موسكو تفجر مفاجأة وتضع مسافة بينها وبين حلفائها في شرق أوكرانيا

مستشار بوتين: موقفنا هو احترام انتخابات دونيتسك ولوغانسك وليس الاعتراف بها

أقارب يبكون شابا وفتاة قتلا في قصف استهدف مدرستهما خلال جنازتهما في مدينة دونيتسك بشرق أوكرانيا أمس (أ.ب)
TT

فيما اعتبرته الأوساط السياسية المحلية والأجنبية مفاجأة غير متوقعة، أعلنت مصادر الكرملين عدم اعتراف موسكو بنتائج الانتخابات التي جرت في مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك بجنوب شرقي أوكرانيا يوم الأحد الماضي لاختيار رئيسي «الجمهوريتين» غير المعترف بهما وأعضاء برلمانيهما.

وقال يوري أوشاكوف مساعد الرئيس فلاديمير بوتين للشؤون الخارجية إن «الكرملين يحترم إرادة شعب هاتين (الجمهوريتين الشعبيتين) التي أعرب عنها في انتخابات الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، لكن ذلك لا يعني الاعتراف بها». وقال إن الموقف الرسمي لروسيا جرى الإعلان عنه في البيان الصادر عن وزارة الخارجية الروسية حول نتائج الانتخابات.

ونقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» عن أوشاكوف ما قاله حول أن البيان تضمن كلمة «نحترم»، ولم ينص على مسألة الاعتراف. وتعليقا على مدى احتمال وضع علامة التساوي بين الكلمتين، قال أوشاكوف «إن هناك فرقا بين كلمتي (نحترم) و(نعترف)». وتابع: «إنهما كلمتان مختلفتان، وقد اختيرت خصيصا كلمة نحترم، وهو ما نؤكده من حيث المبدأ، من منظور احترام إرادة الناخبين».

كما أعلن دميتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين لا يعتزم اللقاء مع رئيسي «الجمهوريتين الشعبيتين» في لوغانسك ودونيتسك إيغور بلوتنيتسكي والكسندر زاخارتشينكو.

ومن اللافت أن سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية كان أعلن قبيل إجراء هذه الانتخابات «إننا وبطبيعة الحال نعترف بنتائج هذه الانتخابات»، غير أن البيان الصادر عن الخارجية الروسية بعد انتهاء عملية الانتخابات لم يتضمن مثل هذا الاعتراف مكتفيا بالقول: «إننا نحترم إرادة سكان جنوب شرقي أوكرانيا، وإن الممثلين المنتخبين حصلوا على تفويض من أجل تقرير المهام العملية المطروحة لإعادة بناء الحياة الطبيعية في المنطقة».

وكانت السلطات الرسمية في كييف رفعت الدعوى الجنائية ضد المسؤولين عن إجراء هذه الانتخابات التي اعتبرتها مخالفة لبنود الدستور الأوكراني.

ومن جانبه وصف الاتحاد الأوروبي عملية الانتخابات بأنها غير شرعية، فيما أكدت المصادر الرسمية الأميركية أن تلك الانتخابات تتناقض مع نص وروح اتفاقيات مينسك الموقعة في سبتمبر (أيلول) الماضي بين ممثلي هاتين المنطقتين وأوكرانيا بمشاركة ممثلي روسيا والمفوضية الأوروبية.

وأعلنت المصادر الغربية أنها لا تستبعد تشديد العقوبات المفروضة ضد المسؤولين الروس من ساسة ورجال أعمال في حال الاعتراف بهذه الانتخابات. كما أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وكريستوف هويسغين مفوض الشؤون الخارجية، كلا من بلوتنيتسكي وزاخارتشينكو (رئيسي لوغانسك ودونيتسك) بوصفهما «شخصين غير مرغوب فيهما» في بلدان الاتحاد الأوروبي.

وكانت مصادر الكرملين ناشدت الأطراف المعنية الالتزام بما نصت عليه اتفاقيات مينسك، مؤكدة ضرورة استئناف الحوار بين الأطراف المعنية. وفي تصريحات صحافية بهذا الشأن قال يورى أوشاكوف مساعد الرئيس بوتين للشؤون الخارجية إن بلاده تقف إلى جانب «مواصلة عملية مينسك وعقد الاجتماع التالي لمجموعة الاتصال». وأضاف «ليس هناك ما يمكن أن يكون مرتبطا بنا».

وحول احتمالات إثارة هذه القضية في اجتماعات قمة العشرين المرتقب عقدها في أستراليا قال أوشاكوف باحتمالات مناقشتها. وقال إنه ورغم أن المسألة الأوكرانية غير مدرجة رسميا ضمن جدول الأعمال، فإن قيادات البلدان المشاركة في قمة العشرين يملكون حق «طرح أي موضوع». وأضاف «لا أستبعد أن يتم التطرق إلى موضوع أوكرانيا، ومسائل أخرى مثل (داعش) وأفغانستان».

في غضون ذلك، أعلنت السلطات العسكرية في كييف أمس أن عشرات الدبابات والجنود دخلوا من روسيا إلى شرق أوكرانيا المتمرد حيث قتل 5 جنود، مما يشكل مؤشرا جديدا لتدهور الوضع منذ الانتخابات التي نظمها الانفصاليون الأحد الماضي. فقد قتل 5 جنود وأصيب 21 شخصا هم 16 عسكريا و5 مدنيين، خلال اليومين الماضيين، كما ذكرت السلطات. وتعد هذه أسوأ حصيلة منذ وقف إطلاق النار في 5 سبتمبر الماضي.

وفي دونيتسك، أبرز معاقل التمرد، أصيب 15 مدنيا أول من أمس بشظايا قذيفة في المناطق القريبة من مطار دونيتسك، إحدى أبرز النقاط الساخنة التي تتنازع السيطرة عليها القوات الأوكرانية والانفصاليون الموالون لروسيا منذ بضعة أشهر. وتواصل القصف صباح أمس في دونيتسك، لكن كثافته كانت أقل من اليوم السابق بسبب سماكة الضباب الذي غطى المدينة. وفي المقابل، حضر 150 شخصا جنازة فتى وشاب قتلا الأربعاء في قصف استهدف مدرستهما قرب دونيتسك. وخلفت هذه المأساة حزنا وغضبا عميقين، وتبادلت كل من كييف والمتمردين المسؤولية عن ذلك القصف.