ميركل في ذكرى مرور ربع قرن على انهيار جدار برلين: من الممكن تحقيق الأحلام

ألمانيا تحتفل بالوحدة وبـ«شجاعة الحرية».. والمستشارة تعتبرها رسالة أمل لأوكرانيا وسوريا والعراق

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تنظر إلى جزء تذكاري من جدار برلين وضعت عليه الزهور ضمن احتفالات أمس (أ.ف.ب)
TT

شهد أمس احتفالات عاطفية في ألمانيا لإحياء ذكرى مرور 25 عاما على سقوط جدار برلين وتوحيد ألمانيا. وشاركت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي ترعرعت في ألمانيا الشرقية، بشكل موسع في الاحتفالات. وفي خطاب عاطفي، قالت ميركل أمس، إن سقوط جدار برلين قبل 25 عاما الذي كان إيذانا بانتهاء الحرب الباردة بين الشرق والغرب أظهر للعالم أن «الأحلام يمكن أن تتحقق»، وإن هذا الحدث يجب أن يكون مصدر إلهام لمن يحاصرهم الطغيان في كل مكان.

وتوجه أكثر من 100 ألف من سكان برلين والسائحين إلى وسط المدينة التي كانت مقسمة ذات يوم للمشاركة في الاحتفالات التي أقيمت بمناسبة ذكرى سقوط الجدار. وتجول كثيرون على طول ما كان يعرف سابقا باسم «حزام الموت» الذي يمتد لمسافة 15 كيلومترا، حيث كان يقف الجدار ذات يوم، وتم وضع 7 آلاف بالونة مضيئة فوق أعمدة ارتفاعها 6.3 متر، أي ما يماثل ارتفاع الجدار الذي شيدته ألمانيا الشرقية الشيوعية عام 1961.

وقالت ميركل التي كانت عالمة شابة في برلين الشرقية الشيوعية عندما تذوقت أولى نسمات الحرية في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 في كلمتها بهذه المناسبة: «ستظل ذكرى سقوط الجدار الذي جاء ردا على ضغوط شعبية هائلة خالدة باعتباره انتصارا للروح الإنسانية». وأضافت ميركل التي تبلغ من العمر 60 عاما: «سقوط جدار برلين أظهر لنا أن الأحلام يمكن أن تتحقق وأنه لا شيء يجب أن يظل على حاله مهما كان حجم العراقيل التي قد تبدو ماثلة». ولفتت إلى أن سقوط الجدار أثبت أننا «نمتلك القوة لتحديد مصيرنا وتحسين أوضاعنا»، مشيرة إلى أنه يجب أن يعطي نموذج النهاية المفاجئة للحائط الناس في أوكرانيا وسوريا والعراق وغيرها من دول العالم المزيد من الثقة.

وتابعت: «كان انتصارا للحرية على العبودية ورسالة ثقة للأجيال الحالية والقادمة بأن من الممكن تحطيم الجدران.. جدران الديكتاتورية والعنف والآيديولوجيات».

وشيد جدار برلين عام 1961 لمنع سكان ألمانيا الشرقية من الفرار إلى الغرب مع تضييق الخناق على السكان في القطاع الشرقي للبلاد. وبدأ كجدار من الطوب ثم تمت تقويته ليصبح جدارا خرسانيا مزدوجا يخضع لحراسة مشددة لمسافة 160 كيلومترا طوق برلين الغربية وقسم الشوارع وفصل بين العائلات. وقتل ما لا يقل عن 138 شخصا أثناء محاولة الهرب إلى ألمانيا الغربية وألقي القبض على كثيرين وانتهى بهم المطاف في غياهب السجون. وانهارت الأنظمة الشيوعية في وجه انتفاضات شعبية في أنحاء أوروبا الشرقية عام 1989 فكان هذا إيذانا بنهاية الحرب الباردة التي كان جدار برلين الرمز الأكثر وضوحا لها.

وكان من اللافت مشاركة ميخائيل غورباتشوف، آخر زعماء الاتحاد السوفياتي السابق، بشكل بارز في احتفالات برلين أمس. ودعا غورباتشوف كلا من روسيا وأوروبا إلى إجراء حوار بناء بينهما. وخلال الندوة الختامية للاحتفال بالذكرى السنوية الـ25 لسقوط جدار برلين، قال الزعيم السوفياتي الحائز على جائزة نوبل للسلام أمس: «ليس الآن وقت الاتهامات المتبادلة، دعونا نعمل على إعادة بناء الثقة».

وكان غورباتشوف (83 عاما) حذر أول من أمس من أن العالم أصبح «على أعتاب حرب باردة جديدة والبعض يقول إن هذه الحرب بدأت بالفعل»، وذلك في إشارة إلى الصراع الأوكراني، مضيفا أن الأشهر الماضية حدث فيها «انهيار للثقة».

واتهم غورباتشوف الذي يعد أحد رعاة الوحدة الألمانية الولايات المتحدة بأنها لم تف بالوعود التي قطعتها بعد التحول الذي شهدته أوروبا في عام 1989. واعتبر أن الغرب بدلا من بناء الثقة مع روسيا انشغل بإعلان نفسه منتصرا في الحرب الباردة وجمع المنافع مستفيدا من ضعف روسيا آنذاك.

وقال إن الغرب بدأ في التسعينات من القرن الماضي في تقويض الثقة مع روسيا، مشيرا إلى أن تلك الثقة أصبحت ممكنة فقط بفضل الثورة السلمية في ألمانيا وفي شرق ووسط أوروبا.

وبدوره، أوضح بابا الفاتيكان فرنسيس أن سقوط جدار برلين لم يتحقق إلا بفضل الجهد الطويل والشاق للكثير من المواطنين.

وبعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي أمس في ساحة القديس بطرس، قال البابا إن هؤلاء المواطنين كافحوا وأقاموا الصلوات وعانوا لأجل تحقيق هذا الهدف، وبعضهم ضحى بحياته في سبيله.

وتذكر البابا فرنسيس أيضا الدور الذي لعبه البابا الشرفي يوحنا بولس الثاني في إحداث التطور الذي أفضى إلى سقوط جدار برلين في التاسع من نوفمبر.

وأشار البابا إلى أن جدار برلين ظل يقسم ألمانيا لفترات طويلة.. «وكان رمزا للانقسام الآيديولوجي لأوروبا والعالم بأسره». وأعرب فرنسيس عن أمله في أن يتم إسقاط جميع الجدران التي لا تزال موجودة في العالم حاليا، مؤكدا: «إننا بحاجة لجسور وليس لأسوار».

وتابع البابا: «إنه لا يجوز أن تتم ملاحقة مواطنين غير مذنبين أو قتلهم بسبب عقيدتهم».