السعودية ضمن أكثر 3 دول بمجموعة «العشرين» التزاما بحرية الأسواق

بحسب تقرير حديث لمنظمة التجارة العالمية

السعودية أحدثت تقدما ملحوظا في ملف حرية الأسواق بسبب التحركات الحكومية المثمرة («الشرق الأوسط»)
TT

في وقت باتت فيه السعودية تتخذ تحركات جدية نحو جذب رؤوس الأموال الأجنبية ذات القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، أكدت منظمة التجارة العالمية أمس الاثنين، أن المملكة من أكثر 3 دول في مجموعة «العشرين» التزاما بحرية الأسواق.

وتأتي هذه التأكيدات في وقت تسعى فيه هيئة الاستثمار السعودية، بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة في البلاد، إلى مزيد من الخطوات التي تضمن إلغاء الإجراءات البيروقراطية أمام رؤوس الأموال الأجنبية التي تستهدف مشاريع من شأنها إحداث نقلة نوعية لاقتصاد البلاد.

وتعليقا على هذه التطورات، أكد الدكتور خالد اليحيى، الخبير الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن منظمة التجارة العالمية أنصفت المملكة كثيرا من خلال تقريرها الصادر أمس، مضيفا: «هنالك تطور ملحوظ على مستوى تسهيل إجراءات الاستثمار أمام الشركات ورؤوس الأموال الأجنبية، ومن المتوقع أن يحقق ذلك قيمة مضافة للاقتصاد الوطني خلال السنوات الخمس المقبلة».

وفي هذا السياق، أكد الدكتور عايض العتيبي، مدير عام تطوير الأنظمة والإجراءات في الهيئة العامة للاستثمار، أن إشادة منظمة التجارة العالمية وتثمينها الإجراءات الفعالة التي اتخذتها السعودية لتحرير التجارة وما قامت به الهيئة العامة للاستثمار في البلاد من خطوات أخيرا لتسهيل إجراءات الاستثمار، يأتي انعكاسا لجملة الجهود المشتركة التي تتبناها الجهات الحكومية من أجل إحداث تحسن وتطور شامل في بيئة الأعمال في المملكة، مما يمكن منشآت القطاع الخاص من تحقيق مزيد من النمو والازدهار، مؤكدا أنه يمثل في الوقت ذاته تبنيّا لسياسة الاقتصاد المفتوح التي انتهجتها السعودية منذ وقت مبكر.

وأوضح العتيبي في تصريحات صحافية أمس حول ما أشارت إليه المنظمة في تقريرها الصادر أمس: «سهلت التعليمات الأخيرة التي أعلنت عنها الهيئة العامة للاستثمار مؤخرا، الاستثمار الأجنبي في المملكة لأكثر من 53 نوعا من الشركات الاستثمارية، وإطلاقها لخدمة المسار المميز والسريع يشجع دخول الاستثمارات النوعية لهذه الشركات»، مضيفا «جاءت هذه الإشارة في ضوء دراسة موضوعية وتقييم شامل ودقيق لواقع الاستثمارات المستقطبة واتخاذ الحلول والتدابير اللازمة للارتقاء بنوعية المشروعات المرخصة وتوجيهها إلى القطاعات الواعدة استثماريا، دون الإخلال بالتزامات المملكة وتوجهاتها الأساسية بفتح المجال للاستثمارات ذات القيمة والمردود الإيجابي على الاقتصاد الوطني».

وفي هذا الشأن، أوردت منظمة التجارة العالمية في تقريرها مجالات ونوع الشركات التي شملتها التعليمات لتسهيل دخولها إلى المملكة من خلال «خدمة المسار السريع»، وهي واحدة من التسميات الكثيرة الخاصة بالمنظمة، من بينها الشركات المدرجة في سوق الأوراق المالية في بلدانها أو في أسواق الأوراق المالية الدولية؛ وشركات تصنيع المنتجات المصنفة التي تمت الموافقة عليها من قبل وكالات مستقلة ومعتمدة؛ والمؤسسات الصغيرة ومتوسطة الحجم، التي تعمل في مجال تسجيل حقوق الملكية الفكرية، أو التي تم تصنيفها ضمن المشاريع المبتكرة؛ والشركات الدولية، التي أقامت لها مراكز إقليمية في المملكة.

