مهمة لمسؤول الاستخبارات الأميركية سمحت بإطلاق سراح المعتقلين في كوريا الشمالية

ضغط على الأمم المتحدة لفتح تحقيق في جرائم حكومة كيم جونغ أون

TT

أسفرت المهمة السرية غير المسبوقة التي قام بها مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية جيمس كلابر في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ قبل أمس عن إخلاء سبيل آخر سجينين أميركيين كينيث باي وماثيو تود ميلر. وبينما لم تكشف الإدارة الأميركية أو السلطات الكورية الشمالية عن أسباب توقيت إطلاق آخر أميركيين تحتجزهم بيونغ يانغ، جاء إطلاق المعتقلين الأميركيين بعد اقتراح الاتحاد الأوروبي واليابان خلال الأسبوع الماضي، مشروع قرار في الأمم المتحدة يدعو إلى فتح تحقيق حول الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة من قبل كوريا الشمالية.

وطرح المشروع على لجنة من الجمعية العامة رغم ضغوط كوريا الشمالية التي كانت تريد حذف بعض الفقرات الأساسية تدعو إحداها مجلس الأمن الدولي إلى إحالة بيونغ يانغ إلى المحكمة الجنائية الدولية. ويتصاعد القلق في كوريا الشمالية بسبب الضغوط الدولية بعدما أشار تقرير لجنة التحقيق بشأن حقوق الإنسان في الأمم المتحدة مؤخرا عن الاغتصاب والتعذيب والإعدام الذي يرتكب في معسكرات الاعتقال، وأكد التقرير أن أعمال الحكومة كانت ضد حقوق الإنسان.

وهبطت طائرة ميلير وباي في الساعة المبكرة أمس في لويس ماكشورد بولاية واشنطن حيث استقبلهما ذووهما. وقد ذهب جيمس كلابر إلى كوريا الشمالية، وأجرى باسم الولايات المتحدة محادثات مع الجمهورية كوريا الشعبية الشمالية من أجل الإفراج عن هذين المواطنين الأميركيين، كما أوضحت وزارة الخارجية التي لم تحدد متى بدأت المهمة السرية. وقال مسؤول أميركي كبير إن «كلابر توجه إلى كوريا الشمالية المبعوث الشخصي للرئيس الأميركي».

وتزامنت عودة الأميركيين مع مغادرة الرئيس الأميركي باراك أوباما ليل السبت - الأحد الولايات المتحدة ليبدأ جولة آسيوية ستقوده إلى الصين وبورما للمشاركة في قمم منتدى آسيا المحيط الهادي (ابيك) ورابطة جنوب شرقي آسيا (آسيان)، ثم مجموعة العشرين في أستراليا.

وفي بكين سيشارك الرئيس الأميركي في قمة آسيا - المحيط الهادي قبل الانتقال إلى بورما وتحديدا إلى نايبيداو للمشاركة في قمة مجموعة دول جنوب شرقي آسيا ثم يتوجه إلى أستراليا لحضور قمة مجموعة العشرين التي ستعقد في بريزبان. ومن المرتقب أن يكون ملف كوريا الشمالية من بين الملفات التي يبحثها خلال جولته.

وأكد مسؤول أميركي كبير أن كلابر الذي عاد أول من أمس مع المعتقلين السابقين قام بمهمة بناء على اقتراح من بيونغ يانغ ولم يلتق الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. وأضاف أن كلابر: «التقى عددا من المسؤولين الكوريين الشماليين وحمل رسالة قصيرة من أوباما إلى كيم لكنه لم يلتق به».

وأفرج عن هذين الأميركيين بعد أسبوعين على الإفراج المفاجئ عن أميركي آخر هو جيفري فاول. وبذلك لم يعد هناك رسميا أميركيون مسجونون في كوريا الشمالية.

وأعلن الرئيس أوباما من البيت الأبيض قبل ساعات من توجهه إلى بكين قبل أمس، حليفة بيونغ يانغ: «هذا يوم رائع لهما ولعائلتيهما، ومن الطبيعي أننا ممتنون لعودتهما سالمين»، لكنه لم يشكر تحديدا كوريا الشمالية، العدو اللدود للولايات المتحدة، خصوصا بسبب برنامجها النووي.

ولا يقيم البلدان علاقات دبلوماسية، لكنهما يتبادلان وجهات النظر عبر السويد وقناة اتصال يعرفها الدبلوماسيون جيدا في مقر الأمم المتحدة بنيويورك.

وكان الأميركي كينيث باي، الكوري الجنوبي الأصل الذي تدهورت صحته، سجن في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2012 وحكم عليه بالأشغال الشاقة 15 عاما في أبريل (نيسان) 2013. وقد اتهم بأنه مبشر إنجيلي يسعى إلى إطاحة الحكومة الكورية الشمالية.

أما ميلر فقد حكمت عليه المحكمة الكورية الشمالية العليا بالسجن لمدة 6 سنوات مع الأشغال الشاقة بعد اعتقاله في أبريل واتهامه بتمزيق تأشيرته ومطالبته باللجوء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر بساكي إن «الولايات المتحدة كانت تطالب منذ فترة طويلة السلطات الكورية الشمالية بالإفراج عن هذين الشخصين لأسباب إنسانية».

وعلى غرار الإفراج عن فاول، أكدت الولايات المتحدة أنها لم تقدم أي تنازلات للإفراج عن الرجلين.

وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية: «لم نقدم أي مقابل، ولكن على أي حال على كوريا الشمالية أن تختار بين اتخاذ قرارات إيجابية يمكن أن تفضي إلى علاقة جديدة مع الولايات المتحدة وبلدان العالم الأخرى، أو اتخاذ قرارات تسير في الاتجاه المعاكس ولا تؤدي إلا إلى مزيد من العزلة».

وردا على أسئلة شبكة «سي إن إن» الأميركية، رأى السفير الأميركي السابق لدى كوريا الجنوبية كريستوفر هيل أن «الإفراج عن هذين الأميركيين إشارة مهمة من بيونغ يانغ من دون شروط على ما يبدو».

وقال بول كارول الخبير في الشؤون الكورية الشمالية في بلوشيرز فاوند بسان فرنسيسكو إن «الإفراج عن هذين الأميركيين يمكن أن يعني أن السلطة التنفيذية في كوريا الشمالية تميل إلى استغلال إمكانية استئناف الحوار مع الولايات المتحدة».

وحذرت وزارة الخارجية الأميركية مرة جديدة رعاياها السبت من السفر إلى كوريا الشمالية.

وبدأ إرسال موفدين من واشنطن إلى كوريا الشمالية في التسعينات على رغم من اعتقال أميركيين في هذا البلد. وقد زارها الرئيسان السابقان بيل كلينتون وجيمي كارتر على سبيل المثال خلال مهمات إنسانية. لكن مهمة كلابر هي الأولى لمسؤول كبير جدا في أجهزة الاستخبارات الأميركية.