عقبات تقلص من وتيرة غارات الحملة الجوية ضد «داعش»

بسبب محدودية المعلومات الاستخبارية وسوء الأحوال الجوية والجيش العراقي الذي يبدأ أولى خطواته

TT

بعد مرور 3 أشهر على بداية الحملة الجوية بقيادة الولايات المتحدة في العراق وسوريا، يتواجه القادة العسكريون بعقبات مثل الاستخبارات المتقطعة، وسوء الأحوال الجوية، والجيش العراقي الذي يبدأ أولى خطواته الآن في الهجوم على تنظيم داعش، مما يعني محدودية الأهداف التي تعمل الطائرات الحربية على استهدافها هناك.

وقد أصابت الضربات الجوية التي نفذت في نهاية الأسبوع مثل تلك الأهداف المحدودة: قافلة من 10 شاحنات مسلحة تابعة لتنظيم داعش، والمعروف أيضا اختصارا (ISIS) أو (ISIL)، بالقرب من مدينة الموصل، وكذلك بعض المركبات ونقطتي تفتيش على مقربة من الحدود السورية. وأفادت التقارير الإخبارية الواردة من العراق بتعرض أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش، للإصابة في إحدى تلك الغارات، غير أن المسؤولين الأميركيين صرحوا يوم الأحد أنهم ما زالوا قيد تقييم وضعية الرجل.

وفي العراق، تباطأت وتيرة عمليات الحرب الجوية إثر مشاركة قوات الجيش العراقي في الهجوم مع قوات البيشمركة الكردية. ومع الهجمات القليلة نسبيا الهادفة إلى طرد المتشددين، تراجع الكثير من مقاتلي تنظيم داعش لحماية أنفسهم من الهجمات.

وتبحث غالبية عمليات القصف، بما في ذلك تلك التي وقعت في عطلة نهاية الأسبوع بالقرب من الموصل، ثاني أكبر مدينة عراقية، في الوقت الحالي عن أهداف مرئية، مثل نقاط التفتيش، وقطع المدفعية والمركبات القتالية المتروكة في العراء. ولكن تقوم واحدة فقط من كل 4 مهام للقصف – وهي نحو 800 إلى 3200 مهمة – بإلقاء حمولتها من القنابل، وذلك وفقا للقيادة المركزية للقوات العسكرية.

وفي سوريا، تعتبر جهود الولايات المتحدة في جمع المعلومات الاستخبارية محدودة للغاية ولا تساعد في الوقوف على الأهداف المطلوب التعامل معها. ولقد تعرضت الكثير من المجمعات التدريبية ومقرات القيادة ومرافق التخزين التابعة لتنظيم داعش إلى القصف في الأيام الأولى للحملة الجوية، ولكن العملية العسكرية المتأنية من حيث المصادقة على الأهداف الأخرى قد أصابت القادة بالإحباط.

لا تقوم القوات الخاصة الأميركية بشن أي هجمات على معسكرات المتشددين أو المنازل الآمنة التابعة لهم سواء في العراق أو سوريا، وكانت مثل تلك العمليات في أفغانستان أو في حرب العراق الأخيرة توفر الكثير من المعلومات الاستخبارية لتنفيذ المزيد من المهام.

هذا وقد تقلصت العمليات الجوية كذلك إثر مخاوف حقيقية من وقوع إصابات بين المدنيين، وعلى وجه الخصوص في غربي العراق. ويخشى القادة أن تؤدي تلك الإصابات إلى تحييد رجال العشائر السنية، الذين يعتبر دعمهم حيويا للغاية في طرد المتشددين من تنظيم داعش، فضلا عن الدول العربية السنية التي هي جزء من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. والتحدي الآخر الذي يواجه تلك العمليات الجوية هو حالة الطقس، حيث أعاقت العواصف الرملية تنفيذ الكثير من مهام الاستطلاع المقررة لتحديد أهداف القصف.

ويأتي قرار الرئيس أوباما الأخير من حيث مضاعفة عدد المدربين والمستشارين الأميركيين المبتعثين إلى العراق إلى 3000 فرد، وطلب أكثر من 5 مليارات دولار من الكونغرس الأميركي لتغطية العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش كاعتراف قوي بالتحديات التي تواجه خوض حرب محدودة. وتتزايد حدة تلك التحديات من حيث حاجة حلفاء واشنطن على الأرض في العراق وسوريا للمزيد من التدريبات لمواجهة الخصم الكبير مما يوفر مجالا ضئيلا للاستهداف الواضح.

