ضباط إيرانيون يشرفون على تشكيلات «الأمن الوطني» النظامية السورية

عناصر «لواء الجولان» في السويداء يتميزون بشعار أصفر يحمل صورتي الأسد ونصر الله

آثار الدمار والحرائق في منطقة المواصلات بحلب التي قصفت من قبل طيران النظام أمس (أ.ف.ب)
TT

بدأت إيران أخيرا في تنفيذ عملية تنظيم واسعة للقوة السورية المقاتلة إلى جانب النظام في سوريا، على أن يكون عمادها المقاتلين السوريين، ويتوزعون على المناطق، ويتولى ضباط الحرس الثوري الإيراني الإشراف المباشر على تلك التشكيلات وتدريبها، ووضع خطط حربية لها، وتكون بديلا عن قوات الدفاع الوطني، وتحمل اسم تشكيلات «الأمن الوطني».

وبعد عامين من حرصها على إبقاء إدارتها لقوات الدفاع الوطني في الظل، لم تعد إيران بحاجة للعمل على إدارة تلك المجموعات بالواسطة، إذ تولت بنفسها، وبشكل مباشر، الإشراف على تلك التشكيلات، مما «يؤشر على أن إدارتها الاستراتيجية الجديدة لمنظومة الدفاع والأمن في سوريا باتت تمسك بها بشكل مباشر»، كما قال مصدر سوري معارض لـ«الشرق الأوسط».

وقال المصدر إن التشكيلات الجديدة ستحمل اسم «الأمن الوطني»، لافتا إلى أن قائده العام هو أحد ضباط «حزب الله»، ويدعى «الحجي أكبر». وأضاف أن التشكيل الجديد «سيكون بديلا عن قوات الدفاع الوطني»، وسيمثل، إلى جانب «كتائب البعث»، القوام الرئيس للقوة العسكرية المساندة للنظام، بعد أن ظهر بشكل واضح تآكل جيش النظام نتيجة ازدياد عدد القتلى بين صفوفه، ونتيجة الرفض الواسع لحملة سحب الاحتياط التي لم تلقَ تجاوبا يُذكر في جميع المحافظات، بما فيها محافظتا طرطوس واللاذقية، مشيرا إلى أن الأمن الوطني سيكون نطاق عمله في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، مثل دمق وبعض أريافها والسويداء وحمص ومدينة حلب، إضافة إلى طرطوس واللاذقية.

وليست محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، الهدف الوحيد في هذه العملية التي يتم من خلالها تشكيل ألوية مقاتلة جديدة، ومنها التنظيم المسلح الذي ظهر أخيرا في السويداء تحت اسم «لواء الجولان»، فقد عمت عمليات الترويج له مناطق واسعة في المحافظة لاستقطاب الشباب ودفعهم للتطوع في صفوفه، عبر شبكة من الأشخاص المرتبطين بالأجهزة الأمنية، الذين تولوا في أوقات سابقة مهام مشابهة. ويبدو أن التركيز ينصب بشكل رئيس على مجموعات الدفاع الوطني، التي كانت أسست في أواخر عام 2012، لتكون الجسم الرئيس للتشكيل الجديد.

وفي حين تُعد ألوية ريف دمشق الأكثر عددا بين ألوية «الأمن الوطني»، برزت قدرة إيران على اختراق الحياد الدرزي، بدخولها محافظة السويداء وتشكيل «لواء الجولان»، حيث عملت المحافظة على عدم الظهور في المشهد العسكري طرفا مقاتلا إلى جانب أي من طرفي الصراع في سوريا.

ويقدم التنظيم الجديد في سوريا، الذي يتولى ضباط إيرانيون مباشرة الإشراف عليه، مغريات مالية، من خلال رواتب يبلغ حدها الأدنى 30 ألف ليرة سوريا شهريا، وتصل إلى 50 ألف ليرة. إضافة إلى تقديم مغريات معنوية عديدة، أهمها ميزة الإعفاء من الخدمة الاحتياطية ومن الخدمة العسكرية، إذا كان المنتسب مطلوبا للخدمة في جيش النظام.

وأوضح مصدر معارض في السويداء لـ«الشرق الأوسط» أن تشكيل هذه الكتلة العسكرية الجديدة «يتحقق عبر 3 إجراءات رئيسية، أولها الحملة الواسعة لملاحقة المطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية ولخدمة الاحتياط، وثانيها قطع الرواتب الشهرية عن عناصر قوات الدفاع الوطني، أما الثالث فيتمثل بتقديم الحل والبديل للمتهربين من الخدمة الاحتياطية والإلزامية، ماليا وتنظيميا، عبر الدعوة للانتساب إلى (الأمن الوطني)، الذي يجري تشكيله حاليا».

وقال المصدر إن «لواء الجولان» كان قد بدأ تشكيله قبل أكثر من شهر ونصف الشهر، تحت اسم «لواء درع السويداء»، بقيادة العقيد المتقاعد عدنان مرشد، وهو من أبناء المحافظة، أسوة بالألوية الأخرى في قوات الأمن الوطني التي يتم تشكيلها في جميع المحافظات التي تخضع كليا أو جزئيا لسيطرة النظام، ويقودها ضباط متقاعدون من السكان المحليين في كل منطقة، قبل أن تتطور الاستراتيجية لتوكيل ضباط إيرانيين للإشراف على هذه التشكيلات».

وأشار المصدر إلى إن «لواء الجولان» باشر عمليات التشكيل وافتتح مكتبه الخاص في مبنى «البرج» بمدينة السويداء، مباشرا عمله بتوزيع أول دفعة من الرواتب على المنتسبين الذين تُقدر أعدادهم بالمئات، مشيرا إلى أن المنتسبين الجدد «بدأوا يجوبون الشوارع في المحافظة وهم يرتدون اللباس العسكري المموه، ويضعون شارات صفراء على أكتافهم تحمل صورتي بشار الأسد والأمين العام لـ(حزب الله) السيد حسن نصر الله، وكُتب أعلاهما (قادمون)».

ورجح المصدر أن حالة من عدم الثقة ترسخت لدى أبناء السويداء «ستكون عائقا أمام زيادة عدد المنتسبين»، خاصة بعد تجارب خاضها المئات من المنتسبين لجيش الدفاع والوطني وميليشيات أخرى، مثل ميليشيا الحزب السوري القومي الاجتماعي والمخابرات الجوية، إذ «أثبتت تلك التنظيمات عدم التزامها تجاه المنتسبين إليها بدفع الرواتب، فضلا عن عدم اكتراثها بحال عائلات القتلى والجرحى الذين سقطوا في معارك النظام دون علاجهم أو التعويض على عائلاتهم».