كما شملت مجالات ونوع الشركات بحسب التقرير، شركات المقاولات المصنفة ضمن الفئة الأولى في بلدانها، أو التي نفذت مشروعا بقيمة لا تقل عن 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار)، وتقوم بتوظيف ما لا يقل عن 2000 موظف، كما لا تقل أصولها الإجمالية عن 50 مليون ريال (13.3 مليون دولار)، إضافة إلى الشركات التي دخلت في شراكة مع شركات أخرى مؤهلة من قبل مؤسسة حكومية أو كيان مملوك للدولة، أو كيان تملك الحكومة فيه أسهما، أو مع شركة مدرجة في سوق المال السعودية. وصنف التقرير السعودية، من أكثر 3 دول في مجموعة «العشرين» التزاما بحرية الأسواق. وبحسب المنظمة، فإن 1244 تدبيرا تقييديا للتجارة اتخذتها دول مجموعة العشرين منذ بداية الأزمة المالية العالمية عام 2008، تمت إزالة 282 منها فقط، في حين يبلغ الآن إجمالي عدد التدابير التقييدية التي لا تزال سارية 962 تدبيرا.

ومن حيث النسبة المئوية، فمن مجموع 1244 قيدا تجاريا، تم إلغاء ما نسبته 22.7 في المائة مع بقاء 77.3 في المائة على حالها، فيما لا يتناول التقرير التدابير التقييدية التي كانت قائمة قبل الأزمة المالية العالمية وتلك التي تمت إزالتها في وقت لاحق، فيما أشار التقرير إلى أن اقتصادات مجموعة العشرين طبقت 93 تدبيرا تقييديا جديدا للتجارة خلال فترة الأشهر الخمسة من العام الحالي، أي بمعدل 18.6 تدبيرا جديدا في الشهر، وهي الوتيرة المعتادة مقارنة بالفترة المماثلة السابقة.

وفي هذا السياق، قادت الهيئة العامة للاستثمار في السعودية جملة من المشاريع والمبادرات الاستراتيجية الاستثمارية خلال العام الماضي، في إطار سعيها المتواصل لتحقيق بيئة واعدة وجاذبة لتهيئة المناخ المناسب، الذي من شأنه جذب مزيد من الاستثمارات ذات القيمة المضافة للاقتصاد المحلي، والمساهمة في تحقيق نمو اقتصادي متوازن لمناطق المملكة، فيما بلغ إجمالي التراخيص الصادرة من الهيئة خلال العام الماضي نحو 118 ترخيصا بإجمالي تمويل تجاوز 36.8 مليار ريال (9.8 مليار دولار).

وبحسب التقرير السنوي للهيئة العامة للاستثمار في السعودية، فقد ركزت أعمال الهيئة خلال العام الماضي على تحسين وتطوير بيئة الاستثمار، ورفع التنافسية من خلال التنسيق مع الأجهزة والجهات الحكومية ذات العلاقة بقطاع الاستثمار في المملكة، وتأسيس فريق عمل دائم لتطوير إجراءات الاستثمار ضم ممثلي عدد من تلك الجهات، للعمل على توحيد اشتراطات ما قبل الترخيص الاستثماري بجانب تهيئة المناخ المناسب لبيئة الاستثمار.

كما تضمنت إنجازات هيئة الاستثمار السعودية، التوقيع على اتفاقية تعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، بهدف إيجاد آليات لتسهيل وإنهاء الإجراءات والتراخيص ذات العلاقة بالسياحة والآثار كافة، والتنسيق لوضع خطة تطويرية وترويجية للفرص الاستثمارية في قطاع السياحة، إضافة إلى التعاون المشترك لوضع لائحة منظمة للاستثمار في الوجهات السياحية الكبرى، وتعزيز الاستثمارات في قطاع المعارض والمؤتمرات في السعودية.

وأشار التقرير السنوي للهيئة العامة للاستثمار في السعودية، إلى أن الهيئة قامت، في إطار التعاون الدولي، بإجراء مباحثات مع الجهات المختصة بالاستثمار في كل من: أورغواي، وألبانيا، وبلغاريا، وجورجيا، ومقدونيا، ومالطا، والنرويج، والبرتغال، وسلوفينيا، وكرواتيا، وطاجاكستان، وتركمانستان، بهدف عقد عدد من اتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة، مع الأخذ في الاعتبار قضايا الدعم والإغراق.

وقال التقرير في الوقت ذاته: «استمرارا لمساعي هيئة الاستثمار السعودية، فإنه جرى التوقيع على مشروع اتفاقية بين حكومة المملكة وحكومة اليابان، حول التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات بين البلدين، إضافة إلى تكليف الهيئة العامة للاستثمار برئاسة الجانب السعودي في اللجان المشتركة والمكلفة بعمل مباحثات مع الجهات المختصة بالاستثمار في دول آسيا الوسطى كأوزبكستان، وكازاخستان، وأذربيجان،.