وزير المالية السعودي: المملكة لها ما تقدمه لمجموعة الـ20 فيما يتعلق بالإجراءات الضريبية

العساف أكد أن بلاده عززت وضع المالية العامة وخفضت نسبة الدين إلى أقل من 3 %

وزير المالية السعودي خلال افتتاح المؤتمر السنوي الخامس للمنتدى الضريبي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالرياض أمس (تصوير: خالد الخميس)
TT

كشف وزير المالية السعودية عن أن نظام جباية الزكاة في المملكة على وشك إقراره من قبل مجلس الوزراء، مؤكدا أنه سيكون نظاما يحتذى به من قبل الدول الإسلامية، مشيرا إلى أن بلاده ستكون حاضرة بقوة في قمة دول مجموعة الـ20 لتقديم تجربتها في تطبيقات هذا النظام. وقال الدكتور إبراهيم العساف، وزير المالية، في رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» على هامش مؤتمر المنتدى الضريبي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الرياض، أمس: «إن السعودية لها ما تقدمه لمجموعة الـ20 فيما يتعلق بالإجراءات الضريبية والمساعدة في التخلص من الملاجئ الضريبية أي الأماكن التي يلجأ لها بعض المستثمرين للتخلص من دفع الضريبة».

وأضاف وزير المالية: «إن استضافة السعودية لمؤتمر المنتدى الضريبي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يعد فرصة لاطلاع العالم عن النظام الضريبي وجباية الزكاة، إذ إن المملكة هي الوحيدة في دول العالم التي تهتم بتحصيل الزكاة رسميا من قطاع الأعمال وتجربتنا رائدة في هذا المجال».

وعد العساف تجربة السعودية هي الوحيدة من نوعها في هذا المجال، مبينا أن أهمية هذا المؤتمر تنبع من كونه يقيم الأنظمة والتشريعات والموضوعات التي ستطرح فيه، بغية الوصول إلى أفضل السبل والإجراءات لإدارة الأنظمة الضريبية في الدول المختلفة.

وأكد أن النظام الضريبة في السعودية، من أفضل الأنظمة في العالم، مبينا أنه حديث، غير أنه يرى أن الأهم من النظام الضريبي هو تجربة بلاده، في جباية الزكاة، مشيرا إلى تطبيقها نظام جباية الزكاة في عروض التجارة رسميا، مشيرا إلى أنه الآن معروض على مجلس الشورى ومجلس الوزراء، متوقعا إقراره قريبا.

وفيما يتعلق بتطبيق نظام «الفاتكا»، قال العساف: «إن هذا النظام هو في الأصل أميركي، وبالتالي فإن تطبيقه يعود إلى الولايات المتحدة، ولكن الدول تعمل اتفاقيات مع أميركا لإجراءات التطبيق هذا النظام»، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة أعلنت عن تطبيق هذا النظام مطلع العام الميلادي الجديد في 1 يناير (كانون الثاني) 2015.

وتفاءل وزير المالية في كلمته في المنتدى الضريبي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي انطلق أمس بالرياض، بما حققه الاقتصاد السعودي، من نمو قوي في السنوات الأخيرة خاصة في القطاع غير النفطي، مشيرا إلى استمرار سياسة بلاده في إعطاء الأولوية للإنفاق على قطاعات التنمية البشرية والبنية التحتية لتنويع الاقتصاد وإيجاد فرص العمل للمواطنين.

وقال العساف: «إن السعودية، تمكنت من تعزيز وضع المالية العامة من خلال بناء الاحتياطيات وتخفيض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي حتى وصلت إلى أقل من 3 في المائة»، مشيرا إلى أن السعودية أحرزت تقدما ملحوظا في بناء مؤسسات مالية تتمتع بالمتانة والمرونة.

وأكد استمرارية بلاده في اتباع السياسات الاقتصادية وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي من شأنها تعزيز النمو القوي، وتشجيع التنوع الاقتصادي، ورفع معدلات التوظيف والمشاركة للمواطنين، ودفع مسيرة التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن تلك السياسات المدعومة بمرونة السياسة الضريبية في تبوؤ بلاده، مركزا متقدما في جاذبية الاستثمار الأجنبي. ولفت وزير المالية إلى أن نظام ضريبة الدخل في السعودية، خضع مؤخرا لمراجعة شاملة، وصدر النظام في صيغته الجديدة عاكسا المستجدات الاقتصادية ومواكبا أفضل الممارسات العالمية من حيث الشمولية والشفافية والوضوح مع مراعاة سهولة التطبيق واعتدال نسب الضريبة.

ونوه بأن نظام جباية الزكاة يخضع لمراجعة شاملة، لتحديثه، مؤكدا حرص بلاده على التطوير المستمر للإدارة الضريبية، فضلا عن حرصها على تعزيز التعاون في المجال الضريبي مع الدول الأخرى، ومنها عقد الكثير من اتفاقيات تفادي الازدواج الضريبي، والتعاون في مجال تبادل المعلومات والخبرات. ولفت العساف إلى أن هناك 56 اتفاقية ضريبية للسعودية مع الدول الأخرى، منها 36 موقعة، و20 منها في انتظار التوقيع عليها، مشيرا إلى أن هناك عددا آخر التفاوض جارٍ بشأنه، متوقعا أن يجد هذا المؤتمر معالجات للقضايا المتعلقة بالسياسات الضريبية وتحدياتها.

ونوه وزير المالية السعودي بوجود تحديات تتمثل في تآكل الأوعية الضريبية وترحيل الأرباح، مما يهدد بشكل كبير الإيرادات والعدالة الضريبية في الدول كافة سواء المتقدمة أو النامية.

