بين الخطأ والصواب

TT

* الأداء الجنسي لمرضى انقطاع النفس أثناء النوم

* يعاني الأشخاص الذين يخضعون للعلاج بأجهزة المساعدة على التنفس التي تسمى «سي باب» (CPAP) وهي اختصار للجملة «الضخ المستمر الموجب للهواء» (Continuous Positive Airway Pressure (CPAP كعلاج فعال لحالة توقف التنفس أثناء النوم (sleep apnea) من الحرج من رفيق الحياة (الزوج أو الزوجة). ومنهم من يتهم هذه الوسيلة في الإصابة بالعجز الجنسي والتأثير السلبي على نوعية الحياة الجنسية وأنها تجعلهم أقل جاذبية جنسيا فيتوقفون عن ممارستها.

وإذا عدنا إلى توقف التنفس أثناء النوم، فهو حالة مرضية غير طبيعية تحدث بسبب انسدادات جزئية أو كلية في المجرى التنفسي العلوي وتتسبب في إقلال أو منع إمداد الرئتين بالهواء المحمل بالأكسجين، وبالتالي يقل مستوى الأكسجين عادة مع زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الدماغ مؤديا لإيقاظ النائم لاستعادة وفتح المجرى التنفسي من جديد. ولهذه الحالة مضاعفات صحية جسمية خطيرة تهدد حياة المريض المصاب، وأخرى نفسية تصيبه بالاكتئاب والقلق وسرعة التهيج والنسيان وتقلبات المزاج، وثالثة اجتماعية تؤدي إلى توتر العلاقة بين الزوجين وتهدد بالانفصال عن الشريك لاعتبارات كثيرة منها الحرمان العاطفي والجنسي.

هذا ما ألهم الباحثين لإجراء دراسات متتالية حول هذا الموضوع مكنتهم من إثبات عكس ما توهمه أولئك المرضى.

إن ضعف الانتصاب هو أمر شائع لدى مرضى توقف التنفس أثناء النوم، وأظهرت نتائج دراسة عرضت في المؤتمر السنوي الأخير لأطباء الكلية الأميركية لأمراض الصدر، الذي عقد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في أوستن، تكساس - أميركا، أن استخدام «CPAP» يحسن من قوة الانتصاب وجودة الجنس، خاصة إذا استمر استعمال هذه الوسيلة لأكثر من 4 ساعات في الليلة الواحدة.

وقد اختيرت عينة المرضى المشاركين في هذه الدراسة بحيث يكونون متماثلين في العمر، وفي مؤشر كتلة الجسم (BMI)، وفي وجود شكوى من ضعف الانتصاب، واستخدام نفس الأدوية لعلاج ضعف الانتصاب، ووجود اكتئاب. وقد صرح أكثر من نصف عدد المشاركين في الدراسة بأن استخدام «سي باب» ساعدهم على الممارسة الجنسية بشكل أفضل.

دراسة أخرى سبق أن عرضت نتائجها في الملتقى السنوي السادس والعشرين الذي عقد في بوسطن عام 2012 لقياس الوظيفة الانتصابية والرغبة الجنسية لدى مجموعة من الرجال من أعمار مختلفة دون الستين يعانون من انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم وكانوا قد بدأوا علاجهم بـ«سي باب». تم قياس الوظيفة الانتصابية لديهم جميعا قبل الدراسة ثم أعيد قياسها بعد شهر ثم ثلاثة أشهر ثم ستة أشهر من بدء العلاج بالـ«سي باب». وأظهرت النتائج تحسنا في الوظيفة الجنسية عند الجميع عما كانت عليه في بداية الدراسة مع ارتفاع نسبة رضاهم عن أنفسهم.

لا شك أن علاج انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم باستخدام «سي باب» يؤمن لهؤلاء المرضى الحصول على الأوكسجين الكافي الذي تحتاجه جميع أعضاء أجسامهم بما في ذلك الأعضاء التناسلية فيتحسن أداؤها.

* دور العامل النفسي في الإصابة بالأمراض

* يهمل الكثيرون دور العامل النفسي في التأثير على شدة أو حدة أعراض بعض أمراض الجسم وكذلك إمكانية التسبب في حدوث انتكاسات بسبب الأمراض بعد الشفاء منها. هذا خلافا لمجموعة الأمراض التي تسمى بالأمراض النفسجسدية psychosomatic والتي تنتشر بين الإناث بدرجة أكبر مما هي عليه بين الذكور ويلعب فيها الجهاز العصبي اللاإرادي دورا مهما مثل قرحة الاثنى عشر وقرحة القولون وبعض الأمراض الجلدية وقصور الشرايين التاجية للقلب والصداع بأنواعه، وخصوصا النصفي منه، وكذلك مرض الربو. ويكون المريض في هذه الحالات غالبا يعاني، في الأصل، من القلق والاكتئاب بشكل خاص.

وتتصدر قائمة تلك الأمراض التي تتأثر بالعامل النفسي مجموعة الأمراض الصدرية، ويأتي في مقدمتها مرض الربو الذي يقدر عدد المصابين به بنحو 150 مليون شخص في كل أنحاء العالم أي بنسبة تصل إلى 5 – 10 في المائة، ويصيب في السعودية نحو مليون ونصف المليون شخص، ويتطلب علاج الحالات الحادة منه تنويم المريض بالمستشفى وأحيانا بقسم العناية المركزة لإنقاذ حياته من الموت المحقق.

ومن حيث علاقة الربو بالعامل النفسي، فقد وجد أن كثيرا من المصابين بالربو، تتفاقم حالتهم الصحية إذا ما تعرضوا لضغوط نفسية وتوتر وقلق واكتئاب. ويتضح ذلك مع الأطفال الصغار المصابين بالربو عند إلحاقهم بالمدارس لأول مرة بعيدا عن منازلهم وأمهاتهم وإخوانهم عندما ينتابهم القلق والتوتر.

ولقد قدم أخيرا في سبتمبر (أيلول) 2014 بحث في المؤتمر الدولي لجمعية التنفس الأوروبية European Respiratory Society يثبت تحسن أعراض الربو الحاد بعد إضافة العلاجات النفسية إلى العلاج الروتيني المتبع مع مرضى الربو عند ما يقرب من 27 في المائة من هؤلاء المرضى. كما وجد في ذلك البحث أن عدد مرات تكرار حدوث نوبات شديدة تستدعي التنويم في المستشفيات كانت أقل بعد تدخل الطبيب النفسي في العلاج، وأن مدة البقاء في المستشفى لمن تم تنويمهم انخفضت بعد الدعم النفسي بنسبة 42 في المائة مقارنة بمن لم يحظوا بالرعاية النفسية خلال تقديم العلاج الطبي المعتاد لهم.

هذه النتائج تؤكد على ضرورة إضافة استشارة الطبيب النفسي ضمن خطة العلاج لمرضى الربو بشكل خاص وأمراض أخرى عضوية كثيرة.

استشاري في طب المجتمع مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة [email protected]