كأس الخليج.. مهد ميلاد النجوم ومقصلة المدربين

مسيراتها التاريخية طوال الـ40 عاما الماضية شهدت ضجيجا إعلاميا لا ينسى

رايكارد.. تم إبعاده عن تدريب الأخضر بسبب هذه البطولة - زاغالو .. أشهر مدرب تم إعفاؤه من تدريب المنتخب السعودي في بطولات الخليج
TT

تنطلق بطولة الخليج للمنتخبات غدا الخميس رغم ما يعتريها من أصوات تطالب بإلغاء البطولة التي تدخل عامها الـ44 عندما تستضيف العاصمة السعودية الرياض البطولة في نسختها الـ22 للمرة الرابعة في تاريخ السعودية.

اختلافات تحضر ونقاشات تتجدد عن جدوى استمرارها في السنوات الأخيرة، نجوم هذه البطولة السابقين بعضهم ركب موجة المطالبين بالإلغاء بدعوى أن زمن هذه البطولة انتهى ولم يعد له جدوى بعد أن باتت عبئا على الدوريات الخليجية وأنديتها التي تضطر للإيقاف الطويل للمنافسات المحلية التي قد تمتد قرابة الشهر كما هو حال الدوري السعودي الآن.

عاشقو هذه البطولة وأنصارها يرفضون الحديث عن إلغائها والقول إن زمنها انتهى ولم يعد له قبول بين الأوساط الخليجية، فهي حلاوة كل البطولات وأحد روافد النجاح لكرة القدم في المنطقة فالبطولة الخليجية في وجهة نظرهم هي مهد ميلاد النجوم الذين خلدوا أسماءهم بصفحات من ذهب وكانت البداية والانطلاقة لهم عبر بوابة كأس الخليج.

بطولة الخليج هي مزيج من الرياضة والسياسة، هي رابط لأبناء هذا الخليج العربي ، هي الوحدة والترابط والدم الواحد، رسالتها أكبر من كرة قدم وهدفها وحدة الصف واقتراب الأبناء الخليجيين من خلال هذه المحافل والتجمعات التي تطل برأسها كل عامين منذ انطلاقتها في 1970.

وتعود فكرة هذه البطولة للأمير السعودي خالد الفيصل الرجل الذي منح الضوء الأخضر لفكرته، وسعى خلفها حتى تحولت لحقيقة على أرض الواقع ، وامتدت لفترة زمنية طويلة، حيث شهدت ملاعبها ولادة عمالقة نجوم الخليج وأساطيره، وأصبحت وجبة دسمة للشارع الرياضي الخليجي.

الأمير خالد الفيصل كان يطرح فكرته «إقامة دورة الخليج» في أكثر من مناسبة للمقربين منه، وفي إحدى المناسبات قام بالتصريح بهذه الفكرة التي لاقت استحسان جميع الحاضرين ليقوم بعد ذلك بعرضها على الملك فيصل بن عبد العزيز الذي وافق على ذلك، بعدها قام الوفد البحريني المشارك في أولمبياد مكسيكو 1968 بعرض الفكرة على رئيس الاتحاد الدولي «فيفا» الإنجليزي ستانلي روس حيث نالت إعجابه ورحب بالفكرة وأبدى دعمه تجاهها.

بعد عودة الوفد البحريني عقد اجتماعا تم من خلاله وضع الخطوط العريضة للبطولة ولم تمض سوى فترة قصيرة حتى رأت هذه الفكرة النور بمشاركة 4 منتخبات خليجية (السعودية والبحرين والكويت وقطر) وفي 1970 أقيمت أول بطولة لكأس الخليج للمنتخبات في البحرين لتتحول الأمنية لواقع والحلم لحقيقة.

مضت السنوات وزادت أعداد المنتخبات المشاركة في البطولة حتى وصلت للشكل الذي تقف عليه اليوم بمشاركة كل المنتخبات الخليجية (السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات وعمان وإلى جانبها العراق واليمن) والأخيرة بدأت المشاركة منذ البطولة 16 التي أقيمت في الكويت، وكانت العراق غابت لسنوات طويلة عن البطولة بدأت منذ 1990 حتى 2004 لأسباب سياسية اقتضت ابتعاد العراق عن الوجود في المحفل الخليجي.

أمام كل هذه المناوءات والمطالبات بالإلغاء تظل بطولة كأس الخليج محط انتظار ومتابعة من كل الأوساط الرياضية الخليجية التي تحضر بمشاركة لاعبيها الأساسين بحثا عن تحقيق اللقب وسعي جاد للعودة لمنصات التتويج، فهي رغم كل هذه الأحاديث تظل مهد ميلاد النجوم في المنتخبات الخليجية إضافة إلى أنها ما زالت مقصلة المدربين بعد فشلهم في تحقيق البطولة وكان آخرهم الهولندي فرانك ريكارد مدرب المنتخب السعودي الذي تمت إقالته على خلفية إخفاق الأخضر في النسخة الماضية التي أقيمت في البحرين.

