أوباما يخاطب خامنئي سرا.. لبحث التنسيق في مواجهة «داعش»

رئيس مجلس النواب الأميركي يرد: لا نثق بالقيادة الإيرانية

TT

بعد أشهر من نفي إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أن واشنطن تسعى إلى التنسيق مع إيران لمكافحة تنظيم داعش، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» أمس أن أوباما خاطب المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي مباشرة للتأكيد على «المصالح المشتركة» بين البلدين في مواجهة متطرفي «داعش». وبناء على التفاصيل المسربة من الرسالة، التي رفض البيت الأبيض نفي وجودها، دعا أوباما في الرسالة السرية إلى خامنئي الشهر الماضي مؤكدا المصالح المشتركة بين البلدين في محاربة تنظيم داعش. ولكن أوضح أوباما في الخطاب أن التعاون بين الولايات المتحدة وإيران بشأن محاربة التنظيم المتشدد مرتبط بإبرام اتفاق حول برنامج إيران النووي الذي تقود الولايات المتحدة المفاوضات فيه مع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا. ومع اقتراب الموعد المحدد للانتهاء من المفاوضات النووية، في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تسعى إدارة أوباما إلى دفع إيران على التخلي عن الآلاف من أجهزة الطرد المركزي والموافقة على عمليات تفتيش لمواقعها النووية. ويعتبر عرض التعاون مع إيران في مواجهة «داعش» أحد طرق «الترغيب» المعروضة على إيران للتعاون في الملف النووي.

وتبذل واشنطن جهودا حثيثة لإنجاح المفاوضات النووية، إذ يعتبر الملف النووي الإيراني أبرز ملف يمكن لأوباما أن يحقق فيه تقدما دبلوماسيا بعد فشل مساع أخرى فيما يخص منطقة الشرق الأوسط. وقد أعلنت وزارة الخارجية الأميركية الجمعة الماضي أن وزير الخارجية جون كيري سيزور في 9 و10 نوفمبر سلطنة عمان، حيث سيلتقي نظيره الإيراني محمد جواد ظريف والمبعوثة الأوروبية كاثرين أشتون في إطار المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني. وأوضحت الخارجية في بيان أن «هذا اللقاء الثلاثي» سيعقد في مسقط في إطار المفاوضات بين إيران ومجموعة الدول الـ6 الكبرى. وتستأنف المباحثات بين ممثلي مجموعة الدول الـ6 وإيران لاحقا في 18 نوفمبر الحالي في فيينا.

واستندت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى مسؤولين قالت إنهم أحيطوا علما بأمر الرسالة، من دون ذكر هويتهم. وأضافت أن مسؤولي إدارة أوباما رفضوا مناقشة المسألة مع الصحيفة، لكنها تابعت: «لم ينف مسؤولو الإدارة وجود الرسالة حين سألهم دبلوماسيون أجانب في الأيام القليلة الماضية».

ورفضت الناطقة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي الرد على أسئلة «الشرق الأوسط» حول الرسالة، مستندة على الموقف الأميركي الرسمي بعدم التعليق على مخاطبات الرئيس الأميركي. ولكن قال مصدر في وزارة الخارجية الأميركي لـ«الشرق الأوسط»: «لقد قلنا منذ زمن إن بإمكانهم ويجب أن يلعبوا دورا بناء».

وسعى الناطق باسم البيت الأبيض جوش إرنست في مؤتمره الصحافي اليومي أمس التقليل من أهمية فحوى الرسالة، من دون أن يؤكد إرسالها، قائلا: «لست في موقع يخولني بحث رسائل خاصة بين الرئيس وأي قائد في العالم». وشدد إرنست على أن السياسة الأميركي بشأن إيران لم تتغير، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة انفتحت، منذ تولي أوباما الرئاسة، على طهران. وقال: «الولايات المتحدة لن تتعاون عسكريا مع إيران في هذا الجهد، لن نشاركهم معلوماتنا الاستخباراتية». إلا أن رسالة أوباما المسربة تشير إلى التعاون في حال تم التوصل إلى اتفاق نووي.

