قمة المجالس العالمية: بناء حكومات المستقبل يتطلب اعتماد الممارسات التكنولوجية

رئيس المنتدى يبدي قلقه من معدلات نمو لا تتناسب مع الطلب العالمي

جانب من جلسات قمة المجالس العالمية («الشرق الأوسط»)
TT

دعت «قمة مجالس الأجندة العالمية 2014» لضرورة اعتماد الممارسات التكنولوجية وتعزيز روح الابتكار من أجل حكومات المستقبل، في الوقت الذي أكد فيه الخبراء المشاركون في جلسات الأمس أن التحول الناجح لحكومات المستقبل يعتمد على قدرتها في بناء علاقات قوية مع الجمهور.

وأكد البروفسور كلاوس شواب مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي وجود تحديات اقتصادية أساسية تواجه العالم في الوقت الحاضر، إلا أن الابتكار والتوظيف الأمثل للتكنولوجيا من أهم الوسائل والأدوات التي تمكن من تحقيق التطور الاقتصادي، بالإضافة إلى تحقيق التكامل والتواصل الفعال بين القطاعين الخاص والحكومي بما يدعم من تحقيق التنمية المستدامة، وتوفير البيئة المناسبة لتطوير الأعمال وديمومتها.

وقال: «الأعوام الـ15 المقبلة تحتاج إلى التركيز على الابتكار والتكنولوجيا والتوظيف الأمثل للتقنيات الحديثة حيث سيشهد العالم تطورات كبيرة في القطاعات الأساسية وفي مقدمتها الرعاية الصحية، والتعليم، والنقل، وقطاعات الخدمات المصرفية، كما أن على الحكومات أن تواصل التخطيط على المدى الطويل، والتفكير الإبداعي الذي يعزز فرص النمو الاقتصادي، وتوظيف الإمكانات على الوجه الأفضل مما يقود إلى تحقيق الإنجازات».

وأوضح البروفسور شواب أن تحقيق التطور في القطاعات المختلفة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية يحتاج إلى تفكير استراتيجي طويل المدى، وتجنب التفكير قصير المدى الذي لا يتناسب مع التغييرات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم.

وحول الوضع الاقتصادي العالمي قال شواب: «ما يثير القلق حقيقة هو معدلات النمو التي لا تتناسب مع الطلب العالمي، حيث إنه في السنوات المقبلة نحتاج إلى توليد مئات الآلاف من فرص العمل حتى نتمكن من تلبية متطلبات التنمية المتزايدة كما أن هناك حاجة إلى التطور الاقتصادي المستمر، لأن معدلات النمو المتباطئة تقود إلى تراجع الناتج المحلي للدول، وبالتالي إعاقة عمليات التنمية المستدامة التي تحقق التطور المنشود للمجتمع الدولي».

من جهته قال يسار جرار شريك في شركة «بين آند كومباني» إن النجاح في تكوين حكومة المستقبل لا يكمن فقط في الاستخدام الفعال للتكنولوجيا بل أيضا في الجمع بين القطاعين الحكومي والخاص لابتكار حكومة المستقبل، مستشهدا بما حققته دولة الإمارات.

وأضاف جرار «عملية ضبط الخروج والدخول عبر حدود الإمارات من نظام البوابات الإلكترونية كواحدة من الأمثلة الواضحة على الاستخدام المتميز للتكنولوجيا، ما ساعد على تحسين وإدارة إجراءات أمن الدخول»، لافتا إلى استراتيجية الحكومة لتعزيز الخدمات التي توفرها عبر الإنترنت.

من جهته قال رولف التر مدير الحوكمة العامة والتطوير الإقليمي في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إن التكنولوجيا توفر إمكانات واسعة لحكومات المستقبل إلا أنه ليس من السهل على الحكومات الاستفادة منها بالكامل، مشيرا إلى أنه ما زال هنالك شوط طويل يتعين عليها أن تقطعه لتحقيق الاستخدام الفعال للتكنولوجيا لأن أغلبية الحكومات لا تعرف كيفية استخدامها بفعالية لا سيما بطريقة مستدامة.

