الجيش السوري الحر، بينها «حركة حزم» المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية، السيطرة على الريف الغربي لحلب. وتأتي الضربات بعد أيام من شن التنظيم حربا واسعة على مقرات «حركة حزم» و«جبهة ثوار سوريا» لطردهما من ريفي إدلب وحلب، ونجحت إلى حد كبير في السيطرة على معقل «جبهة ثوار سوريا» في ريف إدلب، وطرد زعيمها جمال معروف، وهو عضو في هيئة أركان الجيش السوري الحر، من المنطقة.

وشارك تنظيم «حركة أحرار الشام» في الحرب ضد فصائل الجيش السوري الحر، إلى جانب «جبهة النصرة» الأسبوع الماضي، كما قال مدير المرصد السوري لـ«الشرق الأوسط»، واضعا استهدافها لأول مرة من قبل طائرات التحالف في سوريا، في هذا الإطار. وقال المرصد إن «طائرات التحالف العربي الدولي أغارت كذلك للمرة الأولى على مقر لحركة أحرار الشام الإسلامية في منطقة بابسقا القريبة من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا»، من غير الإعلان عن حصيلة الغارة.

و«حركة أحرار الشام» مجموعة مقاتلة إسلامية متطرفة معارضة للنظام السوري، وقريبة إجمالا من «جبهة النصرة» التي تقاتل النظام على جبهة، بينما انخرطت أخيرا أيضا في قتال ضد «جبهة ثوار سوريا» التي تضم كتائب عدة مقاتلة ضد النظام، وتمكنت من طردها من مساحات واسعة من ريف إدلب. وكان نحو خمسين قياديا في حركة أحرار الشام قتلوا في التاسع من سبتمبر في انفجار نتج عن متفجرات وضعت في مكان قريب من قاعة كانوا يعقدون فيها اجتماعا سريا. وتعد من أبرز الفصائل المقربة من تنظيم القاعدة، إذ كان أحد أبرز قيادييها وهو أبو خالد السوري الذي قتل في حلب عام 2012، أبرز مساعدي زعيم «القاعدة» السابق أسامة بن لادن.

وبينما أشار عبد الرحمن إلى أن الحركة موجودة على لائحة استهداف طائرات التحالف، منذ بدء الضربات، أكد أن المتشددين في سوريا، ومنذ تدشين أولى ضربات التحالف ضدهم يتوارون عن الأنظار بعد أن أخلوا مقراتهم وتغلغلوا بين المدنيين. وبثت مواقع جهادية مؤيدة لـ«النصرة» و«أحرار الشام» صورا لمبان مدمرة في حارم، قالوا إن طائرات التحالف استهدفتها، مدعين أن الأشخاص الذين ينتشلونهم من تحت الأنقاض «هم مدنيون».