السعودي «الجعيد».. عاد من «القاعدة» وتعلم فنون الهندسة وانضم إلى «داعش»

مصادر لـ («الشرق الأوسط»): شارك في ورش علمية بإسبانيا وهرب إلى سوريا ومعه شقيق زوجته

TT

سيطر الفكر القتالي في مختلف التنظيمات الإرهابية على أصحاب التخصصات العلمية الرفيعة، حيث لم يكد يبرأ جراح أسرة سعد الجعيد، بعد عودة ابنهم رامي من تنظيم القاعدة في أفغانستان، واندماجه في المجتمع، واقترانه بزوجتين، وحصوله على شهادة الهندسة، حتى تلقوا اتصالا منهم يفيد بوصوله إلى الأراضي السورية، ومشاركته القتال مع تنظيم «داعش»، ومعه شقيق زوجته (16 عاما).

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن رامي الجعيد التحق بتنظيم القاعدة الأم في أفغانستان، حينما أبلغ أسرته التي تقطن في محافظة الخرج (آنذاك) أنه يرغب في الذهاب إلى المنطقة الشرقية مع بعض أصدقائه، وكان عمره في ذلك الوقت 21 عاما، حتى وصل إليهم اتصال منه يفيد بوصوله إلى الأراضي الباكستانية في طريقة إلى أفغانستان، للقيام بأعمال الإغاثة هناك، ومعه عدد من زملائه.

وأضافت: «جرى القبض على رامي الجعيد، من قبل القوات الأميركية، حينما شنت هجوما على أفغانستان، بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، حيث نقل إلى سجن مدينة كوغان الباكستانية، ثم نقل إلى غوانتانامو».

وقالت المصادر إن السلطات السعودية تسلمت رامي الجعيد من القوات الأميركية في غوانتانامو، ووصل إلى الرياض في سبتمبر 2007، حيث كانت فرحة أسرته لا توصف حينما قاموا بزيارته في السجن، وارتفعت معنوياتهم، واستفاد خلال خضوعه للمناصحة وتصحيح أفكاره القتالية، والانضمام إلى الجماعات الإرهابية، في مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، بل وصل به الأمر إلى مواصلة دراسته العلمية في قسم الهندسة، وحصل على الشهادة.

وأشارت المصادر إلى أن رامي الجعيد التحق بالعمل في إحدى المنشآت على وظيفة مهندس، وظل يمارس حياته العملية، وتزوج ابنة عمه، ولم يستمر معها، ثم تزوج الثانية، وهي شقيقة أحد المطلوبين الذين شاركوا في القتال في أفغانستان وتورطوا في عمليات إرهابية في شقة الخالدية في مكة المكرمة.

ولفتت المصادر إلى أن رامي الجعيد كان شخصا مختلفا مع زملائه، وكذلك مع أقاربه حينما حصل شهادة الهندسة، وكان طموحه الوصول إلى أعلى المستويات في مجال عمله المهني، حيث يتطلب منه العمل الخروج إلى الميدان للإشراف على بعض المشاريع، وكذلك الحضور في ورش أعمال علمية في الخارج، وكان آخرها في إسبانيا. وذكرت المصادر أن المؤثرات الخارجية ومناطق القتال وظهور التنظيمات الجديدة، التي تجاور السعودية، وضمنها سوريا واليمن والعراق، لا تروج للفكر المتطرف وتستقطب الشباب إليها فقط، بل تعمل على تجنيدهم لخدمتها، حيث سيطر الفكر القتالي على الأفكار العلمية التي درسها المهندس رامي الجعيد، وأحبطت طموحاته الوظيفية، وهرب إلى سوريا، ومعه شقيق زوجته الذي لم يكمل دراسته في مرحلة الثانوية العامة.

وأضافت: «7 سنوات هي فترة سجنه في غوانتانامو، ثم المناصحة والرعاية اللاحقة، وبعدها حصوله على شهادة الهندسة، وسيطر عليه الفكر الضال، وبالتأكيد سيوظف ما تعلمه في الهندسة في صالح (داعش) الذي يعتقد أنه يحارب النظام السوري».

وقالت المصادر إن الجعيد انضم إلى القتال مع «داعش» ولم يفكر في مصير ولده وابنته، وكذلك أسرته حيث هو الوحيد من الذكور، بين 7 بنات فقط، ولا في شهادته العملية التي تعب في الحصول عليها، حيث غادر إلى أفغانستان وهو المستوى الثالث، وحينما أطلق سراحه بعد عودته إلى الرياض سمح له بمواصلة تعليمه في الجامعة.

وكان الدكتور حميد الشايجي، أستاذ علم الجريمة وعضو مركز محمد بن نايف للتأهيل والرعاية، قال في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» إن الدراسات العلمية التي تناولت الجريمة كشفت عن أن نسبة العودة إلى الجريمة تراوحت بين 40 و60 في المائة، بينما النسبة في مركز المناصحة والرعاية وصلت نحو 12 في المائة، وذلك بعد أن قبض على 94 شخصا ممن أفرج عنهم، في وقت سابق، مما يعد مؤشرا على نجاح المركز، مشيرا إلى أن السعودية تتعامل مع القضايا الخطرة الخاصة بالفكر، حيث يستحيل أن يكون كل برنامج تأهيلي ناجحا بنسبة مائة في المائة.

وأضاف: «الذين عادوا إلى جرمهم مرة أخرى بالقول أو الفعل مجموعتان، إحداهما من الذين كانوا موقوفين في سجن غوانتانامو، الذين تسلمتهم الحكومة السعودية من نظيرتها الأميركية، وعددهم 120 شخصا، حيث رجع منهم إلى الفكر المتطرف نحو 20 في المائة من إجمالي العائدين، والمجموعة الثانية من سجناء الداخل أو من الذين تسلمتهم السعودية من مناطق الصراع الأخرى، حيث رجع منهم إلى الفكر الضال نحو 12 في المائة، وقد يعزى ارتفاع النسبة بين العائدين من غوانتانامو إلى طبيعة المعاملة التي تعرضوا لها في المعتقل».