وطرحت في الجلسات مبادرة حكومة دولة الإمارات «حكومات المستقبل» التي أطلقت في وقت سابق من العام الجاري بالتعاون مع قمة مجالس الأجندة العالمية حول مستقبل الحكومات كدليل لمساعدة الحكومات على استخدام التكنولوجيا لتوفير خدمات عامة تتسم بالكفاءة والجودة العالية.

وفي جلسة أخرى خلال فعاليات «قمة مجالس الأجندة العالمية 2014»، أطلق المنتدى الاقتصادي العالمي «مجتمع مراكز السياسات والأبحاث» الجديد الذي يضم في عضويته 25 معهدا ومركزا عالميا للسياسات والأبحاث لإطلاع أعضاء المنتدى على القضايا الرئيسية الملحة التي تواجه المجتمع الدولي.

وستسهم شبكة المؤسسات والمراكز البحثية الجديدة في ردم الفجوة بين هذه المراكز وصنّاع السياسات من خلال وضع الاستراتيجيات والسياسات المناسبة وإتاحة المعلومات اللازمة لتحقيق المصلحة وإيجاد الحلول في مجالات مثل العولمة، والرعاية الصحية، والشيخوخة، والابتكار، والسلام والأمن، والتعليم، والبيئة، والحد من الفقر، والاقتصاد العالمي.

وتحاول هذه المراكز من خلال هذا التجمع والشراكة الجديدة إيجاد الحلول للقضايا العالمية المشتركة التي تناولتها دراسة «توقعات الأجندة العالمية 2015» الصادرة مؤخرا عن المنتدى، والتي لا يمكن التعامل معها بفعالية من دون التشاور المستمر بين مختلف الأطراف المعنية فضلا عن تعزيز التعاون مع منظمات المجتمع المدني لا سيما في ظل الغياب الكبير للقيادة ووجود أزمة ثقة كبيرة بين الحكومات والناس.

إلى ذلك أكد خبراء في التكنولوجيا أن الأسواق الناشئة من الممكن أن توفر نموذجا يحتذى به لإقامة المدن الذكية في المستقبل، وقال إنيل مينون، رئيس المجتمعات الذكية المتصلة ونائب المدير التنفيذي للعولمة في سيسكو سيستمز الهند إنه رغم الدروس القيمة المستفادة من الاقتصادات الراسخة، فإن الخصائص السكانية الاقتصادية الكلية الشاملة في الاقتصادات الناشئة سوف تسهم في زيادة اعتماد مبادرات المدن الذكية، فهنالك بلدان مثل السعودية والهند وإندونيسيا والمكسيك تضم شريحة سكانية أصغر سنا وأكثر استيعابا وتقبلا للابتكار التقني مقابل شريحة سكانية أكبر عددا وسنا في أوروبا.

وفي شأن آخر أكد محمد القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء في دولة الإمارات رئيس اللجنة المنظمة لقمة مجالس الأجندة العالمية 2014. على الدور الكبير الذي يلعبه الشباب الإماراتي بالمساهمة في مناقشة القضايا العالمية، ومشاركة رواد الفكر العالمي الحوار لإيجاد حلول مناسبة لها، وبما يسهم في تحقيق التطور والتنمية المستدامة للمجتمع الدولي بأسره.

وتأتي هذه الخطوة بهدف تعزيز تبادل المعارف والاستفادة من الخبرات العالمية وتوسيع آفاق الحوار حول القضايا العالمية، ومنح الشباب الإماراتي الفرصة ليكونوا جزءا من الحلول المقدمة للارتقاء بعمل الحكومات حول العالم.

وأشار القرقاوي إلى أن مشاركة الشباب الإماراتي في هذا الحدث العالمي تجسيد عملي لرؤية قيادة البلاد التي تهتم بالشباب وتؤمن بقدراتهم وتحرص على الاستفادة من طاقاتهم وتوظيفها على الوجه الأمثل بما يصب في خدمة المجتمع ويسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية بعيدة المدى.