وفور نشر الخبر على الموقع الإلكتروني للصحيفة، عبر رئيس مجلس النواب الأميركي جون بينر، وهو يترأس الغالبية الجمهورية في مجلس النواب الأميركي، عن عدم ثقته بالقيادة الإيرانية وإمكانية العمل معها. وقال بينر في مؤتمر صحافي: «أنا لا أثق بالإيرانيين. ولا أعتقد أننا بحاجة لإشراكهم في هذا الأمر.. وآمل أن تكون المفاوضات الجارية مفاوضات جادة.. ولكن لدي شكوكي».

وجاء الكشف عن الرسالة الرئاسية بعد ساعات من إعلان رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي أنه لا يمكن منع إيران من الحصول على سلاح نووي من خلال عمل عسكري.

وتعقد مفاوضات بين إيران والقوى الـ6 الكبرى منذ مطلع السنة الحالية للتوصل إلى اتفاق يضمن عدم تضمن البرنامج النووي الإيراني أي شق عسكري. وفي حال يتم التوصل إلى هذا الاتفاق سترفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران.

وقال ديمبسي خلال ندوة في «معهد كارنيغي» في واشنطن إن لدى الولايات المتحدة «القدرات» العسكرية للقيام بذلك، ولكنه أوضح: «لكن التحدي هو التالي، عندما أقول إن بإمكاننا (شن هجوم) فإنني في الواقع أفكر أن بإمكاننا تأخير (البرنامج النووي)». وتابع ديمبسي أن «ما يجعل من القدرات النووية إشكالية ليس أجهزة الطرد المركزي والصواريخ، إنما رأس المال الإنساني الذي يملك المعرفة الضرورية لإعادة بناء البنى التحتية إذا تعرضت للتدمير في هجوم عسكري». وقال: «بالتالي، فإن استخدام السلاح ضد البرنامج النووي الإيراني سيؤخر المشكلة وإنما لن يقضي عليها».

وكان أوباما قد أعلن أول من أمس أن بلاده اقترحت على إيران «إطارا» لاتفاق دولي محتمل حول برنامجها النووي المثير للجدل من دون أن يشكل ذلك ضمانة للتوصل إلى تسوية تاريخية أواخر نوفمبر الحالي.

وردا على سؤال خلال مؤتمر صحافي حول احتمال التوصل إلى اتفاق نهائي بين طهران والقوى العظمى خلال المهلة التي تنتهي في 24 من الشهر الحالي، قال أوباما: «قدمنا إطارا يسمح لهم بتلبية احتياجاتهم السلمية في مجال الطاقة». وفي حين دخلت المفاوضات بين القوى العظمى وإيران المراحل النهائية، هذه هي المرة الأولى التي تشير فيها واشنطن إلى تقديم اقتراح للإيرانيين للتوصل إلى تسوية نهائية. وأضاف: «إذا كان الأمر صحيحا، وكما يقول قادتهم إنهم لا يريدون تطوير سلاح نووي، فالطريق مفتوح أمامهم لتقديم ضمانات للمجتمع الدولي (...) ما يسمح لهم بالخروج من نظام العقوبات».

وتابع أوباما أنه يفضل الانتظار عدة أسابيع قبل معرفة ما إذا كان اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني ممكنا توقيعه في إطار المفاوضات بين القوى العظمى وطهران. وقال: «سنرى خلال الأسابيع الـ3 أو الـ4 المقبلة ما إذا كنا فعلا قادرين على توقيع اتفاق». في حين أن الموعد النهائي المحدد للمفاوضات هو 24 نوفمبر، أي بعد أقل من 3 أسابيع. وكرر القول: «أفضل عدم التوصل إلى أي اتفاق بدلا من اتفاق سيئ».