هولاند: لن أترشح لولاية ثانية إذا لم أخفض البطالة

الرئيس الفرنسي يقر بأخطاء في منتصف فترته ويؤكد ثباته أمام المحن

TT

أقر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مساء أول من أمس، في منتصف ولايته، بارتكابه «أخطاء»، لا سيما في مكافحة أزمة البطالة، لكنه أكد أنه «ثابت» في وجه المحن وعازم على «إصلاح» فرنسا حتى نهاية ولايته في 2017. وتعهد بعدم الترشح لولاية ثانية إذا بقيت نسبة البطالة مرتفعة مثلما هي حاليا.

وفي برنامج حواري بعنوان «على الهواء مع الفرنسيين» بث عبر التلفزيون والإذاعة بمناسبة مرور عامين ونصف العام على تسلمه مفاتيح الإليزيه لولاية من 5 سنوات، سعى هولاند، صاحب أدنى شعبية على الإطلاق في تاريخ رؤساء فرنسا، إلى تحسين صورته أمام مواطنيه، في لقاء بدا فيه أولا في مظهر المدافع عن النفس، ثم لاحقا أكثر ارتياحا. وقال الرئيس الاشتراكي: «لقد ازددت صلابة. منذ سنتين ونصف وأنا ثابت» في مواجهة المحن، وذلك بعد الانتقادات الكثيرة التي وجهت إليه، حتى من داخل معسكره، بسبب عجزه عن تحقيق أي نتائج في مواجهة الأزمة الاقتصادية المستفحلة وخروج تفاصيل حياته الشخصية إلى العلن.

وأضاف: «أحاول التماسك».. وذلك ردا على الانتقادات التي وجهت إلى شخصيته المتقلبة والمتذبذبة والتي أخذت مداها مع الكتاب الذي نشرته شريكة حياته السابقة التي انفصل عنها في يناير (كانون الثاني) الماضي فاليري تريرفيلر. وتابع: «أنا لم أصبح رئيسا للجمهورية بالقرعة، أنا لا أتذمر أبدا، أنا كائن طبيعي، قلب وروح وفكر ومشاعر، وعلي أن أحافظ على وضع رزين».

ورفض الرئيس الرد على الانتقادات التي وجهها إليه سلفه اليميني نيكولا ساركوزي حين أخذ عليه أنه «يأكل البطاطا المقلية». وقال: «أرفض الكلام السوقي». وفي البرنامج الحواري واجه أول رئيس اشتراكي منذ فرنسوا ميتران (1981 - 1995) مواطنين متضررين بدرجات متفاوتة من الأزمة الاقتصادية الخانقة.

وقالت مديرة شركة صغيرة مخاطبة الرئيس في معرض حديثها عن البطالة: «يا لها من فوضى! كيف وصلنا إلى هنا؟». ورد هولاند عليها بالقول: «لقد ارتكبت أخطاء. من لم يفعل؟ نعم كان يجب أن يكون هناك مزيد من النمو. الجميع كان مخطئا. الجميع ظن أنه سيكون هناك انتعاش».. في إشارة إلى الوعد الذي قطعه في 2013 بتغيير مسار معدل البطالة من تصاعدي إلى تنازلي.

وجدد الرئيس التأكيد على أنه لن يترشح لولاية ثانية في 2017 إذا لم ينخفض معدل البطالة بحلول ذلك التاريخ. وفي فرنسا اليوم 3.4 مليون عاطل عن العمل، وهو رقم قياسي. وأكد أنه في الانتظار: «سأمضي فترة السنتين والنصف المتبقية لي حتى النهاية في إصلاح بلدي». وتابع: «سنقوم بكل الإصلاحات التي تجعلنا أقوى»، مشيرا بالخصوص إلى مشاريع تخفيف تشريعات العمل التي وضعها مستشاره السابق إيمانويل ماركون الذي عينه وزيرا.

وفي مقابلته التي خلت من أي إعلان مهم، تعهد هولاند بأنه «لن تكون هناك ضرائب إضافية أيا كانت» اعتبارا من 2015 وحتى نهاية ولايته. ومن أجل إطلاق دينامية إيجابية في البلاد قال هولاند إنه يدعم تقديم باريس ترشحيها لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 2024، وكذلك تقديم ترشيحها لاستضافة المعرض العالمي في عام 2025.

ولم يتطرق الرئيس في مقابلته إلى الشأن الدولي، بينما اكتفى في الشق الاجتماعي بالقول إنه يؤيد اعتماد خدمة مدنية «عامة» لمدة تتراوح بين شهرين و3 أشهر. وتراكمت النتائج السلبية في محصلة الرئيس في النصف الأول من ولايته، فمن إصلاحات اقتصادية لم تؤت ثمارا، مرورا بنمو معطل، ومعدل بطالة قياسي، وصولا إلى إصلاحات اجتماعية أثارت معارضة من دون أن تحشد تأييد معسكره، يبدو رئيس الدولة وحيدا في مواجهة يسار عاجز ويمين منقسم ويمين متطرف متربص.

والنتائج الكارثية التي ترد في استطلاعات الرأي تتراكم بالنسبة للرئيس، فقد تراجع هامش شعبيته إلى مستوى غير مسبوق يبلغ 12 في المائة من الآراء المؤيدة له، بحسب استطلاع نشر أول من أمس. ونشر استطلاع آخر في مطلع الأسبوع وأشار إلى أن 8 فرنسيين من أصل 10 لا يرغبون في ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2017.

ويشكل تراجع شعبية هولاند الذي وصل إلى مستويات قياسية، عائقا كبيرا أمام اليسار، حيث إن زعيمة «الجبهة الوطنية» مارين لوبن تتصدر نوايا التصويت في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية عام 2017 كما أظهرت استطلاعات الرأي، ما قد يحصر المنافسة بين اليمين واليمين المتطرف. وحذر هولاند مساء أول من أمس من الخطر الذي تمثله في نظره مارين لوبن، وقال: «ما كنا نظنه مستحيلا في يوم ما يصبح في يوم آخر حقيقيا للأسف. من كان يتخيل في ثلاثينات القرن الماضي ما حصل؟ ما حصل يمكن أن يحصل مجددا».

وبعد أيام على مقتل شاب من أنصار البيئة إثر مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن في موقع مشروع لبناء سد مثير للجدل، وعد هولاند بأن تنشر نتائج التحقيق الإداري حول هذه القضية «في غضون 8 أيام».