مصادر تنفي لـ «الشرق الأوسط» مزاعم حكومة طرابلس عن اختراق طائرات مصرية للمجال الجوي الليبي

حراس أمن يوقفون صادرات النفط من ميناء الحريقة للحصول على مرتباتهم

TT

فيما قلل المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي من أهمية حكم المحكمة الدستورية العليا، أول من أمس، بحل البرلمان المنتخب، نفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» مزاعم رددتها أمس رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي الموالية للجماعات المتشددة التي تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس حول اختراق طائرات مصرية للمجال الجوي الليبي وقيامها بنقل حمولات من الأسلحة.

وتخضع العاصمة الليبية طرابلس في الغرب لسيطرة مسلحي «فجر ليبيا» التي اعتبرها مجلس النواب جماعة إرهابية، فيما يحاول الجيش استعادة السيطرة على بنغازي شرقا في خطوة لفرض سيطرته على كامل أنحاء البلاد.

وقال مسؤول في الحكومة الليبية التي يترأسها عبد الله الثني لـ«الشرق الأوسط» وتحظى باعتراف المجتمع الدولي، إن هذه المزاعم هدفها تبرير حصول قوات ما يسمى «فجر ليبيا» التي تضم مسلحين من مصراتة وحلفائها من الجماعات المتشددة، على سلاح من قطر وتركيا.

كما أكد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن بلاده لم تنتهك المجال الجوي الليبي بأي شكل من الأشكال، مشددا على أن مصر تسعى لعلاقات أساسها الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية مع كل دول الجوار الجغرافي، بما في ذلك ليبيا.

وكانت رئاسة أركان الجيش الذي لا يخضع لهيمنة مجلس النواب وحكومة الثني في مدينتي طبرق والبيضاء بشرق البلاد، قد زعمت أمس في بيان لها أنها لاحظت أخيرا زيادة الاختراقات الجوية من قبل طائرات نقل قادمة عبر الدول المجاورة خاصة مصر، وهي في الأصل قادمة من جمهورية روسيا البيضاء قاصدة مطارات بمنطقة الجبل الغربي وما جاورها والهبوط فيها.

كما ادعت أن «هذه الطائرات تقوم بتفريغ حمولتها من الأسلحة والذخائر لدعم المجموعات المسلحة التابعة لما يسمى جيش القبائل وبقايا كتائب القعقاع والصواعق التي تستهدف زعزعة أمن ليبيا واستقرارها، وقصف السكان بالمدن المجاورة».

وبعدما اعتبر البيان أن اختراق هذه الطائرات هو انتهاك للسيادة الليبية ومخالفة لكل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية وقرارات مجلس الأمن، حذرت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي تلك الدول وحملتها مسؤولية تعرض هذه الطائرات للتعامل المباشر واستهدافها وإسقاطها دون إنذار مسبق.

كما تعهد عبد السلام العبيدي، رئيس الأركان المقال المحسوب على البرلمان السابق وجماعة الإخوان المسلمين، في بيان منفصل، ببناء جيش قوي يحمي الحدود جوا وبرا وبحرا من أي تدخل خارجي ويحافظ على المؤسسات الشرعية ومقدرات الشعب.

ومنذ استيلاء المسلحين على العاصمة طرابلس في الصيف وإجبار البرلمان المنتخب على الفرار إلى الشرق، هناك في البلاد حكومتان وبرلمانان ورئيسان لأركان الجيش، يقول كل منهما إنه يقود تشكيلاته المبعثرة. ولا توجد وزارة دفاع بالمفهوم الوطني.

من جهته، قلل رئيس البرلمان الليبي المنتخب صالح عقيلة من قرار المحكمة الدستورية العليا بشأن حل البرلمان، معتبرا أنه في «حكم العدم»، مؤكدا في المقابل خلال تصريحات تلفزيونية أمس استمرار كل من الحكومة والبرلمان في أداء أعمالهما بشكل اعتيادي.

وعد أن المحكمة غير مختصة بالنظر في دستورية الدساتير، مشيرا إلى أن اختصاصها يقتصر فقط على النظر في دستورية القوانين واللوائح والقرارات.

وأضاف تأكيدا لمعلومات «الشرق الأوسط» حول تعرض قضاة المحكمة للترهيب: «هذه المحكمة غير مستقلة، شاهدت جنودا مدججين بالسلاح داخل المحكمة وخارجها، هل يصح أن يحكم القضاة بالسلاح؟».

في غضون ذلك، بدأ المبروك قرير وزير العدل الليبي زيارة مفاجئة إلى القاهرة، للحصول، وفقا لما أكدته مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط»، على مساعدات دستورية وقانونية فيما يتعلق برد الحكومة ومجلس النواب على قرار المحكمة الدستورية العليا أخيرا بحل مجلس النواب المنتخب.

ومن المنتظر أن يجتمع المبروك مع مسؤولين بوزارة العدل والقضاء المصري لبحث سبل دعم علاقات التعاون بين مصر وليبيا في مجال القضاء والقانون والاستفادة من الخبرات المصرية في إعادة تأهيل منظومة القضاء والعدل في ليبيا.

إلى ذلك، بدأ حراس أمن ليبيون احتجاجا في ميناء الحريقة بشرق ليبيا وطاقته 120 ألف برميل يوميا، ومنعوا صادرات النفط. ونقلت وكالة رويترز، عن مسؤول طلب عدم نشر اسمه، أن ناقلة تنتظر منذ 3 أيام لتحميل النفط، ولكن الحراس لم يسمحوا لها، مضيفا أن «الميناء الذي يقع في طبرق مفتوح فقط أمام واردات الوقود». وقال المسؤول إن «هناك اعتصاما لحراس أمن يقولون إنهم لم يحصلوا على أجورهم».

وإغلاق الميناء ثاني ضربة لقطاع النفط في البلاد في غضون أيام بعد أن أغلق مسلحون حقل نفط الشرارة في الجنوب الذي كان يضخ ما لا يقل عن 200 ألف برميل يوميا. وبهذا ينخفض إنتاج ليبيا لنحو 500 ألف برميل يوميا على أساس البيانات التي نشرت في السابق. ولم تحدث المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا بيانات الإنتاج منذ شهر.

والمحتجون في الحريقة من قوة حراسة منشآت قطاع النفط التابعة للدولة - سبق أن نظموا عدة إضرابات هذا العام.

وتعافت صناعة النفط في ليبيا في الأشهر القليلة الماضية من موجة احتجاجات في موانئ وحقول النفط أدت إلى تراجع الإنتاج إلى مائة ألف برميل يوميا في النصف الأول من العام الحالي، وبلغ الإنتاج 900 ألف برميل يوميا في سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتفاقمت أزمة حقول النفط بعدما هدد مسلحون سيطروا على موانئ نفطية في الماضي للمطالبة بالحكم الذاتي، أول من أمس، بأنهم سيعلنون الاستقلال في شرق البلاد إذا اعترف العالم بالبرلمان المنافس في طرابلس، فيما يسلط الضوء على التوترات في البلاد المنتجة للنفط.

وتراقب أسواق النفط تصرفات زعيم هؤلاء المسلحين إبراهيم الجضران الذي سيطر هو وأنصاره لنحو عام على 4 موانئ نفط رئيسة في شرق ليبيا الذي ينتج نحو 600 ألف برميل يوميا.

ووقع الجضران اتفاقا مع الحكومة في أبريل (نيسان) الماضي لإعادة فتح موانئ النفط وخفف من لهجة تصريحاته، لكنه صعد أخيرا من لهجته بدرجة كبيرة.