جماعة ليبية متطرفة تدشن مبايعة صوتية لتنظيم داعش

السودان يطرح نفسه وسيطا لحل الأزمة السياسية.. واستمرار التوتر في شرق طرابلس

TT

أعلنت جماعة ليبية مجهولة، أمس، مبايعة أبو بكر البغدادي، رئيس تنظيم داعش المتطرف في سوريا والعراق، كما أعلنت انضمامها إلى ما يسمى بـ«دولة الخلافة» التي دشنها أخيرا.

وقال بيان صوتي تم نشره، أمس، على موقع «يوتيوب» عبر شبكة الإنترنت، باسم «مجاهدي ليبيا»، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «جمعا من الفصائل والكتائب على أرض ليبيا بولاياتها الـ3 برقة وفزان وطرابلس، تعلن مبايعة الخليفة البغدادي على السمع والطاعة».

وبعدما دعا البيان المسلمين في كل مكان لمبايعة البغدادي ونصرته، هدد من وصفهم بـ«المترددين من العلمانيين وقوات الجيش» بالحرب، كما حث القبائل الليبية على اللحاق بهم.

ولم تتضح على الفور هوية الشخص الذي تلا البيان الصوتي، الذي يعتبر الأحدث من نوعه في سلسلة إعلان تنظيمات ليبية متطرفة دعمها لتنظيم داعش، لكن مراقبين محليين قللوا في المقابل من أهميته وربطوه ببيان مماثل أصدره أخيرا تنظيم ما يسمى بـ«بيت المقدس» في شبه جزيرة سيناء المصرية.

وقال مسؤول حكومي ليبي لـ«الشرق الأوسط»، إن «مثل هذه البيانات، وإن كان لا يمكن التأكد من صحتها، تؤكد وجود متطرفين ليبيين على صلة مباشرة بهذا التنظيم الإرهابي».

وسبق أن أعلن ما يسمى بـ«مجلس شورى الإسلام» المتطرف مبايعة أمير «داعش» في مدينة درنة التي تعتبر المعقل الرئيسي للجماعات الإرهابية في شرق ليبيا.

من جهة أخرى، هدأت إلى حد ما الاشتباكات بين سكان ضاحية فشلوم شرق العاصمة طرابلس وما يسمى بـ«قوات فجر ليبيا»، فيما قال مواطنون لـ«الشرق الأوسط»، إن «التوتر خيم على أجواء المنطقة التي تم إغلاق بعض شوارعها بإطارات السيارات المشتعلة وصناديق القمامة». وزعمت «فجر ليبيا» أن «الاشتباكات اندلعت بسبب محاولتها اعتقال تاجر مخدرات»، لكن ناشطين سياسيين قالوا في المقابل لـ«الشرق الأوسط»، إن «السبب الرئيسي هو اعتقال أحد الناشطين الداعين لمظاهرة شعبية يوم السبت المقبل للمطالبة بتحرير العاصمة من قبضة الميليشيات المسلحة التي تنتمي إلى مدينة مصراتة (في الغرب) وحلفائها من الجماعات المتشددة».

وفى بنغازي بشرق البلاد، قصفت طائرات تابعة للجيش الليبي عدة مواقع لتنظيم أنصار الشريعة وما يسمى بـ«مجلس شورى ثوار بنغازي»، خصوصا معسكري 319 و36 في بوعطني، بينما خاضت القوات على الأرض معارك عنيفة في ميدان الشجرة، بالإضافة إلى حي الليثي الذي يقطن به غالبية قادة الجماعات المتطرفة.

في غضون ذلك، بدا، أمس، أن السودان يعتزم محاولة لعب دور الوساطة بين مجلس النواب المنتخب الذي يتخذ من مدينة طبرق مقرا له، وما يسمى بـ«عملية فجر ليبيا» المدعومة من المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق المنتهية ولايته) وحكومته المنبثقة عنه برئاسة عمر الحاسي في العاصمة طرابلس.

وتنقل وزير الخارجية السوداني، على أحمد كرتي، ما بين طبرق وطرابلس لجس النبض حيال إمكانية أن تلعب بلاده دورا في تحقيق المصالحة الوطنية في ليبيا.

وعزز هذه التكهنات تأكيد كرتي عقب لقائه مع رئيس مجلس النواب الليبي، المستشار صالح عقيلة، دعم السودان ودول الجوار للحوار الوطني من أجل الوصول إلى السلام في ليبيا، مشيرا إلى أنه لمس من خلال لقائه مع عقيلة بحضور وزير الخارجية «توجها حقيقيا للحوار والصلح وتسوية الخلافات بالطرق السلمية».