وصرح الرئيس أوباما في مقابلة أجريت معه يوم الأحد بأنه قد اتخذ قراره، المعلن يوم الجمعة، من أجل تسريع وتيرة المهمة من خلال اتخاذ مجموعة من الخطوات الجديدة، والمتزايدة، في اتجاه المشاركة الفعالة.

حيث صرح لشبكة «سي بي إس» بأن «ذلك لا يعني إلا الدخول في مرحلة جديدة. ما نعرفه أن المرحلة الأولى كانت تشكيل حكومة عراقية شمولية وذات مصداقية، ولقد أنجزنا ذلك بالفعل. ولذلك، فإن ما حققناه كان أكثر من مجرد تجميد الزخم الذي يشكله تنظيم داعش، ونتمركز حاليا في وضع يسمح لنا بشن المزيد من الهجمات. ولقد كانت الضربات الجوية فعالة للغاية في تقويض قدرات ذلك التنظيم وتأخير التقدم الذي أحرزوه. وما نحتاج إليه حاليا هو القوات البرية، قوات الجيش العراقي، والتي سوف تبدأ في طرد المتشددين إلى الخلف».

ووصف منتقدو الحملة الجوية بأن المصادقة على ضرب الأهداف المرئية ما هي إلا عملية مرهقة للغاية، ويقولون إن هناك طائرات قليلة للغاية تقوم بتنفيذ مهام قليلة للغاية وتحت قيود كثيرة للغاية. وبالنسبة لبعض قدامى المحاربين في الحروب الجوية السابقة، فإن الحملة الحالية فشلت في تطبيق الضغط الساحق المطلوب لتلبية أهداف السيد أوباما من تقويض ثم التدمير التام للمنظمة الإرهابية.

يقول الجنرال ديفيد إيه ديبتولا، وهو جنرال طيار متقاعد من حملة النجوم الثلاثية وممن خططوا للحملة الجوية الأميركية في عام 2001 في أفغانستان وفي حرب الخليج في عام 1991 «يجب تطبيق القوة الجوية مثل العاصفة الرعدية، وحتى الآن لم نشهد إلا رذاذا».

يبلغ متوسط الحملة الجوية 5 غارات في اليوم الواحد فوق كل من العراق وسوريا. وعلى العكس من ذلك، نفذت حملة حلف شمال الأطلسي الجوية فوق ليبيا في عام 2011 نحو 50 غارة جوية في اليوم خلال أول شهرين من الحملة. وبلغ متوسط الحملات الجوية في أفغانستان في عام 2001 نحو 85 غارة جوية في اليوم، ووصلت الغارات الجوية خلال حرب العراق في عام 2003 إلى 800 غارة في اليوم، وفقا إلى مركز الدراسات الاستراتيجية وتقديرات الميزانية. يقول المسؤولون الأميركيون إن الاستهداف صار أكثر دقة عن الحملات السابقة، ولذلك فليست هناك حاجة إلى تنفيذ المزيد من الطلعات الجوية.

ولليقين، فإن تلك الحملة الجوية كانت قد حققت الكثير من النجاحات. حيث أعاقت تقدم مقاتلي تنظيم داعش في غالبية المناطق عن طريق إجبارهم على التفرق وإخفاء أنفسهم. شنت الطائرات الحربية غاراتها على مصافي النفط، ومستودعات الأسلحة، ومخابئ القيادة، ومراكز الاتصالات في سوريا كجزء من خطة عرقلة قدرات تنظيم داعش على المحافظة على عملياته في العراق، ولإعاقة إمكانية كبار قادة التنظيم على التواصل فيما بينهم.

وكلفت العمليات الشاملة ضد تنظيم داعش، خلال منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول)، وزارة الدفاع الأميركية أكثر من 8 ملايين دولار في اليوم، أو نحو 580 مليون دولار منذ بدء الغارات الجوية في العراق في الثامن من شهر أغسطس (آب). ولكن كبار الضباط الأميركيين يعترفون بمحدودية القوة الجوية، ويقولون إن الحملة توفر فرصة لالتقاط الأنفاس لبناء القوات البرية العراقية والسورية أكثر منها جهد شامل لتدمير تنظيم داعش من السماء.

* «نيويورك تايمز»