تونس: رئيس الحكومة الأسبق يدعم ترشح السبسي للرئاسة ويدعو الدستوريين للتصويت لفائدته

حامد القروي لـ«الشرق الأوسط»: السبسي والغنوشي بإمكانهما تشكيل حكومة وحدة وطنية ناجحة

TT

كشف حامد القروي رئيس الحكومة التونسية الأسبق عن دعم حزب الحركة الدستورية الذي يرأسه لترشح الباجي قائد السبسي في منافسات الانتخابات الرئاسية التي تدور نهاية هذا الشهر، ودعا أنصاره إلى التصويت لفائدته. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن قيادات حزبه أجمعت حول دعم الباجي في الانتخابات الرئاسية لاعتبارات عدة، من بينها أنه تربى ضمن كوادر الحزب الاشتراكي الدستوري، وأنه شكل حزبا سياسيا متعدد التيارات الفكرية وتمكن من خلاله من الفوز في الانتخابات البرلمانية.

ودعا القروي كلا من الباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية ناجحة تجمع الحزبين من أجل مصلحة تونس، على حد تعبيره، ولا تخضع للتطرف اليساري أو اليميني.

وقال إن السبسي والغنوشي لهما القدرة على تقديم برنامج حكومي مشترك نظرا إلى أن الأولويات الوطنية المطروحة بعد الانتخابات معروفة لدى كليهما، وهي تتلخص في ضمان الأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي وحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية للتونسيين. وأشار القروي في تصريحه إلى تجاوز الحركتين («نداء تونس» و«النهضة») أهم نقطة خلافية بينهما منذ سنة 2013 بشأن هوية التونسيين، وذلك وفق تضمنه الفصل الأول من الدستور التونسي الجديد.

وفي ما يتعلق بالاتهامات المتكررة والجدل حول إمكانية «تغول» حركة نداء تونس من خلال سعيها إلى السيطرة على كل المؤسسات الدستورية (رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان) وإعادة المنظومة السياسية السابقة، قال القروي إن أي حزب سياسي تونسي لن يستطيع الحكم وحده في المستقبل، وإن التعددية السياسية باتت واقعا معيشا لا يمكن التغافل عنه، ومن الضروري على حركتي نداء تونس والنهضة أن تشركا أحزابا سياسية أخرى ضمن تركيبة الحكومة الجديدة حتى تحظى بأكبر قدر ممكن من التوافق وتوفيرا لأسباب النجاح.

وبشأن تراجع حزب «الحركة الدستورية» عن دعم ترشح عبد الرحيم الزواري لخوض الانتخابات الرئاسية، قال القروي إن الإعلان عن ترشح الزواري كان في سياق تاريخي مختلف ولم تظهر حينها نتائج الانتخابات البرلمانية، أما وقد أفرزت النتائج واقعا سياسيا مختلفا، فإن شروط الترشح تغيرت، ومن الحكمة دعم المرشح الدستوري الذي يحظى بحظوظ وافرة في الفوز.

وقدمت الحركة الدستورية عبد الرحيم الزواري الأمين العام السابق لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل مرشحا لها في الانتخابات الرئاسية، بيد أن الزواري أعلن انسحابا مبكرا من المنافسة فاسحا المجال لبقية المرشحين مباشرة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية.

وكان المكتب التنفيذي الموسع لحزب الحركة الدستورية قد أعلن يوم أمس عن مساندة الحركة لترشح رئيس حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي للانتخابات الرئاسية المقبلة. وأشار بيان أصدرته الحركة الدستورية إلى أن «الإعلان عن هذا القرار جاء بعد دراسة التطورات الحاصلة في البلاد، وخصوصا بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة وما أفرزته من نتائج أحدثت مشهدا سياسيا جديدا وجب التجاوب معه»، وتابع البيان أنه كذلك «تماشيا مع الروح التي انبنى عليها توجهها العام منذ إحداثها والرامي إلى توحيد الصف الدستوري، وهو ما سعت إليه في مناسبات عدّة مع الأحزاب الدستورية الأخرى، واعتبارا للانتماء الدستوري لرئيس حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي».

ودعت الحركة الدستورية كل الناخبين الدستوريين للتصويت لفائدة السبسي، وعبرت الحركة عن أملها في التوصل إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون ضامنة للاستقرار السياسي والأمني للبلاد وتسعى إلى النهوض بها اقتصاديا واجتماعيا.

يذكر أن حامد القروي قد ترأس الحكومة التونسية في عهد بن علي خلفا للهادي البكوش لمدة تجاوزت 10 سنوات، وتراوحت من 27 سبتمبر (أيلول) 1989 إلى 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 1999. ودافع حزبه منذ تأسيسه عن أنصار النظام السابق، وقال إنهم خدموا تونس ولم يخدموا نظام بن علي.

ويتنافس على صفة مرشح الشق السياسي الدستوري (نسبة إلى الحزب الاشتراكي الدستوري الذي أسسه الزعيم الحبيب بورقيبة بعد الاستقلال) للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها يوم 23 من الشهر الحالي أكثر من مرشح. ويحظى الباجي قائد السبسي بأسبقية مريحة مقارنة مع بقية المرشحين الدستوريين، ونعني بهم كمال مرجان (رئيس حزب المبادرة وآخر وزير خارجية في نظام بن علي) والمنذر الزنايدي (وزير سابق في عهد بن علي ومرشح مستقل) وعبد الرحيم الزواري (الأمين العام السابق لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، وهو مرشح الحركة الدستورية).

على صعيد متصل، أسفر اللقاء الذي جمع الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي مساء الأربعاء الماضي عن تقارب في وجهات النظر، ووصف مقربون من الحزبين اللقاء بـ«المصيري»، وأظهرت الصور التي بثت بعيد الإعلان عن اللقاء، الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي ويمسك كلاهما بيد الآخر بحرارة.

ومن ناحيته، أكد رئيس الحملة الانتخابية في حركة النهضة حصول اللقاء بعد تأجيل الإعلان عنه من قليل عدة جهات تحسبا لردة فعل قواعد الحركتين، وقال في تصريح لوسائل الإعلام إن اللقاء جرى الإعداد له برغبة من الطرفين وإن جلسة الحوار بينهما تطرقت إلى «قضايا سياسية مختلفة» وإن «رغبة مشتركة كانت تحدو الجانبين في تغليب مصلحة تونس بعيدا عن التجاذبات» على حد قوله.