الحكومة الموريتانية تسعى إلى إطلاق حوار جديد مع المعارضة الراديكالية

أطراف قوية داخل جبهة المعارضين أعلنت رفضها قبل الحصول على ضمانات حقيقية

TT

بدأ رئيس الوزراء الموريتاني، يحيى ولد حدمين، مساعي لإطلاق حوار جديد مع أحزاب المعارضة الراديكالية التي قاطعت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وهي المساعي التي ناقشتها هذه الأحزاب في اجتماع عقدته، أمس، في نواكشوط.

وكان رئيس الوزراء الموريتاني قد التقى منذ عدة أيام بمحمد غلام ولد الحاج الشيخ، نائب رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) وعضو البرلمان، بوصفه موفدا من الحزب ذي الخلفية الإسلامية وأكثر أحزاب المعارضة تمثيلا في البرلمان الموريتاني، كما وجه ديوان رئيس الوزراء رسائل إلى بعض الأحزاب يبلغها فيها رغبته في عقد لقاءات مع رؤسائها.

وتحدثت مصادر كثيرة عن لقاءات مماثلة لم يعلن عنها، جمعت رئيس الوزراء على انفراد بكل من رئيس «حزب التحالف الشعبي» التقدمي، والرئيس السابق للبرلمان الموريتاني مسعود ولد بلخير، ورئيس حزب الوئام الديمقراطي الاجتماعي، بيجل ولد هميد، وهما حزبان يوصفان بأنهما قريبان من النظام؛ حيث شاركا في الانتخابات المحلية والبرلمانية.

وينصب اهتمام رئيس الوزراء على أحزاب المعارضة الراديكالية التي قاطعت الانتخابات، وفي هذا الإطار يدخل لقاءه مع النائب الإسلامي، وهو اللقاء الذي لم يُعلن عنه بشكل رسمي، ولم يُكشف عن تفاصيله، في الوقت الذي يعد أول لقاء يجمع رئيس الوزراء، يحيى ولد حدمين، بأحد قيادات المعارضة، وذلك منذ تعيينه على رأس الحكومة في شهر أغسطس (آب) الماضي.

وقد اشتهر ولد حدمين، عندما كان يشغل منصب وزير التجهيز والنقل في الحكومات السابقة، بصراعاته مع قيادات التيار الإسلامي، وهو الصراع الذي وصل في بعض الأوقات إلى الإعلام في ظل تبادل الطرفين للاتهامات والتصريحات النارية. وبحسب ما أكدته مصادر معارضة، فإن ولد الحاج الشيخ بعيد لقائه برئيس الوزراء، أبلغ قادة المعارضة الراديكالية برغبة الأخير في عقد لقاءات خاصة مع رؤساء عدد من هذه الأحزاب، من دون أن تعلن تفاصيل أكثر حول طبيعة هذه اللقاءات ولا موعدها.

وأكد مصدر رفيع في المنتدى لـ«الشرق الأوسط»، أن «القيادات السياسية لأحزاب المعارضة الراديكالية عقدت اجتماعا، أمس، ناقشت فيه مساعي رئيس الوزراء لإيجاد أرضية مشتركة للدخول في حوار جديد ينهي حالة القطيعة التي تعيشها الساحة السياسية».

وعبر المصدر عن رغبة المعارضة في إنهاء حالة القطيعة بينها والحكومة، ولكنه في الوقت نفسه أكد أن «النظام القائم هو من يتحمل مسؤولية هذه القطيعة، وذلك بسبب عدم التزامه بتطبيق بنود اتفاقية دكار عام 2009، وعدم تقديمه لضمانات حقيقية قبيل تنظيم الانتخابات الأخيرة».

من جهة ثانية، تستعد الحكومة الموريتانية لتنظيم انتخابات تجديد مجلس الشيوخ (الغرفة العليا في البرلمان الموريتاني)، وهي الانتخابات التي ينتظر أن تشارك فيها أحزاب التواصل الإسلامي والتحالف الشعبي التقدمي، بالإضافة إلى حزب الوئام والحركة من أجل إعادة التأسيس.

كما يأتي تحرك الحكومة الجديد في اتجاه كسر الهوة بينها والمعارضة، بعد أيامٍ فقط من تنصيب زعيم جديد لمؤسسة المعارضة الديمقراطية ينتمي لحزب تواصل الإسلامي، وهو ما يفسر بالنسبة للبعض لقاء رئيس الوزراء بأحد قيادات الحزب الإسلامي، في ظل إمكانية أن يلعب الإسلاميون دورا محوريا في أي حوار مرتقب بين الحكومة والمعارضة الراديكالية.

في غضون ذلك، ما تزال أطراف قوية وذات تأثير كبير في أوساط المعارضة الراديكالية ترفض الدخول في الحوار مع النظام من دون الحصول على ضمانات حقيقية، ولم تخف هذه الأطراف رفضها للقاء رئيس الوزراء، مشيرة إلى أنه «لا يملك من الأمر شيئا، فالقرار كله بيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز».

وتنتظم أحزاب المعارضة الراديكالية فيما يعرف بـ«المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة»، بالإضافة إلى هيئات نقابية وحقوقية، وقد سبق للمنتدى أن دخل في حوار مع الحكومة العام الماضي لم يسفر عن نتائج توافقية، وأعلن في أعقابه مقاطعة الانتخابات المحلية والبرلمانية التي نظمت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، وبعدها الانتخابات الرئاسية في يونيو (حزيران) 2014.