ولعل من يبحث في مسيرة بطولات كأس الخليج منذ انطلاقتها عام 1970 وحتى اللحظة سيدرك أن عشرات المدربين حضروا فيها وتركوها بإقالات لا تنسى وطرد من أرض الميدان كما حصل مع البرازيلي الشهير وعميد المدربين في أرض السامبا ماريو زاغالو الذي كان يدرب المنتخب السعودي عام 1984 في نسخة خليجي 7 التي جرت في مسقط حيث تم إعفاؤه بقرار شهير من الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم على خلفية النتائج المتواضعة التي حققها الأخضر في تلك النسخة خاصة بعد رباعية المنتخب العراقي التي لا تنسى ليضطر المسؤولون السعوديون إلى الاستعانة بمدرب لا يزال في بداياته التدريبية لكنه في حينها صنع اسما كبيرا له على صعيد منطقة الخليج وهو خليل الزياني الذي كان وقتها مديرا فنيا لفريق الاتفاق الفائز حديثا وقتها بكأس أندية الخليج على حساب فريق العربي الكويتي أحد أشهر وأقوى فرق المنطقة حينها حيث كان مدعما بأبرز نجوم الكرة الكويتية في تلك الفترة.

لم يقتصر الأمر على زاغالو بل امتد إلى مدربين كبار تم الاستغناء عنهم في هذه البطولة على مدى التاريخ ومن بينهم بالتأكيد البرتغالي فينغادا والهولندي رايكارد والبرازيلي باكيتا والسعودي ناصر الجوهر.

كأس الخليج ليست مقبرة للمدربين فقط بل سوط عقاب للاعبين على مستوى المنطقة فالتاريخ يشهد أن أبرز نجوم الكرة السعودية أمثال سعيد غراب تعرضوا لعقوبات رادعة عام 1970 حينما خسر الأخضر في أول بطولة خليجية في البحرين ومعه في ذلك نحو 4 لاعبين وتفاوتت العقوبات بين إيقاف عام إلى شطب مدى الحياة ولم تتوقف هذه العقوبات على لاعبي هذا الجيل بل امتدت إلى جيل آخر عام 1992 في العاصمة القطرية الدوحة والتي خسر فيها المنتخب السعودي فرصة الفوز باللقب للمرة الـ11 على التوالي ليضطر المسؤولون أثناء البطولة إلى إيقاف شهير لنجمي الكرة السعودية يوسف الثنيان وفهد الهريفي امتد لأكثر من عامين فضلا عن حرمانهم من اللعب للأخضر لأكثر من عام قبل أن يعودا بقرار عفو من رعاية الشباب.

هذه النوعية من القرارات طالت لاعبي الكويت عام 1994 في أبوظبي حينما تم إيقاف نحو 6 لاعبين لخروجهم لأسباب انضباطية كما تم استبعاد محمد نور لاعب المنتخب السعودي في عام 2004 من كأس الخليج في الدوحة بقرار إداري روج كثيرا على أنه قرار فني لسنوات طويلة من قبل المسؤولين في الاتحاد السعودي لكرة القدم في تلك الفترة قبل أن تنكشف الحقيقة من قبل المدير الفني الأرجنتيني كالديرون الذي كان يتحاشى ضم محمد نور في أوج عطائه الفني طوال عامي 2004 و2005.

ولا تقتصر البطولة فقط على العقوبات الرادعة التي تلاحق اللاعبين بل تمتد إلى أنها أشبه بشهادات ميلاد لنجوم الكرة الخليجية على مستوى كل المنتخبات فهي من أبرزت ناصر الجوهر وخالد التركي وصالح النعيمة وماجد عبد الله وفهد المصيبيح ومحمد عبد الجواد وعبد الرحمن الروحي وسعيد العويران من السعودية وجاسم يعقوب وفيصل الدخيل وحمد بوحمد وعبد الله معيوف وفتحي كميل وناصر الغانم من الكويت وفؤاد بوشقر وحمود سلطان وفياض محمود ومحمد حسين من البحرين وعدنان الطلياني وفهد خميس وناصر خميس من الإمارات وغلام خميس وناصر خميس وهاني الضابط وعلي الحبسي من عمان وحسين سعيد وعدنان درجال وأحمد راضي وغانم عريبي وراضي شنيشل من العراق ومنصور مفتاح وخالد سلمان وإبراهيم خلفان ومحمود صوفي ومبارك مصطفى من قطر والعشرات من اللاعبين في كل المنتخبات المشاركة الذين رسموا صورا من الإبداع والتألق في سماء الخليج طوال الـ40 عاما الماضية.