وقال كرتي في بيان وزعه مجلس النواب، أمس، وتلقت «الشرق الأوسط» نصه، إنه جاء إلى طبرق بتكليف من الرئيس السوداني عمر البشير حاملا رسالة سلام وأخوة للشعب الليبي من أشقائه في السودان.

بدوره أكد رئيس البرلمان الليبي لضيفه السوداني «وقوف المجلس والحكومة المؤقتة مع الحوار والمصالحة من أجل إنقاذ ليبيا»، وعد أن «الحكم الصادر أخيرا عن المحكمة الدستورية حكم منعدم وصدر من محكمة غير مختصة، حكمت تحت تهديد السلاح كما شاهدتهم»، وفقا لنص البيان.

وانتقل كرتي لاحقا إلى العاصمة طرابلس للقاء مسؤولين في البرلمان السابق، وما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني غير المعترف بها دوليا. وجاءت هذه الزيارة بالتزامن مع لقاء أجراه محمد الغرياني، وزير خارجية حكومة الحاسي، مع سفير السودان لدى طرابلس، بالإضافة إلى مجموعة من السفراء الأفارقة، كما تزامنت مع إعلان نورى أبو سهمين، رئيس البرلمان السابق، توجيه دعوة إلى أعضاء البرلمان للاجتماع مجددا بمقره في العاصمة طرابلس في الساعة 11 من صباح اليوم (الثلاثاء).

ولم يتضح بعد جدول أعمال هذا الاجتماع المفاجئ الذي دعا إليه أبو سهمين عبر الموقع الإلكتروني الرسمي للبرلمان على شبكة الإنترنيت، لكن مصادر مقربة من أبو سهميين قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط»، إنه «يستهدف البحث عن كيفية الرد على قرار مجلس النواب المنتخب عزل المفتى الشيخ الصادق الغرياني من منصبه بعدما أشاد بقرار المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس النواب المنتخب الذي تسلم السلطة نظريا من البرلمان السابق في شهر يوليو (تموز) الماضي».

إلى ذلك، اعتقلت السلطات الليبية القبض على المتورطين في التفجيرين اللذين وقعا، أول من أمس، في مدينة شحات شرق البلاد، أثناء اجتماع عبد الله الثني، رئيس الوزراء المؤقت، مع رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا برناردينو ليون.

واعتبرت وزارة الداخلية الليبية في بيان لها، أن الانفجارين يهدفان إلى عرقلة الجهود الأممية لإحلال السلام في ليبيا، وتعهدت في المقابل بأن هذا العمل لن يثنيها عن مواصلة جهودها في مكافحة الإرهاب ودعم جهود ليون.

وفى أول تعليق له، نفى رئيس الحكومة، الثني، سقوط أي ضحايا في الحادث الذي كانت أضراره كما قال «مادية فقط»، وأضاف الثني في كلمة وجهها في ساعة متأخرة، من مساء أمس، بعد ساعات من الحادث: «كنا نتحاور مع المبعوث الأممي بكل جدية عن كيفية الوصول إلى حل شامل والجلوس لطاولة المفاوضات لحقن دماء الليبيين، والوصول إلى حل شامل وسياسي وعسكري نحقن به الدماء ونحقق به وحدة الوطن».

وفى اتهام واضح لـ«فجر ليبيا»، التي سبق وأن اعتبرت المبعوث الدولي غير مرغوب فيه في البلاد، قال الثني: «هناك أطراف عبرت بصراحة عن رأيها بأن السيد ليون غير مرغوب فيه، هذه الأطراف هي التي تريد تقويض مسار المفاوضات ومسار الحوار ومسار الجلوس إلى طاولة لم الشمل وتوحيد جهود الليبيين».

وأضاف: «لكن هذه المجموعات بما تحمله من أجندات لا يمكن أن تثنينا عن المسير في بناء دولة المؤسسات ودولة القانون ودولة التداول السلمي على السلطة»، مؤكدا أن «هذا الهجوم الإرهابي لن يثنينا عن المسيرة وخط بناء دولة القانون والمؤسسات والدعوة لحوار شامل ووقف إطلاق النار وحقن دماء الليبيين».

وكان الناطق الرسمي باسم بعثة الأمم المتحدة قد رفض الجزم بأن البعثة الدولية ورئيسها كانا مستهدفين في هذا الحادث، وقال: «لا نستطيع القول إذا كنا مستهدفين في التفجير، لكننا نؤكد أنه لن يثنينا عن متابعة جهودنا لمساعدة الليبيين لإيجاد حل سياسي».

وأضاف في تصريحات وزعها، أمس، أنه بعد الانفجار الأول سمع دوي انفجار آخر، وغادر وفد البعثة إلى المطار.. «ليون ووفد البعثة كانوا في اجتماع مع الثني ووفد حكومي عندما هز المكان دوي انفجارين، لم يصب أحد بأذى».