وأقر بالحاجة الماسة لمواكبة الأنظمة والإجراءات الضريبية المستجدات وتطورات ثورة الاتصالات وتقنية المعلومات، الهادفة إلى العدالة في دفع الضرائب بالحد من التنقل بين الدول بغية تقليل الضرائب واستقرار النظام الضريبي الدولي، على حد تعبيره. ولفت العساف إلى أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومجموعة الـ20 أعدت خطة عمل لمواجهة هذه التحديات، وشكلت فرق عمل ولجان فنية تعمل على هذه الخطة، مشيرا إلى مشاركة السعودية في عدد منها. وأكد أن السعودية تشدد على ضرورة أن تأخذ أي معالجات مقترحة ظروف الدول وإمكانياتها الفنية والبشرية وإلا يترتب عليها أو على المستثمرين تكاليف وأعباء إضافية وغير مبررة.

وتوقع وزير المالية أن تسهم مداولات وتوصيات هذا المؤتمر، في التصدي للتحديات في مجال الضرائب وإجراءاتها، وأن يكون فرصة لتبادل الخبرات والتجارب بما يعود بالنفع على المشاركين كافة، واطلاعهم على تجربة السعودية في مجال الأنظمة الضريبية والممارسات العملية.

من جهته، قال إبراهيم المفلح، مدير عام مصلحة الزكاة والدخل لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نحو 30 اتفاقية لتفادي الازدواج الضريبي من أصل 36 اتفاقية موقعة، بدأ تنفيذها فعليا، حيث أخذت مصلحة الزكاة تتعامل مع رجال الأعمال السعوديين والأجانب للاستفادة من المزايا هذه الاتفاقيات».

ولفت إلى أن هناك 20 اتفاقية من أصل 56 اتفاقية في مجال تفادي الازدواج الضريبي تنتظر فقط التوقيع عليها، مبينا أنها أقرت وجاهزة للتنفيذ، مبينا أن هذا المؤتمر، عالج قضايا مهمة جدا على مستوى العالم تتعلق بالضرائب، مشيرا إلى أن موضوع التهرب الضريبي، أكبر اهتمام يشغل دول مجموعة الـ20 في قمتها الحالية.

وأضاف المفلح: «بالنسبة الـ36 اتفاقية الموقعة، من المهم أن يعرف الشركاء الرئيسيون المهمون بالنسبة للسعودية سواء في مجال التجارة والاستثمار، أن هذه الاتفاقيات تمنح رجال الأعمال السعوديين وكذلك المستثمرون من خارج المملكة فرصة الاستفادة من اتفاقيات تفادي الازدواج الضريبي».

وأما فيما يتعلق بتطبيق نظام «الفاتكا» في السعودية، أوضح المفلح، أنه نظام ضريبي أميركي يخص الرعايا الأميركيين، مبينا أن هناك عدة نماذج لـ«الفاتكا»، مبينا أن أي دولة تختار الأنموذج الذي يناسبها. ولفت إلى أن دور المصلحة دور تنسيقي وتعاوني مع بعض الجهات المعنية لمؤسسة النقد العربي السعودي، وهيئة سوق المال للحصول على المعلومات وإرسالها إلى مصلحة الضرائب الأميركية.

وأما فيما يتعلق بحجم دخل مصلحة الزكاة والدخل ونمو إيراداتها قال المفلح: «لا نزال في عام 2014 فهو لم ينتهِ بعد، ولكن نقدر إيرادات المصلحة في حدود 25 مليار ريال (6.6 مليار دولار) كزكاة وضريبة، والنمو في الأعوام الستة الماضية، يتراوح ما بين 15 و20 في المائة».

وعلى صعيد آخر، أكد المفلح، أن الاختلاف الضريبي ساعد على الغش الضريبي، مبينا أن هذه قضية تطرح في قمة مجموعة الـ20 وهي تآكل الأوعية الضريبية، معزيا أسبابها لوجود ثغرات في اتفاقيات ثنائية، تتعلق بتفادي الازدواج الضريبي. وقال المفلح: «إن هناك من يحاول استغلال بعض الثغرات الموجودة في الأنظمة الضريبية في بعض الاتفاقيات الثنائية للاستفادة من التهرب أو تجنب الضرائب، من قبل أطراف كمستثمرين من دولة ثالثة للدولة المعنية مصدر الدخل من دولة أخرى وهي عملية معقدة»، مشيرا إلى أن البحث يجري حاليا لمعالجة هذا الوضع.

من جانبه، أكد مارك مودي، الرئيس الفخري للمركز الدولي للضريبة والاستثمار، في كلمته في هذا المؤتمر، أن القضايا ضريبية تهم دول المنطقة، كمبادرات السياسة الضريبية العالمية، مشيرا إلى أن تآكل الوعاء الضريبي تهم القطاع المتعلق باستخراج الموارد الطبيعية.

ولفت إلى أن الأبحاث والنتائج التي يتوصل إليها المركز تتلقى اهتماما وتخضع لمناقشات متعمقة في نحو 85 دولة حول العالم، يتطلع خلالها عدد من وزراء المالية ومسؤولي الضرائب إلى ما يقدمه المركز من استشارات موضوعية في مسائل الضريبة.

يشار إلى أن المؤتمر السنوي الخامس للمنتدى الضريبي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي تنظمه مصلحة الزكاة والدخل والمركز الدولي للضرائب والاستثمار، انطلقت أعماله في الرياض أمس (الثلاثاء)، وتستمر على مدى 3 أيام بمشاركة 115 خبيرا ومختصا في مجال الضريبة.

ويستعرض استراتيجيات وحلول لدول المنطقة في الاستجابة للمبادرات السياسية العالمية في مجال الضريبية، إضافة إلى التطورات الجديدة في فرض الضريبة على قطاع الصناعات الاستخراجية.